•• هناك مشكلتان كبيرتان تواجههما الرياضة السعودية هما: اختيار المدربين الأجانب والتعاقد معهم لتدريب الفرق السعودية أو المنتخب (كمشكلة أولى) ثم طريقة التعامل مع المدرب بعد اختياره بين الحرية المطلقة وبين الوصاية والفرض عليه ومحاسبته على النتائج السلبية ثم التخلص منه قبل انتهاء مدة العقد ودفع الملايين من باب التعويض.. وتلك هي المشكلة الثانية الأشد تعقيدا. •• هاتان المشكلتان.. لن أتناولهما اليوم بصورة مباشرة.. لأن لهما حيثيات كثيرة.. بعضها متشابه، وبعضها مختلف بحسب كل ناد.. وسوف أفرد لهما دراسة موسعة أخرى.. •• أما الموضوع الذي أريد التركيز عليه اليوم فإنه يخص الفريق الأول بنادي الاتحاد ومدربه الجديد الروماني «فيكتور بيتوركا».. بعد نتائج مبارياته التي لعبها منذ تسلم مقاليد تدريب الفريق. ••• •• ومنذ البداية أريد أن أقول.. إنني لا أطالب بإلغاء عقد هذا المدرب.. كما يقول ويطالب البعض لأن الوقت ما زال مبكرا جدا للحكم له أو عليه.. •• لكنني أريد فقط أن أسأل: إن كان هو الذي اختار تشكيلة الفريق التي لعبت مباراتيه الأخيرتين أمام (الهلال) و(التعاون) أم أن هناك من شاركه أو أشار عليه باختيارها. •• فقد لوحظ على هذه التشكيلة في المباراة الأولى: أنه استبعد الظهير الأيسر «محمد قاسم» وأحل محله المحترف الأردني «محمد الضميري» وثبت إلى جانبه في خط الظهر «حمد المنتشري» و«أحمد عسيري» في متوسط الدفاع.. و«محمد الضميري» في مركز الظهير الأيمن. •• ويلاحظ على تشكيلة خط الظهر: 1 - أنه أعاد المنتشري إلى أخطر موقع ليحل محل أخيه «باسم المنتشري» الأكثر شبابا وحيوية وتجانسا مع بقية زملائه في خط الظهر مقارنة ب«حمد» الذي تكثر أخطاؤه.. وتجلياته.. وعشوائية تعامله مع الكرة في منطقة حساسة تحتاج إلى تركيز شديد.. ولياقة عالية.. وحسن تصرف افتقدها «حمد» منذ فترة بحكم تقدمه في السن وشدة تعرضه للإرهاق.. وطريقته في اللعب.. وإن كان من أكثر اللاعبين إخلاصا.. وحماسة.. وخوفا على الاتحاد.. وهي صفات تميزه لكن الوقت وأسلوب اللعب ونوع الخطط الحالية تجاوزه كثيرا.. 2 - أعاد المدرب أحمد عسيري.. للعب إلى جوار المنتشري وهو لاعب شديد.. يمتلك حيوية كبيرة وفكرا كرويا جيدا ومهارات عالية.. وكان اختياره لهذا المكان.. تحقيقا للتكامل مع «حمد المنتشري» وتغطيته للفجوات التي قد تظهر منه في خط الظهر.. وبالتالي فإن مركز المحور افتقده.. في الوقت الذي لم تمكنه لياقة وعشوائية حمد المنتشري من أن يقوم بدور متوسط الدفاع الحيوي لكثرة الأخطاء والفجوات التي تركتها طريقة المنتشري على خط الظهر وإرباكه.. ولذلك فإنه لم ينجح في تأمين خط الظهر بسبب غياب التجانس بين رباعي الدفاع.. وحالة الإرباك التي تسبب فيها «الضميري» في اليسار.. وعدم ظهور «القميزي» في اليمين بالصورة المثلى ولاسيما في المباراة التي لعبها الفريق أمام التعاون يوم أول أمس الجمعة. •• وحتى عندما أعاد المدرب «محمد قاسم» إلى