من المؤسف بحق أن تكون أبرز الصور المتداولة على الإنترنت عن الإسراف والتبذير والاستهانة بنعمة الطعام هي صور من مجتمعنا وهي لتلال من الأرز واللحوم المطهوة الطازجة التي لم تمس ملقاة على الأرض في مكان القمامة بدل أن توزع على المحتاجين، هذا غير الأطنان المهولة من الأغذية الصالحة للاستعمال التي ترميها يوميا محلات السوبرماركت والبقالة والمطاعم وقاعات الأفراح وما يتم مصادرته من مواد غذائية من أصحاب البسطات المخالفة ومزاين الإبل، وقد قامت مبادرات فردية بإقامة مشاريع «حفظ النعمة» التي تتكفل بأخذ الأطعمة الصالحة بدل رميها وتوزيعها على المحتاجين لكنها لاتزال فردية وغالب الناس لم يسمعوا بها، وبسبب كونها مبادرات فردية وغير مقننة لاتزال تتضمن قصورا يهدر المواد الغذائية مثل سوء التخزين وعدم التحقق من تاريخ انتهاء صلاحية المواد الغذائية التي تعطى لبعض الجمعيات الخيرية، ولن يتوقف هذا الهدر المحرم المستنكر للنعمة حتى يتم تبني مشروع حفظ النعمة رسميا وتقام حملة للتعريف به ويتم فرضه بشكل ملزم وذلك بإنشاء «بنوك للطعام» كالتي في الغرب والتي تمثل داعما أساسيا للكثير من الأسر المتواضعة الحال، حيث تعتمد عليها بالكامل في غذائها مما يوفر على تلك الأسر ميزانية الطعام لتوجهها لأوجه حاجتها الأخرى وهذا يغنيها عن الحاجة للمساعدات المالية، وفي الواقع ليس فقط الطعام هو ما يتم هدره بدل توجيهه للمحتاجين، فأيضا الأدوية يتم هدرها بذات النمط، وحتى البضائع المقلدة المصادرة لعدم مراعاتها لحقوق الملكية الفكرية للعلامات التجارية والتي يتم إتلافها كان يمكن بدل إتلافها توجيهها للجمعيات والمستودعات الخيرية ليستفيد منها المحتاجون، فحيث نظرنا حولنا نرى هدرا منكرا لأنواع النعم ولن يتوقف حتى يصبح موضوع حفظ النعمة ملزما رسميا ومقننا مع عقوبات للمخالفين.