تنوع اقتصادي ومالي وثقافي ورياضي وسياحي وإعلامي وإعلاني وصناعي وتجاري وعمراني وخدمي وترفيهي تتمتع به إمارة دبي، وبصرف النظر عن قناعة البعض أو عدم قناعة البعض الآخر، فالواقع يتحدث عن نفسه ولا داعي للجدل الذي لا يؤدي إلى نتيجة. ولن أدخل في التفاصيل، لكن استوقفتني جلسات النقاش في المنتدى الاقتصادي الإسلامي في دبي الأسبوع الماضي الذي نظمته غرفة تجارة وصناعة دبي بهدف تعزيز مكانة دبي كعاصمة للاقتصاد الإسلامي، وليس استنكارا على التوجه لأن تكون دبي عاصمة للاقتصاد الإسلامي في غياب المنافسين لها، وإن كان من الأولى أن يكون مكانها الصحيح، وعلى وجه التحديد المملكة العربية السعودية التي بها قبلة المسلمين، المسجد الحرام والكعبة المشرفة بمكة المكرمة، ومسجد رسول الله عليه الصلاة والسلام وقبره الطاهر الشريف، ومن أرضها خرج التشريع الإسلامي. وفي غياب نظام التمويل الإسلامي من خلال البنوك الإسلامية في المملكة تصبح المصرفية الإسلامية من خلال مؤسسات رسمية معتمدة من الدولة وتحت رقابتها غير متواجدة على أرض الواقع في المملكة، ويصبح العمل بالتمويل الإسلامي من خلال البنوك الإسلامية المتخصصة من خلف الستار أو من وراء حجاب أو بطرق أخرى ولكن جميعها غير نظامي ورسمي. ويصبح المتعاملون مع هذه البنوك تحت رحمة الثقة فقط وينطبق عليهم قوانين دول أخرى مسجلة لديها هذه البنوك أو المصارف الإسلامية، ومنها دبي حيث يسجل لدولة الإمارات بأنها أول دولة في العالم الإسلامي تنشئ أول بنك إسلامي منذ تأسيس دولة الإمارات في أوائل السبعينات. ومع نمو فكر التعامل مع الاقتصاد الإسلامي وزيادة أصوله وتضاعف عدد المتعاملين معه وارتفاع نسبة التعامل معه عالميا أصبح الاقتصاد الإسلامي يمثل قوة لها تأثيرها في الاقتصاد العالمي، ولاسيما أن الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي تمتلك 70% من مصادر الطاقة العالمية و40% من المصادر المعدنية إلا أنها تمتلك 11.2% من حجم التدفق التجاري العالمي، وهو يؤكد عدم التوازن في الاقتصاد العالمي. ومن أبرز الإحصائيات التي تؤكد التوجه إلى التمويل الإسلامي بنسب عالية في السنوات العشر الماضية هي ارتفاع إجمالي قيمة إصدارات الصكوك الإسلامية من خمسة مليارات دولار في عام 2003م إلى 134 مليار دولار عام 2012م، ويتوقع نمو متسارع لها في السنوات القادمة في دول غير إسلامية ومنها بريطانيا، حيث قالت مسؤولة بوزارة الخزينة البريطانية شاركت في منتدى دبي الأسبوع الماضي (إن المملكة المتحدة تملك الكثير من المقومات لتشارك بها في مجال الاقتصاد الإسلامي، حيث تعتبر لندن مركزا ملائما لتكون عاصمة عالمية للأعمال والخدمات المصرفية الإسلامية لما تتمتع به من الخبرات والمقومات). وتقول المسؤولة (إن بريطانيا بدأت بإصدار القوانين التنظيمية المطلوبة لتصبح خيارا مفضلا للخدمات المصرفية الإسلامية في العالم)، ولتحقيق ذلك حرصوا على تنظيم العديد من المؤتمرات والندوات المتخصصة ليحاضر بها المختصون في الاقتصاد الإسلامي إيمانا منهم بالمستقبل الواعد الذي تنتظره سوق الصكوك. ويتوقع خبراء الاقتصاد الإسلامي في منتدى دبي أن تتضاعف قيمة التمويل الإسلامي إلى 3.4 تريليون دولار خلال خمس سنوات. ويبقى السؤال هو: أين نحن من ترسيم عمل البنوك الإسلامية؟، وهل سنكتفي بالتعاملات الإسلامية داخل البنوك التجارية؟، وأجزم بأن المملكة هي الأولى لأن تكون عاصمة الاقتصاد الإسلامي ومقومات نجاحها كثيرة، منها موقعها الإسلامي وثقلها الاقتصادي وحجم مشاريعها التمويلية. إن التجارب الرائدة في المصرفية الإسلامية التي كانت بمبادرة من بعض رجال الأعمال السعوديين أمثال الأمير محمد الفيصل في بنك فيصل الإسلامي والشيخ صالح كامل في بنك البركة والشيخ سليمان الراجحي في شركة الراجحي وبعض الصناديق الإسلامية تؤكد أن رجال الأعمال السعوديين قادرون على تبني تطوير فكر المصرفية الإسلامية وتوسيع دائرة استخدامه، مثمنا الجهود التي يبذلها أخي الشيخ صالح كامل منذ سنوات طويلة في مجال نشر ثقافة الاقتصاد الإسلامي بجميع أدواته، مستقطبا أصحاب الفكر والرأي والمشورة من العلماء والمفكرين ورجال الاقتصاد والمال ليقدموا رأيا مطورا متماشيا مع الشريعة الإسلامية، محققا الأساس في الاقتصاد الإسلامي، وهو (عمارة الأرض وتنميتها واستثمار خيراتها لتحقيق السعادة للمجتمعات والخير للإنسان).