عبدالمحسن الحربي شارك من خلال تويتر فيسبوك جوجل بلس اكتب رأيك حفظ يحدثنا على الطنطاوي عن أثر المعلم في شخص المتعلم، عندما يكون هذا المعلم مفردا علما في علمه وتعليمه ومحبوبا في نفس المتعلم وقلبه: «لما كنت أدرس في بغداد أقيمت حفلة سمر في آخر سنة 1936م، فسأل الطلاب مدرسيهم على عادة اعتادوها: هل يأذنون لهم أن يقلدوهم؟ فكان منهم من أذن، ومنهم من أبى، وكنت فيمن أذن، فقام طالب يقلدني بزعم ولكن قلد شيخنا المبارك، فقلت: ويحك هذا شيخنا المبارك، وإذا بالطلاب يصيحون في الأركان الأربعة: بل هذا أنت.. هذا أنت. وإذا أنا لطول ما حاكيت الشيخ قد صرت مثله.. أعني مثله في لهجته ونغمته، لا في علمه ولغته، أين أنا من علم الشيخ؟). ما ورد بالأعلى ليست دعوة إلى إصدار نسخ مكررة من المعلمين بقدر ما هي دعوة إلى تجذير العلاقة بين المعلم والمتعلم، ودعم المعلم حتى يكون في نظر طلابه قامة سامقة وأنموذجا رائعا في العلم والفهم وثقة بهذا المعلم في تمكنه من الفن الذي يدرسه. عندما تكون العلاقة فاترة بين المعلم والمتعلم ويسودها الترقب والشك المتبادل، سواء في تقديره أو في مقدرته على أداء دوره؛ عندها تكون المخرجات هزيلة والأوقات التي يقضونها في على مقاعد الدرس هباء. متى ما كان المعلم في نظر الطالب شخصية يطمح لقضاء وقت أطول في التعلم بين يديه، وأنموذجا يرغب في الاقتداء به عندها نخطو في الطريق الصحيح لتعليم يقفز بالوطن نحو الريادة. لن تمر عليك سير الأعلام والزعماء والساسة ورجال العلم والأدب إلا وتجد فيها ذكرا للمعلم وبيانا لقيمة من القيم التي غرسها هذا العلم. قبل سنوات أتذكر أستاذا في الجامعة قدم سؤالا لطلابه: هناك معلم في حياتك لا يمكن لك أن تنساه، له بصمة لا تمحي، وأثر بالغ وعميق في شخصيتك، هو الأستاذ الأول، أثر في شخصيك وشكل فيك أشياء مهمة، اكتشف هذا المعلم ثم حدثنا عنه، فكانت إجابات الطلاب مادة ثرية وجميلة عن هذا الإنسان الفذ الذي لم تمحه الأيام من الذاكرة ولن تفعل، وأحمد أمين الأديب صاحب المدونات الشهيرة فجر الإسلام وضحاه يحدثنا عن هذا المعلم قائلا: «كنت خامدا فأيقظني، وأعمى فبصرني، وعبدا للتقاليد فحررني، وتعلمت منه الدنيا التي ليست في الكتب».