منذ أن تبنت وزارة العدل في عهد وزيرها المتألق العامل الدكتور محمد العيسى عدداً من الخطوات الجديدة والوزارة وفروعها وتوابعها الإدارية والعدلية من محاكم ونحوها تشهد تحسناً في الأداء وارتقاء في الوسائل المساعدة لتحقيق سرعة ودقة الإنجاز، وكانت خطوة إنشاء محاكم لتنفيذ الأحكام القضائية المميزة خطوة عظيمة ومباركة في مجال سرعة تحصيل حقوق الذين صدرت لصالحهم أحكام شرعية بما لهم من حقوق لدى خصومهم، وقد قرأت قبل أيام في هذه الجريدة أن ما تم تحصيله من حقوق ثابتة عن طريق محاكم التنفيذ في أقل من عام بلغ ستة وعشرين مليار ريال وأن محافظة جدة كان لها نصيب الأسد في عملية رد الحقوق لأهلها حيث وصلت المبالغ المستردة عشرة مليارات ريال وطالت عملية الاسترداد من تهرب عن تنفيذ الأحكام التي صدرت ضده فهرب إلى الخارج فكانت محاكم التنفيذ له بالمرصاد وكان أكبر مبلغ أعيد لصاحبه هو خمسمائة مليون ريال وأصغر مبلغ هو خمسمائة ريال هي عبارة عن حكم بالنفقة لمطلقة، أي أن «صَعيب الحق» كما يقال في التعبير الشعبي عن المماطل لا يرتاح إلا إذا ماطل وأتعب صاحب الحق لدناءة وخسة في نفسه وقد قرأت من قبل بيتاً لشاعر يصور سلوك مماطل حيث يقول: إذا جئته للدين أغلق بابه *** فلم تلقه إلا وأنت كمين وعلى أية حال فقد كانت الأحكام الشرعية تصدر وتُميز ولكن الذين صدرت ضدهم يظلون يماطلون أصحاب الحقوق سنوات حتى ييأسوا من الحصول على حقهم فيتركوه طالبين «العوض من الله» أو يسعوا عن طريق معارف خصومهم لترقيق قلوبهم لدفع جزء من تلك الحقوق فتدفع أو لا تدفع لهم، وهناك من مات وله حقوق لدى الآخرين عجز عن الحصول عليها وهناك من هلك وهو سادر في مماطلة أصحاب الحقوق مفاخراً في حياته البائسة بعمله قائلاً لمن حوله: سوف أقطع قلبه ولن يرى مني أبيض ولا أسود.. ليلقى الله بعد ذلك وفي رقبته العديد من حقوق العباد تاركاً ورثته يتمتعون بما جمعه له من مال حرام فلا يتذكره أحد منهم بدعاء أو صدقة! وكان أشد المماطلين بأساً وأقدرهم على الاحتيال الذين يستطيعون التهرب من الحقوق بالهرب إلى الخارج لامتلاكهم إمكانيات مادية واجتماعية تسهل لهم عملهم الدنيء الظالم، ولكن محاكم التنفيذ التي أصبح من ضمن عملها نشر إعلانات صحفية بأسماء المماطلين وما عليهم من مبالغ وحقوق واعتبار تلك الإعلانات آخر بلاغ يتلقونه وأن عليهم تنفيذ الأحكام الصادرة ضدهم في غضون خمسة أيام من تاريخ نشر الإعلان، وإلا فإن الكلبشات حاضرة، لإمكانية الوصول إليهم حتى لو كانوا في الخارج عن طريق الشرطة الدولية، تلك المحاكم المباركة بينت للمجنون قرصه فعقل ولذلك لم أستغرب نجاح محكمة التنفيذ في محافظة جدة في استعادة مبلغ خمسمائة مليون ريال حكم بها لصالح صاحب حق فأعادتها المحكمة له بقوة التنفيذ.. وإلى الأمام.