تظل أمام تنظيم داعش «الإرهابي» فرصة كبيرة للبقاء أطول وقت ممكن.. كما بقي تنظيم القاعدة حتى الآن رغم الضربات المتعددة التي تلقاها التنظيم الأخير في أفغانستان.. واليمن.. والصومال وغيرها.. هذا الكلام أقوله بعد أن استمعنا جميعا إلى الرئيس الأمريكي «باراك أوباما» يقول أثناء حديثه عن الاستراتيجية الأمريكية لضرب داعش: «هدفنا واضح، سنضعف تنظيم داعش وندمره في نهاية المطاف من خلال استراتيجية شاملة ومتواصلة لمكافحة الإرهاب» وتوقعه أن «تستمر المواجهة مع تنظيم داعش سنوات طويلة» وهذا يعني أن المنطقة ستظل مهددة بأخطار حقيقية قد تؤدي إلى تداعي بعض دولها مادام أن الوباء مازال موجودا.. وأن الدول التي تعاني أو ستعاني منه معرضة باستمرار لاستنزاف قدراتها العسكرية.. والمالية.. والبشرية.. والسؤال الجوهري والبارز الآن هو: لماذا ننتظر طويلا إذا كانت الإرادة الدولية متحققة الآن للقضاء على هذا التنظيم وغيره.. ومادام أن هناك رغبة حقيقية في مواجهته.. بعد أن تنبه العالم أخيرا لما كان الملك عبدالله بن عبدالعزيز يحذر منه طوال ثلاث سنوات في أكثر من صورة.. ومن خلال أكثر من لقاء وآخرها حديثه إلى سفراء العالم الذين قدموا أوراق اعتمادهم إليه كسفراء في بلادنا مساء الجمعة 3/11/1435ه الموافق 29/8/2014م في جدة حينما قال بوضوح: «إن الإرهاب الحالي من الخطورة بحيث نتوقع وصوله إلى أوروبا بعد شهر وإلى أمريكا بعد شهر آخر» هذا التحذير الهام هو الذي حرك العالم بدوائره الاستخبارية والسياسية والأمنية لتعطي القضية أهمية أعلى من ذي قبل.. وترتب على ذلك صدور بيانات رسمية من البيت الأبيض تشير إلى أن الرئيس أوباما بصدد إعادة دراسة الموقف ووضع استراتيجية فعالة لمواجهة هذا الخطر.. وعندما ظهر أوباما على شاشات القنوات الفضائية مساء الأربعاء الماضي 15/11/1435ه الموافق 10/9/2014م وأعلن استراتيجيته.. كان وزير خارجيته «جون كيري» قد تحرك باتجاه المنطقة فمر ببغداد وعمان ثم جاء إلى جدة للاجتماع بوزراء خارجية دول مجلس التعاون ومصر والعراقولبنانوتركيا في إطار مؤتمر جدة لبلورة صيغة عمل التحالف الدولي الذي أعلن عن أنه سيتكون من (40) دولة.. وكان مجيئه إلينا في جدة تحديدا لسببين رئيسيين هما: لماذا جدة ملتقى للقاء دول التحالف أولا: أن المملكة العربية السعودية هي التي تحملت وتتحمل لواء الدعوة الجاد لمواجهة الخطر الذي قدرت بأنه سوف يتجاوز حدود المنطقة إلى العالم كله. ووجدت تقديراتها هذه تفهما جيدا لدى العالم.. لكن لا يبدو كافيا حتى الآن. ثانيا: أن الوزير الأمريكي.. حرص على أن يجتمع شخصيا بالملك عبدالله لكي يسمع منه مباشرة تفاصيل ما تملكه المملكة من معلومات وثيقة جعلتها تتحسب كثيرا من هذا الخطر وتلفت نظر العالم إليه بقوة؟ لذلك فإن السؤال الآن - كما قلت هو: لماذا تقتصر الحرب على داعش على السلاح الجوي والضربات الخاطفة فيما يتغلغل التنظيم في العراق بقوة ويتحرك في سوريا على هواه.. وينتشر داخل المدن وبين السكان الذين سوف يحولهم إلى دروع بشرية للتخفي وراءها ومنع سقوطه بالسرعة المطلوبة وبالتالي نتوقع عدم تحقيق كل الأهداف المرجوة.. لصعوبة التعامل به في هذه الحالة.. أطرح السؤال وأنا أعرف أن الرئيس الأمريكي «أوباما» وانسجاما مع سياساته المعروفة بعدم الزج بالقوات الأمريكية في حروب خارجية لتفادي الخسائر البشرية والمادية الكبيرة التي لحقت بأمريكا في الماضي سواء في فيتنام.. أو أفغانستانوالعراق.. قد أعلن منذ البداية أن دور بلاده سيقتصر على توجيه ضربات جوية لا يمكن معرفة مدى قوتها على تحقيق هدف القضاء على هذا التنظيم.. وإن كانت المعطيات جميعا تؤكد أن تلك الضربات لن تكون كافية للأسباب التالية: الضربات الجوية غير كافية 1) أن دول العالم الأخرى عربية وأوروبية ودولية لا تبدو مستعدة للدخول في حروب برية ومواجهات مباشرة مع تنظيم يعتمد أسلوب العصابات في الحروب غير المنظمة.. وإن امتلك الكثير من القدرات والإمكانيات القتالية الكبيرة.. 2) أن هناك دولا أخرى لاتزال خارج هذا التحالف الدولي ومنها روسيا والصين وكوبا وإيران ومن في حكمها لأنها ترفض المشاركة فيه.. أو لأن دول التحالف تنظر إليها كأطراف ضليعة في صنع هذه التنظيمات لتحقيق أهداف معينة من خلالها في مواجهتها مع الولاياتالمتحدة وبعض الدول العربية والإسلامية دون البعض الآخر.. 3) أن تركيا وهي شريك في التحالف وفي اجتماعات جدة مازالت معترضة على مبدأ ضرب التنظيم.. بالرغم من الاتصالات الأمريكية معها ولقاء الرئيس أوباما بالرئيس أردوغان.. وزيارة كيري لتركيا بعد مؤتمر جدة مباشرة.. 4) أن هناك دولا أخرى في الإقليم تشارك بدرجة أو بأخرى في أعمال الفوضى التي تشهدها المنطقة وتتبع سياسات قائمة على زعزعة الاستقرار بها.. ولا تبدو مستعدة للتراجع عن سياساتها تلك، كما تبدو غير راضية عن توجيه ضربات موجعة لتنظيمات تعتبر أحد أدواتها في إحداث التغيير الذي تسعى إليه وتشارك فيه بالمال وبالسلاح وبتبني قياداتها على أراضيها وفتح المعسكرات لديها لتدريب عناصرها. 5) أن دور الدول العربية المشاركة في مؤتمر جدة والمهتمة بوضع حد لهذا التنظيم اقتصر على تقديم مختلف أنواع الدعم الاستخباراتي والمالي والمعلوماتي والإنساني لأسباب عديدة يرد في مقدمتها عدم جاهزيتها لخوض حروب ومواجهات من هذا النوع.. المالكي أضعف الجيش ودعم حروبه 6) أن الجيش العراقي الموكلة إليه المهمة الرئيسية في المواجهة لهذا التنظيم يعاني كثيرا من الضعف والتشرذم من جراء السياسات التي أخضع لها في سنوات رئاسة رئيس الوزراء السابق «نوري المالكي» وساهم في إضعافه كثيرا.. بعد الضربات الشديدة التي تعرض لها عقب إسقاط صدام حسين ودخول البلاد في دوامة الصراعات المذهبية والطائفية والعرقية إلى حد التمزق والإنهاك. وهذا يعني أن إعادة تأهيل هذا الجيش وتدريبه على حروب من هذا النوع على يد الخبراء الأمريكان والفرنسيين سوف يستغرق وقتا طويلا.. لاسيما بعد انتشار داعش داخل المدن العراقية وعلى الحدود السورية دون مقاومة على الإطلاق.. لذلك فإنه من الصعب تحقيق انتصارات كبيرة على التنظيم في وقت قصير إذا كان التعامل معه ضعيفا. 