قد وفد الوالد الكريم، والقائد النبيل، والحاكم الصالح، على ربه مساء يوم الجمعة الموافق 3/4/1436ه، وحل ضيفا في أول منازل الحياة الآخرة، وشعبه الوفي يلفه الحزن، ويعتصره الألم على فراقه، بل كان فقده فاجعة كبيرة، لكن كانوا كلهم ثقة بخالقهم الرحمن الرحيم، في أن يكرم وفادته، وينزله منازل الشهداء والصديقين، وألسنتهم تلهج بالدعاء يا ربنا أكرمه فإنه كان كريما، ويا حي يا قيوم لا تخزه فإنه كان صادقا عادلا وفيا، ويا ربنا ارفع ذكره فإنه كان رافعا لذكرك ناشرا له مدافعا عنه، ويا الله أحسن إليه واعف عنه فإنه كان يحسن إلينا ويعفو عنا، ربنا آمنه من الفزع الأكبر فإنه وفر الأمن لنا، ويا ربنا لا تشقق عليه فإنه كان لا يشق علينا، ربنا لا تحجبه عن الجنة فإنه كان لا يحتجب عنا، رحمك الله يا أبا متعب. فقد فقدت الأمة العربية والإسلامية بموتك قائدا عبقريا، وسياسيا محنكا، وشجاعا حكيما، كان كالطود الأشم يدافع عن قضاياها بحكمة وشجاعة، لا تعرف المداهنة، فأفعالك كالنهار وهل يحتاج النهار إلى دليل؟. ندبتك الإنسانية جمعاء فأنت ملك الإنسانية، فكم دمعة مسحتها بحنانك، وكم مريض أسعدته بمؤازرتك، وكم منكوب أعنته، وكم ملهوف أغثته، وكم محتاج رفعت حاجته، فأنت كنت أبا للجميع. غادرت الدنيا لكن لم ولن تغادر القلوب، لأن إنجازاتك العظيمة باقية، ومواقفك النبيلة حاضرة، وسمو نفسك مع تواضعك الجم ماثلا أمام الأعين، وكلماتك النبراس مازال صداها في أسماعنا، فالتاريخ شاهد لك لا عليك، وسيحفظ لك ذلك. معذرة يا ملك القلوب، فأنت وإن رحلت عنا، فقد حمل اللواء بعدك سلمان الوفاء، فأنتما من شجرة مباركة وارفة الظلال، سامقة في السماء - عزة ورفعة وعطاء - متجذرة في أرض العطاء بالخير والنماء، وهذا ما يهون علينا مصابنا، ويجعلنا نرنو إلى المستقبل بعزم وحزم، وتفاؤل وعمل جاد، فأهلا بكم سلمان الوفاء، قائدا مباركا، ورائدا هماما، حملت اللواء بجدارة، وعقدت العزم على صناعة المستقبل، وفق المنهج القويم، فسر بنا إلى مدارج العلا رعاك الله، ولسان شعبك يقول: نحن معك قد بايعناك على السمع والطاعة في المنشط والمكره. حفظك الله يا خادم الحرمين الشريفين ووفقك وسدد خطاك، وأعانك بولي عهدك الأمير مقرن بن عبدالعزيز وولي ولي العهد الأمير محمد بن نايف وحكومتك الرشيدة حفظهم الله وسددهم ووفقهم إلى كل خير. أما أنت أيها الشعب النبيل، فقد صنت العهد ووفيت بالوعد والتففت حول قيادتك، فعلينا مواصلة هذه المسيرة بعزم المخلصين، وثقة المتفائلين، ونكون يدا واحدة مع قيادتنا لنبلغ المكانة السامية التي أرادها الله لنا، بارك الله فيك وحفظك من كل سوء، وحفظ قادتنا فهم كلهم سادة إذا غاب سيد قام سيد. * مدير عام التربية والتعليم بمنطقة مكةالمكرمة سابقا