قرار لجنة العقوبات التابعة لمجلس الأمن، فرض عقوبات على الرئيس اليمني السابق علي عبدالله صالح واثنين من قادة الجماعة الحوثية المسلحة، مثل تحولا مهما في مسار التسوية السياسية المتعثرة في اليمن، وأنهى حالة من عدم اليقين هيمنت على المشهد السياسي المضطرب، لفترة طويلة، وحالت دون تقييم ما يجري بشكل صحيح. في الحقيقة لم تشكل العقوبات الأممية على الرئيس السابق مفاجأة لأحد، فالمتابعون للشأن اليمني، يعرفون جيدا أن العقوبات تأخرت كثيرا وربما جرى تأخيرها عن عمد، بدافع الحرص من قبل الرعاة الدوليين للتسوية السياسية، على تجنب ما قد مضى اليمنيون قدما في إنجاز استحقاقات الانتقال السياسي. لكن مضي الرئيس السابق في مهمة إفشال التسوية السياسية، دونما اكتراث لمخاوف المجتمع الدولي، من إمكانية التأثير الخطير لمهمة كهذه، على الأمن والسلم الدوليين، أخذا في الاعتبار أن القرار (2140) الصادر عن مجلس الأمن بشأن معرقلي التسوية في اليمن، تحت الفصل السابع من ميثاق الأممالمتحدة، كان مبرره هو حماية الأمن والسلم والدوليين. هذا القرار جاء في نظر صالح وحزبه المؤتمر الشعبي، بناء على طلب من الرئيس عبدربه منصور هادي، والخارجية الأمريكية، وهو ما استدعى التصعيد غير المسبوق ضد الرئيس هادي، من جانب حزب المؤتمر الشعبي، فقررت اللجنة الدائمة الرئيسية للمؤتمر في دورة استثنائية عاجلة إقصاء هادي من منصبيه كنائب أول لرئيس الحزب وأمينه العام، بالإضافة إلى إقالة مساعده الأبرز الدكتور عبدالكريم الإرياني، الذي كان يشغل منصب النائب الثاني، وأعيد في الوقت نفسه بث قناة (اليمن اليوم) التي سبق أن أمر الرئيس هادي بإغلاقها. هذا التصعيد كشف عن مستوى خطير من التصدع في حزب ظل يحكم البلاد بشكل مطلق منذ ثمانينيات القرن الماضي، فقد غاب عن الدورة الاستثنائية عدد كبير من أعضاء اللجنة الدائمة، ونتج عن القرارات الإقصائية، اصطفافات جهوية خصوصا من جانب قيادات وأعضاء المؤتمر من المحافظات الجنوبية. لا يبدو أن قرار إقصاء هادي من المؤتمر الشعبي، سوف ينهي المواجهة بين الرئيس هادي وسلفه صالح. فالمؤتمر الشعبي العام الذي يسيطر عليه صالح قرر سحب وزرائه من حكومة بحاح الجديدة، الأمر الذي من شأنه أن يؤدي إلى مزيد من التعقيد في مهمة الحكومة بل تعطيلها. اللافت أن قرار حزب صالح، جاء متناغما مع انتقاد من الجماعة الحوثية المسلحة، لتشكيلة الحكومة الجديدة، التي اعتبرتها مخيبة للآمال، ودعت إلى إجراء تعديل في التشكيلة لإخراج من لا تنطبق عليهم معايير النزاهة والكفاءة - على حد قول البيان الصادر عن الجماعة. إنه التناغم الذي يكشف هوية الجهة التي فوضت الدورة الاستثنائية للجنة الدائمة للمؤتمر، اللجنة العامة للحزب بدراسة إقامة تحالف سياسي معها. لقد فقد الرئيس السابق، بتعرضه للعقوبات الأممية، ميزة اللعب الخطر في المشهد السياسي، من وراء الستار، الأمر الذي ساهم، خلال الفترة الماضية في إبقاء منسوب الثقة عالية لدى مناصريه بإمكانية استعادة زعيمهم السلطة. وقد بات هذا الهدف أمرا متعذرا بعد هذه العقوبات، التي شكلت أيضا ضربة معنوية قاصمة لصالح وأنصاره.