ذهلت عندما وصلتني رسالة فهمت منها ما كنت أجهله طيلة حياتي عن كتاب الله المقدس. تعلمنا من أن كلمة «المطر» تعني الخير والبركة والزرع والنبات والخضار. ولكن عند قراءتي للرسالة عرفت مدى جهلي بلغة القرآن الكريم وأن ما كنت أفهمه من معنى لكلمة «المطر» أو «مطر» كان مخالفا جدا لما جاء به الله في كتابه. قرأت أن في القرآن ذكرت كلمة «المطر» أو «مطر» أو «أمطرنا» في تسع آيات وكلها كانت تعني بالانتقام والعذاب والضراء والسوء ولم تذكر هذه الكلمة ولا مرة وحدة بمعنى الخير والبركة. فجاء في كتاب الله الآية (ولا جناح عليكم إن كان بكم أذى من مطر أو كنتم مرضى) إلى آخر الآية. سورة النساء. وفي قوله (أمطرنا عليهم مطرا فأنظر كيف كان عاقبة المجرمين) سور الأعراف. وفي سورة الشعراء جاء قوله (وأمطرنا عليهم مطرا فساء مطر المنذرين). وقوله (وإذا قالوا اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء أو ائتنا بعذاب أليم) سورة الأنعام. إن من أجل العبادات وأدومها دراسة القرآن العظيم الوقوف على ما فيه من إعجاز لغوي وبلاغي وعلمي وهنا أحاول قدر استطاعتي المتواضعة أن أسلط الضوء فيه على النصوص المعبرة عن المطر. كان أكثر العلماء والدارسين لا يفرقون بين المطر والغيث فكانوا ينظرون إلى اللفظين وكأنهما مترادفان، والحقيقة أن لكل لفظ معنى خاص به في كتاب الله. وأول من تنبه إليه هو أبو عثمان عمرو بن بحر الجاحظ إذ قال: وكذلك المطر لأنك لا تجد القرآن يلفظ به إلا في موضع الانتقام والعامة وأكثر الخاصة لا يفصلون بين ذكر المطر، وبين ذكر الغيث. وتابع الجاحظ عدد من العلماء كأحمد بن فارس إذ قال: وقال الناس لا يقال أمطرنا إلا في العذاب. أن نقول إن هناك معنى يفهمه العامة للمطر وهو الماء المنزل من السماء، والمعنى الوارد في القرآن وهو الحجارة المنزلة من السماء في موضع الانتقام والعذاب إلا أن المعنى العام شاع في كلام أكثر الخاصة والعامة، في حين اقتصر المعنى الخاص على التعبير القرآني إذ لا تجد القرآن يلفظ بالمطر إلا في موضع الانتقام والعذاب كما ورد في القرآن الكريم. أما الماء الذي ينزل من السماء وهو خير وبركة وزرع ونبات للناس فهو «الغيث» أو «الماء». الغيث في أكثر من موضع في القرآن الكريم منها قوله تعالى (هو الذي ينزل الغيث من بعد ما قنطوا وينشر رحمته، وهو الولي الحميد)، وقوله (إن الله عنده علم الساعة وينزل الغيث) وقوله (اعلموا أن ما الحياة الدنيا لعب ولهو وزينة وتفاخر بينكم وتكاثر في الأموالِ والأولاد كمثلِ غيث أعجب الكفار نباته). وأود قبل الختام أن أدعوا الباحثين في علم القرآن الكريم وتفسيره وبعد التمحيص أن يصححوا مفهوم ومعنى المطر والغيث لاسيما أنه تنطلق أعمال مركز الملك عبدالله بن عبدالعزيز الدولي لخدمة لغة الضاد في الاحتفاء بها في يومها العالمي الذي يأتي في 18 ديسمبر من كل عام. وفوق كل ذي علم عليم. والله أعلم.