دعا الدكتور محسن بن علي الحازمي عضو مجلس الشورى رئيس لجنة الشؤون الصحية والبيئة، وزارة الصحة إلى تغيير نهجها الحالي والتعامل بمرونة في قراراتها وخططها بما يتناسب مع الإمكانات المالية والبشرية اللا محدودة.. وذكر في حوار أن الأوضاع الصحية الحالية لا ترضي أحدا وأن التغيير لن يحدث في الواقع إلا مع تغير الدور الذي تقوم به الوزارة وأذرعها. وكشف الحازمي عن نجاح 100 مستشفى فقط في تجاوز شروط الاعتماد المطلوب، فيما فشلت البقية في تحقيق معايير واضحة الأمر الذي يضفي حالة من عدم المصداقية في تقديم الخدمات للجمهور حاليا. ووصف مجلس الخدمات الصحية بالضعيف والمظلوم والعاجز عن إحداث تغيير على أرض الواقع، محذرا من ظهور حرائق طارئة مستقبلا في ظل غياب الدقة والشفافية في تنفيذ الإجراءات الوقائية والتي تسببت في استمرار حمى الضنك حتى الآن وفشل الكثير من المشاريع. محاور ساخنة وأرقام وحقائق يكشف عنها لأول مرة في الحوار.. مشاكل تراكمية بداية.. إشكاليات الرعاية الصحية في بلادنا. أين تكمن؟ هل يتطلب تغيير النظام الصحي ليتغير دور الوزارة من الهيمنة الكاملة إلى الإشراف؟ لا أعرف إجراء صحيا إلا وتتسع الرعاية الصحية له ويتوفر في منشآت المملكة، بدءا بالرعاية الوقائية والعلاجية في الرعاية الأولية، وانتهاء بزراعة الخلايا الجذعية والنظر في إمكانية الإفادة من معطياتها في زراعة الأعضاء، وكذا الفحص المبكر للكشف عن التشوهات والاعتلالات الوراثية في اليوم الرابع بعد التلقيح في أطفال الأنابيب، مرورا بالرعاية الصحية للمعوقين والمصابين بالأمراض المزمنة في المنزل، كما أن مستويات وأنماط الرعاية الصحية متوفرة، ويتوفر لها الدعم المالي. ومع ذلك توجد إشكاليات في الرعاية الصحية ويرى البعض أن مرد ذلك يعود للنقص الكمي في عناصر الخدمات الأساسية ويرى البعض الآخر أن الخلل يكمن في نقص الكفاءة المهنية والإدارية ونقص في النظم أو عدم تناغمها مع متطلبات الخدمات الصحية. ويرى البعض أن المشكلة تكمن في عدم القدرة على التطبيق أو غياب الإرادة أو الإدارة الصحية المتخصصة اللازمة لتحقيق الطموحات . وتعزو أطراف أخرى المشكلات التي تواجه وزارة الصحة إلى عدم مواكبة خطط الخدمات لمراحل النمو المتسارعة في السكان، ما أحدث خللا في العرض والطلب وأدى إلى مشاكل تراكمية أصبحت مع مرور الوقت تمثل معضلات أصبح من الصعوبة إيجاد حل لها وتغذيها «حرائق صحية» تنشأ هنا وهناك بين فترة وأخرى، وفي ضوء ذلك كله أصبح من اللازم إعادة النظر في دور الوزارة وطرح أفكار ورؤى وبدائل للنمط المتبع حاليا في تقديم الرعاية الصحية، ومن ذلك أن يقتصر دور الوزارة على الإشراف وأن يؤخذ «بالتأمين الطبي التعاوني» كبديل لخدمات المؤسسات الحكومية . والحقيقة أنه توجد رؤى مختلفة حول ما إذا كان الأمر يتطلب تغييرا في النظام الصحي أو دعم النظام الحالي .. إلا أن المرونة في النظام ضرورة لازمة فالتشغيل الذاتي للمستشفيات اثبت انه يحظى بمرونة قد