فيما استبدلت بعد فجر يوم أمس (يوم عرفة) كسوة الكعبة المشرفة، جريا على العادة السنوية، حيث يتم تغيير الكسوة مرة في السنة خلال موسم الحج، أكد ل «عكاظ» مدير عام مصنع كسوة الكعبة الدكتور محمد باجودة أنه لا خاصية لاختيار يوم عرفة لتغيير الكسوة من الناحية الشرعية، سوى أن قلة عدد ضيوف الرحمن في ذلك اليوم العظيم يساعد على تغييرها في أسرع وقت ممكن، حيث تستغرق العملية قرابة الأربع ساعات، مشيرا إلى تسليم الكسوة القديمة إلى الرئاسة العامه لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي (إدارة المستودعات)، مبينا أن تشمير الكسوة يستمر إلى منتصف محرم المقبل. وكانت الكعبة تكسى قبل الإسلام في يوم عاشوراء، ثم صارت تكسى فى يوم النحر (عيد الأضحى)، وبعد فتح مكة في العام التاسع الهجري كساها الرسول صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع بالثياب اليمانية وكانت نفقاتها من بيت مال المسلمين. وفي عهد الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه أصبحت الكعبة تكسى بالقماش المصري المعروف بالقباطي وهي أثواب بيضاء رقيقة كانت تصنع في مصر في مدينة الفيوم، وفي عهد معاوية بن أبي سفيان كسيت كسوتين في العام الأولى يوم عاشوراء والثانية آخر شهر رمضان استعدادا لعيد الفطر، كما أن معاوية هو أيضا أول من طيب الكعبة في موسم الحج وفي شهر رجب، وفي الدولة العباسية كانت تكسى الكعبة في بعض السنوات ثلاث مرات في السنة، وكانت الكسوة تصنع من أجود أنواع الحرير والديباج الأحمر والأبيض. وفي عهد الخليفة المأمون كسيت الكعبة ثلاث مرات في السنة، ففي يوم التروية تكسى بالديباج الأحمر، وفي أول شهر رجب تكسى بالقباطي، وفي عيد الفطر تكسى بالديباج الأبيض، واستمر اهتمام العباسيين بالكسوة إلى أن ضعفت الدولة العباسية فكانت الكسوة تأتي من بعض ملوك الهند وفارس واليمن ومصر. ومع بداية الدولة الفاطمية كانت ترسل كسوة الكعبة كل عام من مصر، وهي بيضاء اللون. واستمرت مصر في نيل شرف كسوة الكعبة إبان الدولة المملوكية في عهد السلطان الظاهر بيبرس، وبعد سقوط دولة المماليك وخضوعها للدولة العثمانية، اهتم السلطان سليم الأول بتصنيع كسوة الكعبة وزركشتها وكذلك كسوة الحجرة النبوية، وفي عهد السلطان سليمان القانوني ظلت كسوة الكعبة ترسل بانتظام من مصر بصورة سنوية يحملها أمير الحج معه في قافلة الحج المصرية. وتوقفت مصر عن إرسال كسوة الكعبة عندما تولت المملكة شرف صناعتها، حيث أصدر الملك المؤسس عبد العزيز آل سعود عام 1927م أمرا ملكيا بتشييد مصنع أم القرى لصناعة الكسوة الشريفة، ووضع الملك فيصل حجر الأساس للمصنع الجديد في أم الجود، وافتتح في عهد الملك خالد، ويضم المصنع أقساما مختلفة لتنفيذ مراحل صناعة الكسوة، ابتداء من صباغة غزل الحرير، ومرورا بعمليات النسيج والتطريز، وانتهاء بمرحلة التجميع. وتصنع كسوة الكعبة من الحرير الطبيعي الخالص المصبوغ باللون الأسود، ويستهلك الثوب الواحد 670 كجم من الحرير الطبيعي، منقوش عليها عبارة (لا إله إلا الله محمد رسول الله)، (الله جل جلاله)، (سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم)، (يا حنان يا منان)، وتوجد تحت الحزام على الأركان سورة (الإخلاص) مكتوبة داخل دائرة محاطة بشكل مربع من الزخارف الإسلامية. ويبلغ ارتفاع الثوب 14 مترا، وفي الثلث الأعلى من هذا الارتفاع حزام الكسوة بعرض 95 سنتمترا، مكتوب عليه بعض الآيات القرآنية ومحاط بإطارين من الزخارف الإسلامية ومطرز بتطريز بارز مغطى بسلك فضي مطلي بالذهب، ويبلغ طول الحزام 47 مترا، ويتكون من 16 قطعة. كما تشتمل الكسوة على ستارة باب الكعبة المصنوعة من الحرير الطبيعى الخالص، ويبلغ ارتفاعها سبعة أمتار ونصف المتر وبعرض أربعة أمتار مكتوب عليها آيات قرآنية وزخارف إسلامية ومطرزة تطريزا بارزا مغطى بأسلاك الفضة المطلية بالذهب، وتبطن الكسوة بقماش خام. كما توجد ست قطع آيات تحت الحزام، وقطعة الإهداء و11 قنديلا موضوعة بين أضلاع الكعبة، ويبلغ طول ستارة باب الكعبة 5ر7 متر وبعرض أربعة أمتار مشغولة بالآيات القرآنية من السلك الذهبي والفضي. وعلى الرغم من ميكنة الإنتاج، إلا أن العمل اليدوي ما زال يحظى بالاهتمام.