خانته كظهير أيسر أمام التعاون.. فإن حالة الإرباك في هذا الخط استمرت لأن «المنتشري» شكل نقطة الضعف الأولى في هذا الخط بعشوائيته في اللعب وتقدمه غير المبرر.. في الوقت الذي كان فيه «القميزي» في أسوأ حالاته.. مما جعل «أحمد عسيري» يلعب بمفرده في خط الظهر.. ويعجز عن مواجهة هجوم ووسط التعاون بسهولة واستسلم مرماه ل (4) أهداف.. قبل أن ينتفض الفريق بدافع الحماس ويسجل (3) أهداف.. شارك التعاون في تحقيقها بعد أن اطمأن لاعبوه واسترخوا عقب الأهداف الأربعة. •• ومع أن المدرب عالج متأخرا خلل الفريق الذي أحدثه سوء أداء القميزي بإنزال «راشد الرهيب» والذي ساهم كثيرا في تخفيف الضغط على الدفاع الاتحادي وحرك الهجمة من الناحية اليمنى إلا أن ذلك أعطى مؤشرا أن المدرب الجديد لم يتعرف بعد على لاعبيه.. وبدلا من أن يلعب بالفريق الأساسي عدة مباريات ويدرس أوجه القصور ونقاط الضعف على الطبيعة فإنه بادر باختراع تشكيلة جديدة بدأت بالتغيير في منطقة خط الظهر بالشكل الذي رأيناه واستمرت في الوسط والهجوم أيضا.. •• فقد لعب في الوسط بلاعب جديد هو «تركي الخضير» وأمامه اللاعب «يحيى دغريري» وكان هذا التغيير المفصلي في مباراتيه أمام الهلال والتعاون بداية الخلل الثاني في منطقة كان الاتحاد أساسا قد بدأ يعاني فيها منذ انتقال «كريري» إلى الهلال، وأصبحت المهمة بالكامل على عاتق «جمال باجندوح» الذي أجاد كثيرا فيها. لكن المدرب «بيتوركا» فاجأ الجميع بإبعاد «باجندوح» في المباراتين.. وإن كان قد اضطر لإنزاله في وقت متأخر في المباراة الأولى أمام الهلال بعد إصابة اللاعب الجديد «الخضير»، وإن استغنى عن باجندوح بالكامل في المباراة الثانية أمام التعاون بإنزال «تركي الخضير» في مكانه كمحور ارتكاز، ولعب أمامه إلى جانب «أبوسبعان» وأمامهما يحيى ودغريري وعبدالفتاح عسيري ومختار فلاتة.. أي أن المدرب قد لعب بتركي الخضير كصانع ألعاب خلف المهاجمين وبالتالي فإن الصلة انقطعت بينه وبين هجوم المقدمة في الوقت الذي عجز فيه أبوسبعان أن يساعد خط الظهر ويراقب تحرك هجوم التعاون المدروس فحدث الانهيار. •• والعيب هنا ليس في اللاعب الجديد «تركي الخضير» فهو لاعب واعد بكل المقاييس وأتوقع له مستقبلا باهرا بعد اكتمال اللياقة لديه.. وبعد التمرس في هذه المنطقة أكثر فأكثر.. لكن العيب كان لدى المدرب الذي خلخل خط الظهر في المباراة الأولى بالإصرار على وجود الضميري من جهة.. وعلى استمرار المنتشري في منطقة حساسة.. وكذلك في إصراره على إنزال «يحيى دغريري» في المقدمة.. هذان التغييران الأساسيان في المباراتين.. شكلا خطأ فادحا للمدرب.. لأن الزج بوجهين جديدين في مباراة كبيرة كمباراة الهلال.. وإصراره عليهما في مباراة التعاون أيضا.. عرض الاتحاد للاهتزاز في كلا المباراتين وإن ظهر الوسط والدفاع أكثر تماسكا من المباراة الثانية لأنه لعب بطريقة دفاعية بحتة.. ونجح في الخروج بالتعادل.. لكنه انكشف بسهولة