التحديات التي تواجه دول مجلس التعاون الخليجي تحديات منذ قيام المجلس قبل أكثر من 33 عاما، حيث شهدت المنطقة عدة حروب والعديد من الأزمات، والتي ما زالت تداعياتها تتصاعد ولا سيما بعد انتشار ما يطلق عليه ثورات الربيع العربي وما تبعها من اختلالات أمنية وسياسية في سورياوالعراق واليمن، ولذلك فإن التحديات التي تواجه المنطقة كثيرة ومتنوعة وتنقسم إلى تحديات داخلية وخارجية، وجميع هذه التحديات تتطلب حلولا عاجلة وأخرى استراتيجية متوسطة وبعيدة وفي إطار توحيد الرؤية والقرار الخليجي بما يضمن الاستقرار والنأي عن المشاكل التي تموج في المنطقة . ومن تحديات الداخل ارتفاع نسبة الشباب ( 65 % من إجمالي السكان)، وهذا يتطلب توفير احتياجات هذه الشريحة من العمل والسكن والتعليم، وتحصينها وحمايتها من الاختطاف تجاه التطرف والإرهاب، ويتحقق ذلك بتوفير العمل المناسب، خاصة لحملة المؤهلات الجامعية والعائدين من الابتعاث الخارجي، ومعالجة البطالة وتوسيع المشاركة السياسية وزيادة تمثيل الشباب في المجالس المختلفة، إضافة إلى إصلاح المناهج التعليمية، والخطاب الديني والإعلامي. ومن التحديات أن دول المجلس تعتمد مداخيلها على النفط (80 إلى 90 % من الموازنات العامة)، ولعلنا ندرك خطورة ذلك عند انخفاض اسعار النفط، وهو ما لاحت نذره في الوقت الحالي، الأمر الذي قد يقلص الانفاق العام بما يؤثر سلبيا على خطط التنمية التي ترتبط بأسعار النفط المتقلبة، خاصة أن هذه الاسعار تخضع لاعتبارات، معظمها خارجة عن إرادة الدول المصدرة للنفط، الأمر الذي يستدعي توسيع القاعدة الاقتصادية، وتنويع مصادر الدخل، وتوجيه عوائد الوفرة النفطية إلى مشاريع انتاجية وخدمية ذات عائد وقيمة مضافة للاقتصاديات الخليجية. المنطقة تواجه تحديات خارجية، في مقدمتها البرنامج النووي الإيراني، إضافة إلى تدخلات إيران في شئون دول المنطقة، في العراقوسوريا واليمن، ومحاولات التدخل في شأن مملكة البحرين واستخدام الورقة الطائفية مدخلا لزيادة التوتر وعدم الاستقرار وكذلك الوضع المتدهور في اليمن بعد سيطرة الحوثيين وما ترتب على هذه السيطرة من تداعيات مع ضعف سلطة الدولة، ونفوذ القاعدة وتراخي المجتمع الدولي، وخاصة الولاياتالمتحدةالأمريكية، في مساعدة المعارضة السورية أدى إلى ظهور الحركات الإرهابية، أدت السياسات الطائفية في العراق الى اقصاء بعض مكونات الشعب العراقي ما أدى إلى تنامي الحركات الإرهابية التي تسيطر على أجزاء كبيرة من العراق. وعند الحديث عن التحديات الخليجية لا نستطيع تجاهل فتور اهتمام الولاياتالمتحدةالأمريكية بأمن الخليج وتواجدها في هذه المنطقة وتوجهها شرقا نحو جنوب شرق آسيا، الأمر الذي سيخلق فراغا استراتيجيا في المنطقة في الوقت الذي تتزايد خطورة جماعات الإسلام السياسي التي تريد القفز إلى السلطة تحت شعارات دينية وهو ما فعلته جماعة الاخوان المسلمين في بعض الدول العربية التي تعرضت لأحداث ما يسمى الربيع العربي. ودول مجلس التعاون الخليجي لاحت لها فرصة تاريخية للتعامل مع هذه التحديات تحت مظلة موحدة من خلال تبني مبادرة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، حفظه الله، التي أطلقها في 24 محرم 1433ه الموافق 19ديسمبر 2011م، ودعا فيها إلى تحول دول المجلس من مرحلة «التعاون» إلى مرحلة «الاتحاد»، وكان من الضروري على دول المجلس التعامل معها فورا وترجمتها إلى واقع، اختصارا للوقت ولتحقيق السرعة في مواجهة التداعيات الخطيرة التي تشهدها المنطقة.