يحكى أن فتاة صغيرة مع والدها الكبير كانا يعبران جسرا خاف الأب الحنون على ابنته من السقوط لذلك قال لها: حبيبتي أمسكي بيدي جيدا حتى لا تقعي في النهر فأجابت ابنته دون تردد: لا يا أبي أمسك أنت بيدي. رد الأب باستغراب: وهل هناك فرق؟ كان جواب الفتاة سريعا أيضا قائلة: نعم يا أبي هناك فرق كبير ، فلو أمسكت أنا بيدك قد لا أستطيع التماسك ومن الممكن أن تنفلت يدي فأسقط لكن لو أمسكت أنت بيدي فأنت لن تدعها تنفلت منك أبدا. عندما تثق بمن تحب وتطمئن على وضع حياتك بين يديه أكثر من اطمئنانك لوضع حياتك بين يديك عندها امسك بيد من تحب قبل أن تنتظر منهم أن يمسكوا بيدك. قد تكون علاقة الأب بابنته محدودة بخلاف الابن وذلك أولا يرجع لخجل البنت وضعفها فتجد علاقة البنت دائما ما تكون أكثر بأمها وهذا لا يحد من حب الأب لابنته بل بالعكس تجد البنات هن من يتربعن قلوب الآباء وهم من يحرصون على تلبية طلباتهن وألا يكدر خواطرهن شيء. الأب دائما ما يشد على يد بناته ويسأل عن أحوالهن خصوصا إذا لاحظ أن هناك شيئا يضايق إحداهن ويكفيكن فخرا أن أحب أبناء الرسول صلى الله عليه وسلم ابنته فاطمه الزهراء. تجد الأب يحرص ألا يزوج ابنته إلا رجل كفؤ يودعها له وهو مرتاح إنه لن يذلها وسيعاملها كما لو كانت في بيت أبيها. لدى أحد الآباء بنت يحبها حبا شديدا فنظم فيها هذه الأبيات: وما بي أن تهون علي لكن مخافة أن تذوق الذل بعدي فإن زوجتها رجلا فقيرا أراها عنده والهم عندي وإن زوجتها رجلا غنيا سيلطم خدها ويسب خدي سألت الله يعطيها خيرا بمثقال ما كانت أعز الناس عندي. ولأن النبي صلى الله عليه وسلم كان أبا فإنه أفضل النماذج وأكملها في التعامل مع بناته فقد سجل لنا الرواة من سيرته مع ابنته فاطمة رضي الله عنها أروع الأمثلة في الأب الحنون المحب المهتم بابنته. فقد كانت فاطمة ريحانته وحافظة أسراره؛ وتصف لنا ذلك عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها فتقول: ما رأيت أحدا كان أشبه كلاما وحديثا برسول الله من فاطمة. وفي الصحيحين قالت عائشة رضي الله عنها: جاءت فاطمة تمشي ما تخطئ مشيتها مشية رسول الله فقام إليها وقال: «مرحبا بابنتي». ومن جانب علماء النفس فإنهم يؤكدون أن علاقة الأب بابنته تؤثر بشكل كبير في مستقبلها ومدى نجاحها في حياتها وعملها. ويوضح العلماء أن العلاقة الجيدة المتينة بين الأب والابنة تعني النجاح. ويقول أساتذة الطب النفسي إن الرجل الأول في حياة الفتاة هو والدها ومن خلاله تتحدد نظرتها للرجال بشكل عام، وقد أثبتت دراسة حديثة أن الفتاة تشعر باكتمال حاجتها بقربها من والدها، خاصة إذا كان ذلك الأب حنونا وعطوفا. إن هناك بعض الأمور التي ينبغي أن يراعيها كل أب من أجل تدعيم العلاقة بينه وبين ابنته لكي يقضيا معا وقتا طيبا يجعله جزءا أساسيا من حياتها، باعتبار أن الوالد الذي يختار أن يساهم في تنشئة بناته يمكنه أن يطمئن إلى أنهن سوف يكبرن وهن يشعرن بالثقة في النفس، ويحترمن أنفسهن، ويشعرن بقيمتهن الذاتية، ويؤهلهن لمواجهة عالم الكبار فتكون ثمرتهن الجنة.