عندما لجأ إلى الهجوم مبكرا أمام التعاون وكشف دفاعه.. لأن الوسط كان يعاني كثيرا بفعل غياب العقل المحرك «جمال باجندوح» منه.. كما لم تكن الأطراف بالقوة الكافية، وحتى عبدالفتاح عسيري الذي لعب المباراة الثانية على الطرف الأيسر منذ البداية كان مهزوزا.. ومعزولا عن المقدمة وفقد شهيته للعب.. بعد أن استبعده المدرب من المباراة الأولى.. وأسند إليه أدوارا محدودة في المباراة الثانية، ولم تصله كرة واحدة من الوسط الذي لم يكن على ما يرام.. ونفس الحال كانت خانة الظهير الأيسر تعاني في المباراة الثانية لأن «محمد قاسم» لعب المباراة بشعور غريب وبحماس أقل من المعهود عنه بعد أن أحس أن المدرب لا ينظر إليه كلاعب أساسي. •• وهكذا فشل الهجوم في المقدمة في المباراة الأولى في تحقيق أي نتيجة، وفشل أكثر في المباراة الثانية.. لأن الانسجام كان معدوما بالمرة بين مختار فلاتة ويحيى دغريري لأن لكل منهما طريقة مختلفة في اللعب كما كان صانع اللعب غائبا أيضا ولاسيما في الشوط الأول.. لقلة الخبرة لدى تركي الخضير في تحريك اللعب وتوزيع الكرة على طول خط المقدمة والأطراف.. •• وعندما غير المدرب «تركي الخضير» وأنزل «نور» فإن محمد نور.. كان بطيئا كعادته.. وبدا اللعب أسرع منه.. ولولا حركة عبدالرحمن الغامدي في المقدمة واجتهاداته.. ولولا تحرك «ماركينهو» ومبادراته.. فإن الاتحاد كان يمكن أن يهزم ب(10) أهداف وليس بالأربعة فقط. •• وإذا نحن نظرنا للأهداف الثلاثة التي أحرزها ماركينهو في المباراة الثانية بعد فضيحة الأربعة.. فإننا سنجدها نتيجة جهود فردية ساعد عليها تراخي التعاونيين.. ولم تكن نتيجة تغييرات المدرب أيضا.. •• وبالنتيجة فإن المدرب الروماني «فيكتور بيتوركا» إما أن يكون: «مغامرا» أو «مستعجلا» التغيير ليطبع الفريق بهويته هو، لكي يثبت أن لديه بصمة خاصة.. وإما أن يكون هناك من أشار عليه بتلك التغييرات الجوهرية، وإما لأنه يواجه مشاكل مع بعض اللاعبين ولاسيما في منطقة الدفاع ووسط الملعب الاتحادي وأحب أن يجرب بدائل جددا عوضا عنهم.. وإما أن يكون هناك من أشار إليه بهذا التغيير لخوض تجربة جديدة كالتي خاضتها الإدارة السابقة ونجحت فيها حين قدمت للملاعب فريقا جديدا بكل المقاييس بعد استبعاد محمد نور وحمد المنتشري وأمثالهما.. •• وفي كل الأحوال.. فإنه لا بد وأن نقول لهذا المدرب.. إن المغامرة أو الاستعجال أو الإصرار على فرض البصمة أمور مطلوبة.. ولكن دون المجازفة بمكاسب الاتحاد وإنجازاته وبالجيل الجديد الذي قدم نفسه العام الماضي بصورة أفضل مما هو عليه حال الاتحاد الآن.. •• ولذلك فإننا نطالبه بالآتي: 1 - إخضاع اللاعبين «محمد نور» و«حمد المنتشري» لتمارين مكثفة خاصة.. قد تعيدهما إلى المستوى المطلوب.. وإن كنا نعتقد أن الوقت قد تجاوزهما.. بعد أن قدما الكثير من الجهد والعطاء المتميز للفريق على مدى سنوات طويلة.. وكثر خيرهما على ما قدماه وما زالا يقدمانه.. لكن الوقت قد حان لإراحتهما والاحتفاظ بهما كرمزين تعشقهما الجماهير ولا تنسى لهما الكثير من النتائج والعطاء المتميز.. 