ظلت قضايا المرأة خصوصاً في ما يتعلق بالزوجية ومتعلقاتها من طلاق وخلع ونفقة وحضانة مشكلة مؤرقة للقضاء منذ سنوات طويلة. وكان التخلف عن حضور الجلسات وتوزيع قضايا الزوجية على عدة قضاة وبطء المواعيد وغير ذلك أموراً شائكة مقلقة. ولا شك أن القضايا تزداد والمرأة تعاني والعدالة أحياناً بطيئة وتعسف الرجال وقسوة بعضهم لا تقف عند حدٍ أو منتهى. وفي ظل المشروع القضائي الكبير التي تنهض به وزارة العدل حالياً حضرت وظهرت هذه المشكلة بقوة. كيف وهي تشكل أكثر من 60% من القضايا المنظورة أمام القضاء، وشعرت الوزارة والمعنيون بالمشكلة الاجتماعية المؤرقة. كانت الخطوة الأولى الصائبة في نظري هي قيام القضاء المتخصص للأسرة والأحوال الشخصية. من المؤكد خلال خوضي وممارستي المهنية أن قضايا الأحوال الشخصية خصوصاً ذلكم العقد المرتبط بعضه ببعض أقصد الطلاق والخلع والحضانة والنفقة جميعها تتفق في الدعوى ولكنها في ظل غياب مدونات أو تقنين تختلف وتتفاوت في النتيجة والحكم. وإن كان التفاوت في القضايا الزوجية لا يكون كبيرا كما هو الحال في القضايا الحقوقية الأخرى. ومن هنا برزت الحاجة إلى وضع مبادئ عاجلة خصوصاً في ما يتعلق بقضايا المرأة في الطلاق والخلع والنفقة والحضانة. إصدار المجلس الأعلى للقضاء قراره بحق المرأة بتسليمها كافة الأوراق المتعلقة بأطفالها المحضونين في جميع الدوائر. يؤكد جدية المؤسسة العدلية في معالجة قضايا المرأة التي ظل صك الحضانة الذي يصدر لها حبراً على ورق في ظل عدم تفعيل أعماله ونتائجه خصوصاً الأوراق الثبوتية وصك الطلاق ونحو ذلك. لقد شعرت وزارة العدل والمجلس الأعلى للقضاء بأهمية التعجيل بالإصلاح للجوانب الإجرائية والتنفيذية في ما يتعلق بالمرأة والتقاضي. وكان للتوجيهات المتعلقة بعدم جبر وقسر المرأة على العيش مع من لا ترغب خطوة هامة في مسار الاستقرار للزوجين والبحث عن حلول ناجحة لكلا الطرفين. إلا أن الخطوة الأهم في نظري والتي كنا كمحامين ننتظرها -مما نراه ونسمعه من قضايا الزوجية وتعقيداتها- هي قرار توحيد الأحكام الأسرية من طلاق ونفقة وزيارة وحضانة وغيرها وإصدارها في صك واحد، بل وإعطاؤها الأولوية في ذلك حال النظر القضائي. كما أن التوجيهات الصريحة والعاجلة بضرورة سرعة البت والنظر والفصل في القضايا الزوجية خطوة هامة نحو حماية البيوت من التفكك وعدم اللجوء إلى كثرة المواعيد وبعدها. وفي نظري أنها خطوة اجتماعية رائعة سوف تكون إحدى الوسائل للقضاء على تفاقم وكثرة القضايا الزوجية ومحاولة لم الشمل وعدم زيادتها وتعقيدها. بل لقد كشفت وزارة العدل مؤخراً عن رغبتها في إصدار مشروع مؤشرات الطلاق ويتضمن كافة الأسباب والعوامل الاجتماعية والاقتصادية والدينية والأخلاقية والتعليمية لهذه الظاهرة، كما أن من المنتظر بشكل جاد إنشاء وكالة تعنى بشؤون الأسرة في التعاون مع الجهات الأخرى في ذلك. إن من المهم الإشادة بدور الوزارة الجاد وفي هذا الجانب والنقلة التي تشهدها حقوق المرأة في المؤسسة العدلية إضافة إلى أهمية الدور التوعوي الذي يجب أن تتعاضد فيه الجهات والأفراد مع وزارة العدل وخصوصاً المرأة وزيادة البرامج التدريبية والتوعية للرجال والنساء كيما نشعر المرأة بكرامتها المصانة والمحفوظة في الشريعة وقضائنا المشرف. كما أرجو من وزارة العدل أن يكون للمحامين دور في هذه الخطوات فهم يشكلون خبرات متراكمة ناجزة ويسعون للعطاء والبذل التطوعي وهم عين مطلعة على كافة تفاصيل تلك المشكلات.