منذ ما يزيد على 40 عاما وهناك جهود مبذولة لإنشاء حدائق للحيوانات في جدة ثم في الطائف وربما في مدن أو محافظات أخرى، ولكن جميع تلك المشاريع انتهت نهاية مأساوية من حيث وضع الحيوانات الموجودة في الحديقة ومن حيث نظافة طرقاتها ومرافقها، حتى بعد تسليم الحدائق المنشأة لمستثمر يقوم بإدارتها وتشغيلها مقابل مبلغ سنوي يدفعه للأمانات مستفيدا من رسوم دخول الحديقة وتأجير مرافقها من الباطن على أصحاب محلات صغيرة لبيع الوجبات الخفيفة أو الهدايا والألعاب، وأذكر أنه كان في جدة قبل عدة عقود حديقة صغيرة للحيوانات تابعة لبلدية جدة قبل تحولها إلى أمانة ولكن تلك الحديقة ما لبثت أن أغلقت بعد أن ساءت أحوالها وأحوال ما فيها من حيوانات وأصبح من يدخلها يشم روائح كريهة منبثقة عن الحيوانات المريضة ناهيك عن مرافقها الأساسية من دورات مياه واستراحات وطرقات وأشجار ذابلة وصور بائسة. وفي الطائف أنشئت حديقة كبيرة للحيوانات وكانت بدايتها جيدة ومساحتها واسعة ولكن الاهمال وضعف الاقبال وعدم العناية بالحيوانات التي فيها جعلها في أسوأ الأحوال وقد زرتها من قبل نحو عام فهالني ما ينبعث من حظائر الحيوانات من روائح كريهة وأن بعض كلابها وذئابها مصابة «بالقراد» وهو حشرة تعيش على دماء الحيوانات ويمكنها أن تطير وتهبط في رأس طفل أو امرأة من الزوار، ولذلك سحبت من كان معي بسرعة وخرجنا من الحديقة قبل إكمال الجولة مع أننا دفعنا عشرة ريالات رسوما لدخول كل فرد من أفراد الأسرة، وقد لاحظت أن بعض لوحات الحديقة تشير وترشد إلى حيوانات مفترسة كالأسد والنمر والفهد ولكن عند الوقوف على أقفاصها تكون خالية من الحيوانات، فلعلها كانت موجودة ثم نفقت بسبب عدم العناية والإصابة بالأمراض القاتلة والمعدية وقد أعادني إلى ما جاء في هذه السطور خبر قرأته عن وجود مشروع كبير وحيوي لإنشاء حديقة عالمية للحيوانات بمحافظة جدة تزيد الكورنيش الجنوبي المنفذ على مساحة ستمائة ألف متر مربع حيوية وإشراقا، فسرني الخبر وما فيه من تفاصيل ومعلومات ولكن التجارب السابقة الفاشلة في مجال إنشاء حدائق الحيوانات ألقت بظلالها على ما انتابني من سرور وارتياح فلا يكفي إنشاء الحديقة بل لا بد من جلب جميع الحيوانات التي تستطيع التأقلم مع أجواء جدة للعيش في الحديقة أو توفير بيئة صناعية تماثل البيئة التي كان يعيش فيها كل حيوان وأن يستفاد من تجارب الدول الأخرى في عملية الإدارة الناجحة للمشروع بعد إكماله وألا يسلم لمستثمر إلا إذا كان قادراً على توفير العمالة المتخصصة التي تساعده على نجاح المشروع وأن تبدأ الحديقة بمستوى مشرف ثم تستمر في المحافظة على ذلك المستوى بل والإضافة إليه لا أن يتراجع مستواها حتى تصبح خربة عفنة مهجورة !.