2 - إعادة خط الدفاع السابق والمكون من محمد قاسم وباسم المنتشري وطلال العبسي وصالح القميزي والتعب عليهم ومعالجة بعض الاختلالات الموجودة في عمق الدفاع. 3 - إعادة اللاعب المتميز «أحمد عسيري» إلى مركزه الأساسي كمحور دفاعي يسد اختلالات الدفاع ويتحرك في خط الوسط المتأخر بكفاءة.. ويتعاون مع الأطراف بإجادته المعهودة. 4 - إعادة جمال باجندوح إلى مركزه كعقل الفريق وحزام وسطه القوي بالتعاون مع أحمد عسيري. 5 - الاحتفاظ في الأطراف بكل من فهد المولد في اليمين وعبدالفتاح عسيري في اليسار مع تبادل المراكز بينهما على مدى المباراة. 6 - اللعب في المقدمة بمهاجمين اثنين هما مختار فلاتة.. وعبدالرحمن الغامدي للأسباب التالية: (أ) أن الاتحاد فريق مهاجم ولم يتعود اللعب متحفظا على مدى تاريخه الطويل، وإذا تطلب الأمر تعديل هذه الطريقة أمام فرق قوية كالهلال أو الأهلي أو النصر فإنه يمكن أن يغير هجوم المقدمة ويلعب بواحد.. على أن يدخل أبوسبعان في منطقة المحور المتأخر إلى جانب أحمد عسيري ويصبح جمال باجندوح في موقع صانع الألعاب أمام مهاجم المقدمة عبدالرحمن الغامدي الأكثر قتالية من مختار فلاتة. (ب) أن أطراف الاتحاد تمتلك المهارة الجيدة وتحتاج في الوسط إلى عقلية «جمال باجندوح» في المحور المتقدم.. وأحمد عسيري في المحور المتأخر. (ج) أن التوازن بين الخطوط وضمان سرعة الأداء والتحضير الجيد تستوجب إراحة «نور» في الوسط.. و«المنتشري» في المؤخرة.. لضمان التكامل بين الخطوط الثلاثة. •• وإذا تأخرت العودة إلى هذه التشكيلة كثيرا فإن الاتحاد سيفقد فرصة التقدم إلى الصفوف الأولى قبل فوات الأوان.. •• أما بالنسبة للنجمين «تركي الخضيري» و«يحيى دغريري» فإنني أعتبرهما إضافة جيدة للاتحاد.. وإن كانا يحتاجان إلى مزيد من التأهيل والتدريب وإلى تحقيق المزيد من الانسجام مع الفريق، وهذا يمكن أن يتم من خلال التمارين وأخذ الوقت الكافي لتجهيزهما للعب في الفريق الأول.. كما أنه يمكن الاحتفاظ بهما في دكة الاحتياط لفترة من الزمن حتى يكتمل تجهيزهما.. وبكل تأكيد فإنه سيأتي اليوم الذي يكون لهما شأن كبير.. وأنا أعتقد أن المدرب استعجل عليهما وزج بهما في وقت مبكر وفي مباراة كبيرة كمباراة الهلال.. ولذلك سلبياته.. لأن هذه المغامرة قد تقضي عليهما في وقت مبكر.. وتحرمهما من الاستمرار في الفريق الأول لتعريضهما للضغط والانتقاد مع أنهما يملكان إمكانيات جيدة ولكنها تحتاج إلى مزيد من الصقل. •• وأخيرا.. فإنني ورغم هذه الأخطاء وأبرزها استبعاد «باجندوح» فإنني أعتقد أن لدى المدرب شيئا مختلفا قد يظهر مع الأيام وقد يكشف عن مدرب نادر، لاسيما إذا توفرت فيه عناصر الروية والدراسة المعمقة للاعبين ودرس الفرق الأخرى بعناية واختار لكل مباراة التشكيلة المناسبة دون مغامرات وبتعديلات طفيفة وغير جذرية.