ترتفع الأصوات في القنوات المناوئة للسعودية في العراق والشام، لجهةِ تحميل السعودية مسؤولية انتشار الإرهاب، عبر الضخّ في أذن المستمع بأن "داعش" هي النسخة العسكرية للتعاليم الوهابية، وهذه المقولة شرّقت وغرّبت. وكأن الأفكار الأخرى لا تنتج التطرف، أضرب مثلاً بجماعة الإخوان المسلمين والحوثيين والميليشيات الشيعية في كل مكان، ولكل جماعةٍ من هذه الجماعاتِ أسسها ومفاهيمها التي تنطق بها. هناك تبسيط للفكر الداعشي واختصار غير معرفي لهذه الأيديولوجيا التي يحملها هذا التنظيم. إن "داعش" تركيبة من الأفكار الإرهابية التي استقاها أهلها من مجموعةٍ من المصادر والمنابع، والمؤلفات والفتاوى الموجودة في كتب أئمة الدعوة هي منتج قد تستفيد منه الجماعات المتطرفة كما تستدل بالنصوص المقدسة وفتاوى لعلماء أجلاء مثل ابن تيمية وغيره، فهذا الاختصار غير علمي وغير معرفي. أحيل هنا إلى طرحٍ مهم كتبه الصديق عبدالله بن بجاد العتيبي بعنوان:" «داعش» بين «الوهابية» و«الإخوان المسلمين» فهو يختصر الرد بطريقةٍ علمية على تلك المقولات الاختزالية، يكتب ابن بجاد:" تنظيمات العنف السرية. لم تنشئ الوهابية تنظيما سريا واحدا، بينما فرخت جماعة الإخوان كل تنظيمات العنف الديني، بدءاً من إنشاء البنا للتنظيم الخاص ومحاولة سيد قطب لهدم القاهرة بالتفجيرات عبر تنظيم 1965 مروراً بتنظيمات العنف في السبعينات، «الفنية العسكرية» و«جماعة الجهاد» و«التكفير والهجرة»، وكلها ذات منبع إخواني صرف وليس لها أي علاقة بالوهابية، وإن رجع عبد السلام فرج إلى مصدر سلفي قديم هو فتوى ابن تيمية في الطائفة الممتنعة". هناك أعمال عنف وجماعات وخلايا لدى السنة من غير الوهابيين، وكذلك لدى الشيعة، وهذا لا يعني أن هذه الجماعة تمثل جميع هذه الطائفة أو هذه الرؤية، أتمنى أن تكون الإحالات التحليلية والمقولات منطلقةً من منحىً علمي، لكن جميع من يحيلون "داعش" إلى الوهابية لديهم أهداف سياسية وهذا واضح من المنطق والمناسبة.