تكون كافية للوفاء بالخدمات اللازمة وان تعميمها قد يحسن من المستوى الخدمي ويمكن الإدارة من الاستجابة لمتطلبات الخدمات الصحية بصورة أفضل. وهناك رأى ينادي بتخصيص الخدمات وان تتفرغ الوزارة للإشراف والتقييم والتقويم وان يكون التأمين الوسيلة الأساسية للخدمات.. وهذا الرأي يتطلب أمورا كثيرة وإمكانيات كبيرة. التأمين الطبي التعاوني لماذا تأخر تنفيذ التأمين الطبي التعاوني كبديل لخدمات المؤسسات الحكومية رغم إقراره في مجلس الشورى منذ سنوات؟ وهل هناك جهات تعارض الخطوة ؟ التأمين له متطلبات وايجابيات وسلبيات، فمن أهم متطلباته توافر الخدمات الصحية لكل شرائح التأمين، ومن سلبياته ارتفاع تكليف الرعاية الصحية وقصور مظلته عن تغطية جميع الحالات. وفي واقع الأمر فإن هناك شحا في الخدمات في المناطق كما ونوعا، و من معضلات التأمين ارتفاع تكلفة الرعاية الصحية وتستنفد الرعاية قدرا كبيرا من التكاليف المالية، كما أن هناك نماذج متعددة للتأمين إلى جانب أمور أخرى عنيت بها دراسة مستفيضة أمر بها المقام السامي من قبل وزارة الصحة ومجلس الضمان الصحي ومجلس الخدمات الصحية، وتم إجراء دراسات على أنماط التأمين والاسترشاد بآراء وتجارب الدول في هذا المجال، وتم رفع ما تم التوصل إليه للمقام السامي الكريم والموضوع برمته قيد النظر الكريم. تأخر المشاريع بلغت النظم والتنظيمات الصادرة من مجلس الشورى في الشأن الصحي 12 نظاما و6 تنظيمات تعنى بمختلف الجوانب ذات العلاقة بالشأن الصحي. كما أجاز المجلس استراتيجية الرعاية الصحية ورغم ذلك لم يتغير شيء ..هل غياب الدور الرقابي على الوزارات الخدمية ساهم في التعثر؟ على الجانب التنظيمي لا يوجد فراغ في أي من جوانب الرعاية الصحية، بل إن الاستراتيجية تعنى بمختلف الجوانب ذات العلاقة بالخدمات الصحية وعلى مختلف المستويات. وتم تحديد مسؤولية مجلس الخدمات الصحية حيالها بوضع جدول زمني لتنفيذ مقتضياتها واعتقد جازما بأن الاستراتيجية التي تضمنت 12 أساسا كفيلة بالرقي بالخدمات الصحية والوفاء بالتوزيع العادل للخدمات، واعتقد أن حجر الزاوية في تعثر الخدمات الصحية هو التأخر في تنفيذ المشاريع حتى وصلت نسبتها حوالي 50 % من المتعثرة على المستوى العام. نقلة نوعية للبحوث تمت الموافقة على إنشاء مركز وطني لنظم المعلومات الصحية ومركز للدراسات والبحوث الصحية يتبعان مجلس الخدمات الصحية، ما الذي يؤمل من وراء هذه الخطوات؟ هل نحن بحاجة لعشر سنوات أخرى لكي نحصد نتيجة القرار؟ في الوزارة وكالة للبحوث والتخطيط، وحاليا توجد إدارة عامة للبحوث ، وصدرت لائحة للبحوث الطبية ، كما أن مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية تصدر برامج وأوليات للبحوث ومنها البحوث الطبية بناء على ما يصلها من تحديد لأولويات الوزارة، فضلا عن ما تجريه مراكز البحوث في الجامعات من دراسات ، وأخيرا دعم البحث العلمي في المجال الصحي بالقرارات . ومن المؤمل أن يؤدي ذالك إلى نقلة نوعية في إثراء الحقل الطبي والمعرفة العلمية اللازمة للتخطيط والتطوير وتقديم الخدمات الصحية وإرساء قواعدها على أسس علمية راسخة فضلا عن التقييم والتقويم للخدمات والمنجزات الصحية المختلفة ومؤشرات الأداء ومدلولاتها. كيف يمكن إطفاء حرائق الظواهر الطارئة في الخدمات الصحية؟ تشمل الخدمات جوانب وقائية ورعاية للمرضى وتأهيلهم.. وفي الوزارة والمنشآت إدارات تعنى بمختلف هذه الجوانب، ولها إجراءاتها المهنية ، كما أن المدونات الطبية تشمل مختلف الإجراءات والقواعد اللازمة للتعامل مع الحالات واشتمل هذا «حرائق الظواهر الطارئة» التي تظهر بين وقت وآخر وفي ظروف متباينة وقد يكون بعضها مستجدا والبعض الآخر متكررا، ولكن هناك إجراءات ووسائل يجب اتخاذها.. وتحدث الإصابة بالبكتيريا والفطر والفيروسات والطفيليات، وتنشر العدوى بها بين المخلوقات الحية وتسبب أمراضا لجميع الكائنات ومضاعفات على أجهزة الجسم المختلفة، وتختلف مصادر وحواضن هذه الكائنات، ولمكافحة الإصابة ومضاعفاتها بأيٍ منها توجد في «المدونات الطبية» إجراءات وقائية وأخرى علاجية. وعلى وجه العموم، يمكن تجنب الإصابة من خلال مراعاة قواعد الصحة العامة والنظافة الشخصية والابتعاد عن مخالطة المصابين. ويقوم الباحثون حاليا بالعمل في طريق آخر هو تطوير مضاد للفيروسات عن طريق مهاجمة الخلايا المصابة بالفيروس بدلا من مهاجمة الفيروس نفسه، كما أن الفيروس يتكاثر في الخلايا خلال فترة الحضانة، والتي لا يظهر على الشخص المصاب آثار مرضية فيها، وعند ظهور الأعراض المرضية يكون الفيروس قد أكمل انتشاره في جميع أعضاء الجسم ويصبح الوقت متأخرا للقضاء عليه، وزيادة على ذلك فإن بعض الفيروسات يصبح خامدا داخل الخلية ولا يمكن القضاء عليه عندئذ. ومما يصعب من إيجاد علاج فعال للفيروسات بصفة عامة عدم القدرة على بلوغ درجة سمية موجهة للقضاء على الفيروس بدون حدوث تأثير سلبي على خلايا الجسم، وقد تم إيجاد بعض اللقاحات الفعالة ضد بعض الفيروسات. مجلس مظلوم السؤال الحاد يادكتور.. أين دور مجلس الخدمات الصحية في معالجة الحرائق الطارئة مثل فيروس كورونا، و حمى الضنك وغيرها؟ - أعتقد أن المجلس مظلوم، فالمطلوب منه كثير والمهام كبيرة إلا أن اختصاصاته محدودة، فهو بالأساس مجلس استشاري حاليا ليس لديه قوة حتى في تنفيذ قراراته. ما الصلاحيات المطلوب إعطاؤها للمجلس؟ من وجهة نظري أن يرفع مستواه إداريا وتنظيميا وتوسع مظلته لتشمل استراتيجيات توفير القوى البشرية وتقديم الخدمات الصحية وتقويم مستوياتها وانجازاتها والتنسيق بينها على المستوى الوطني وبغض النظر عن من تتبع سواء الوزارة أو الجامعات أو المؤسسات العسكرية أو القطاع الخاص. ولن يتأتى ذلك إلا بأن يكون مجلسا أعلى للصحة له مهام وصلاحيات تخطيطية وتنفيذية. مجلس أعلى للصحة قدمتم في لجنة الشؤون الصحية في الشورى توصية برفع مستوى مجلس الخدمات الصحية إلى مجلس أعلى لوضع الخطط التعليمية والتدريبية والخدمية والإشراف عليها، ويضع السياسات الصحية المتكاملة الشاملة لمختلف جوانبها . فهل تمت خطوات فعلية لتفعيل المقترح؟ أثبت الواقع أهمية توحيد الجهود ما أمكن ذلك، الا انه ومن خلال مزاولة العمل تبين أن المجلس لا يعدو دوره القيام بتحديد وتشخيص المشكلات التي تعترض الخدمات واقتراح ما يرى بشأنها. كما ثبت أن الجهات تطبق ما تراه فقط من التوصيات وقد لا تلتزم بتطبيق البعض الآخر منها، مما حد من القدرة على التكامل والتنسيق الفعال والمثمر على المستوى الوطني. تفاوت المستويات طبيعي لماذا نلمس بونا شاسعا بين الخدمات الصحية التي تقدمها المستشفيات الجامعية والعسكرية والقطاع الخاص مقارنة بالخدمات الحكومية؟ تقدم الوزارة الخدمات لحوالي 60% والمؤسسات الحكومية الأخرى 20% والقطاع الخاص 20% والجهات الحكومية غير الوزارة ست منشآت تتفاوت في الإمكانيات ومقدار الدعم المالي والرؤية والرسالة. ومن الطبيعي تبعا لذلك أن تتفاوت المستويات في الكم والنوع كما أن تكاليف الخدمات في المستشفى تتفاوت أيضا لنفس الأسباب، وتعتبر الخدمات الصحية في هذه الجهات عامل جذب وميزة للقطاع الذي تتبعه، ولذا يتم دعمها على هذا الأساس. وعلى المستوى العالمي توجد نماذج عديدة. ومثل هذا النموذج لا يكون قابلا للتطبيق في المملكة مع الأسف لاعتبارات إدارية وبيروقراطية ليس إلا.. لا مقارنة مع أوروبا يقول موقع (نيشن ماستر) إن السعودية في الترتيب 54 من بين 149 دولة في توفر الأسرة للسكان، حيث يتوفر 2.2 سرير لكل ألف نسمة في السعودية مقارنة بسويسرا التي يتوفر فيها 14.3 سرير لكل 1000 نسمة من سكانها.. ماهي أسباب الفارق الكبير؟ وكيف يمكن سد العجز في ظل التزايد المستمر في عدد السكان؟ نشرت منظمة الصحة تقريرها الإحصائي لعام 2014 الذي يعد مصدرا للصحة في العالم وأظهر التقرير أن المملكة - من حيث كثافة القوى العاملة وكفايتها للمواطنين - في حاجة إلى 15.6 طبيب لتصل إلى المعدل العالمي البالغ 12.8 طبيب ومن كادر التمريض 15.3 لكل 10 آلاف من السكان، وفي حال ما أرادت المملكة أن تتساوى مع الدول الأوربية فالمعدل المطلوب هو 33.1 طبيب و 175.7 من كادر التمريض. وتبعا لذلك فإن على جهات التخطيط والتطوير داخل الوزارة وخارجها أن تعي ذلك ومتطلباته من الإعداد والاستعداد والتخطيط الممنهج والعمل مع جهات التعليم والتدريب للوفاء بالمتطلبات التي تحتاجها ضمن خطة مدروسة ومتكاملة وشاملة للجوانب التعليمية والتدريبية والخدمية. الابتعاث يحل مشكلة المديرين كشفت دراسة علمية أجراها استشاري الإدارة الصحية حمود فهد الشمري أن (90%) من مديري المستشفيات لا يحملون مؤهلا دراسيا في تخصص الإدارة الصحية، وأن (34%) منهم يحملون مؤهلا أقل من البكالوريوس، و (89%) منهم يديرون الدفة الإدارية بالمستشفيات بالخبرة والممارسة لا بالمؤهل. إلى أي مدى ساهم هذا الواقع في تدني الخدمة الصحية؟ إدارة المنشآت الصحية تمثل هاجسا مقلقا للوزارة والجهات الأخرى التي تقدم خدمات صحية. والاجتهادات في هذا الشأن متنوعة، فالمستشفيات الجامعية مثلا في الغالب لها مدير تنفيذي يختص بالجوانب الإدارية والمالية، وكبير أطباء أو مدير طبي يختص بالجوانب الطبية والفنية ونفس النمط اتبع في بعض المستشفيات العامة والخاصة، إلا انه في غالب المستشفيات لا تتوفر قدرات بشرية متخصصة تعمل في الإدارة الطبية. وقد يعتبر ذلك ترفا أو عبئا لا تتحمله المستشفيات العامة وخاصة الصغيرة منها، ولكن بالتأكيد الحاجة ملحة إلى تأهيل إداريين ليس في إدارة المستشفيات فقط، ولكن أيضا في إدارة مديريات الشؤون الصحية والإدارات العليا في الوزارة والصعوبة في استقطاب الكفاءات اكبر في المناطق الشمالية والجنوبية. وأملي أن تستأنف الوزارة برنامج الابتعاث في مجال الإدارة الصحية كتخصص أساس أو تخصص رديف لدعم الجهاز الإداري. العقبة الكأداء بماذا تفسرون فشل 41 مشروعا صحيا في تحقيق أهدافها بنسبة بلغت تقريبا 78% من بين 52 مشروعا تم اعتمادها في الفترة ما بين 2007 إلى 2011م مع ملاحظة أن معظم المشاريع الناجحة كانت من ميزانية منخفضة- أقل من مليون دولار في حين فشلت المشاريع التي تمتعت بميزانية أعلى؟ الخلل في تنفيذ المشاريع وتأخرها ذو جوانب عدة.. نظام المناقصات، إجراءات الترسية، المقاولات من الباطن، القصور في متابعة التنفيذ ..الخ كل هذه عوامل متشابكة إلا انه ومن خلال إعطاء كل حقه حسب النظام وبالمتابعة الحثيثة والمسؤولة وتشخيص الخلل مبكرا والعمل على تداركه ومنع تراكمه والتنسيق مع الجهات المعنية أولا بأول لسد الثغرات فمن شأن ذلك الإبقاء على وتيرة العمل على المستوى المطلوب والتقليل إلى حد كبير من التأخر والتعطيل في انجاز الأعمال.. ومع إدراكي بأن التأخير وارد إلا انه وبالحجم الكبير الذي ذكر، يحتاج إلى تقييم وتقويم بعد معرفة الحلقة أو الحلقات الضعيفة في سلسلة تنفيذ المشاريع .. واعتقد أن العقبة الكأداء بعد ذلك هو التشغيل وهذا يستلزم التخطيط المستقبلي لربط المشاريع بالتشغيل بعد توفير المعدات والأجهزة والمستلزمات اللازمة. قصور الذراع الوقائي ما هي أسباب القصور الذي أصاب الذراع الوقائي للوزارة والذي ظهر في تعثر التعامل مع الحالات الطارئة كحمى الوادي المتصدع وفيروس أنفلونزا الخنازير والطيور، وأخيرا فيروس كورونا بماذا تفسرون مرور عشر سنوات ولم نتخلص بعد من حمى الضنك؟ ظهور وتفشي المعديات يحتاج إلى استراتجية عمل متكاملة وبرامج وقائية مستمرة وإجراءات صحية وتوعوية وتثقيفية، ولكن المشكلة في اتباع الإجراءات ومقتضيات المدونات الطبية بدقة وشفافية ووضعها موضع التنفيذ. ومن الأهمية بمكان أن تتم الاستفادة من الخبرات والتجارب المستقاة من ظهور فيروسات حمى الوادي المتصدع وأنفلونزا الطيور وصولا إلى فيروس كرونا والعمل على سد الثغرات والبناء على الايجابيات والتشديد على الجودة النوعية ومؤشرات الأداء في الكشف عن الخلل وإصلاحه على مختلف الأصعدة. والدرس المستفاد من مكافحة حمى الضنك واضح للعيان .. فلا يزال التحدي واقعا. قلتم في أحد مقالاتكم: إنه من غير الملائم أن تقدم الوزارة الخدمة وتجري لها تقييما أيضا، فالاعتماد يجب أن يتأتى من جهات مستقلة عن تلك التي تقدم الخدمة لتكتسب المصداقية والحيادية ولضمان توفر عناصر لازمة لتجويد الخدمة وضمان سلامة المريض ما هي الجهة التي تنصحون بها؟ وهل المشكلة موجودة على مستوى جميع الوزارات الخدمية؟ وما مدى خطورة التمادي في استمرار العدد الأكبر من المنشآت الصحية والتي تقع خارج الاعتماد في تقديم خدماتها لأفراد المجتمع في مختلف حاجاتهم العلاجية والتأهيلية؟ صدر قرار من وزير الصحة بإنشاء مركز لاعتماد المنشآت الصحية وبدئ بالفعل في إعداد معايير الاعتماد وتطبيقها.. والنتيجة انه وبعد إجراء العديد من الإصلاحات اجتاز أقل من مائة مستشفى معايير الاعتماد وبقيت مئات المستشفيات الأخرى تعمل دون هذه المعايير، كما أن المستشفيات الحكومية الأخرى - العسكرية والجامعية - لم تخضع لهذا التقييم. الملف الطبي الإلكتروني .. خيار مرتجى الوصول إلى واقع حاسوبي في الخدمة الصحية أمل مرتجى، بحيث يتم التخلص عن الملف الطبي التقليدي والاستعاضة عنه بملف إلكتروني يتيح تبادل المعلومات وتقليل تكلفة تقديم الخدمات وتمكين الأفراد من تقنية المعلومات لإدارة صحتهم.. ما هي إمكانية تحقيقه خصوصا أن دولة مثل الولاياتالمتحدةالأمريكية ودول أخرى في أوروبا اتجهت إلى ذلك.. أم أن ذلك يعد حلما بعيد المنال؟.. يجيب الدكتور الحازمي ويقول: الملف الطبي الموحد هدف تسعى إليه الصحة، وتوجد جهود مشكورة في هذا السبيل. وتم دعم هذا الجانب بالتوسع في جراحة اليوم الواحد والرعاية الطبية المنزلية وكلها توفر الخدمة لأكبر عدد ممكن من أفراد المجتمع، إلا أن وتيرة التقدم بطيئة وتحتاج إلى تنشيط ومتابعة.. فإن تم ذاك فمن شأنه تسهيل ورفع مستوى الخدمات وتبادل المعلومات والاستفادة من الخبرات ودعم الاستشارات وسيوفر مبالغ طائلة تهدر حاليا بسبب وجود أكثر من ملف صحي للشخص الواحد في مستشفيات الوزارة ومستشفيات أخرى وازدواجية المراجعات وتكرارها في أكثر من مستشفى. لا لقاح مرتقبا لكورونا سألنا الدكتور الحازمي: هل أنت متفائل بشأن العثور على لقاح لفيروس (كورونا)؟، فأجاب قائلا: يعمل الباحثون على إيجاد لقاح ضد فيروس «كورونا» المسبب لمتلازمة الجهاز التنفسي الشرق أوسطية، إلا أنه تجدر الإشارة إلى أن بلوغ هذا الهدف ليس بالضرورة ممكنا، فمثلا لم يتم إيجاد لقاح فعال لفيروس الإيدز بالرغم من مرور سنوات عديدة على بداية البحث في هذا المجال. وفي ضوء ما سبق، يجب تذكر أن الخدمات الصحية تعنى بالسليم ووقايته من الأمراض، كما تعنى بالمصاب واسترداد عافيته، ومن اللازم تعزيز الجانب الوقائي والتوعية به والتركيز عليه في الحالات الطارئة لظهور الفيروسات في مواسمها، واتباع البروتوكولات الطبية وتطبيق تعليماتها بدقة من قبل أفراد الفريق الصحي، وأخذ لقاح الإنفلونزا الموسمية وشرح الوسائل الوقائية لمربي الجمال.