7) أن إصلاح الوضع العراقي الداخلي الذي خلفته فترة حكم المالكي بات أكثر تعقيدا.. في وقت تحتاج فيه الإدارة العراقية الجديدة (الرئيس/البرلمان/رئاسة الوزراء) إلى وقت كافٍ لمعالجة الفجوات العميقة الموجودة الآن بين السنة والشيعة والتركمان وبينهم وبين الأكراد كذلك.. وقد انعكس هذا الوضع على التعامل الدولي مع كل من السلطة في بغداد وكذلك مع الأكراد حيث قدمت أمريكا وفرنسا مساعدات عسكرية مباشرة للأكراد.. لصد الهجوم على الإقليم الذي يديرونه.. بهدف كسر شوكة داعش.. وقام وزير الخارجية الأمريكي ثم الرئيس الفرنسي بزيارة للإقليم والتقوا «البرزاني» في لقاءات رفيعة المستوى.. المهام الجوهرية لأطراف التحالف هذا التشابك والتعقيد قد يخلق بعض المشاكل في مرحلة قادمة.. لكنه وبكل تأكيد يشكل أحد مظاهر تشتت الجهود في التعامل مع عدو حقيقي يتهدد وحدة العراق وسلامته وحياة ومستقبل شعبه بصرف النظر عن مكوناته السياسية الداخلية.. وعلاقات هذه المكونات الإقليمية ولاسيما مع كل من إيرانوتركيا وبعض الجيران. ولا يعني هذا أن على جيوش هذه الدول أن تدخل في حرب مباشرة مع هذا «الأخطبوط» الجديد لكي تقضي عليه تماما.. وإنما يعني أن الاكتفاء بالضربات الجوية «الخجولة» قد لا يحقق كل الأهداف المرجوة.. وبالذات لأنها الوسيلة الوحيدة المستخدمة ضده.. صحيح أن التحالف فكر في طرق وأساليب أخرى.. وحدد في مؤتمر جدة بصورة أدق عدة مهام.. كما سعى إلى تحديد الأدوار بصورة تكاملية ودقيقة.. وهذا شيء جيد.. إلا أن الأكثر صحة هو أنه لا بد وأن تتوفر عوامل عدة لإنجاح المهمة يأتي في مقدمتها: (1) ضمان قيام كل طرف بالمهمة الموكلة إليه بدقة متناهية. (2) قبول تركيا ومشاركتها بدور فعال في إيقاف تدفق الشباب المستقطب للانضمام للتنظيمات الإرهابية ومنع مرور الأسلحة والمعدات وإقامة معسكرات التدريب لهم على أراضيها وتقديم التسهيلات اللوجستية الكافية للتحالف الدولي لتمكينه من العمل القوي ضد تلك التنظيمات. (3) التأكد من أن جميع دول التحالف راغبة حقا في التخلص من الإرهاب.. ومخلصة للمهمة المناطة بها وأن أيا منها لن تشارك في استمرار هذا التنظيم وإمداده بما يعينه على البقاء وضرب دول المنطقة في العمق.. (4) استمرار العمل بجدية على منع مشاركة إيران في التحالف بشكل مباشر لأنها أحد أبرز صانعيه والمستفيدين من وجوده.. والحيلولة دون اختراقها للتحالف بشكل أو بآخر حتى لا نعطيها القدرة على كشف الخطط قبل تنفيذها وتقليل فرص التخلص من التنظيم في مدى زمني محدد.. عام واحد للقضاء على داعش وإلا... وكما قلت في البداية.. فإن ما تم حتى الآن جيد ومفيد.. لكن إطالة أمد الحرب على تنظيم هو في مرحلة التشكل والبناء لقدراته التدميرية.. قد يعطيه الفرصة ويعطي من صنعوه وأوجدوه لتحقيق أهداف أساسية ومركزية يقف في مقدمتها.. استمرار وتيرة الفوضى بالمنطقة وربما تصاعدها لكي تشمل دولا أخرى.. بهدف إسقاطها وبالتالي تقليل مدى فاعلية «الضربات» الجوية.. كعنصر وحيد في المواجهة له.. ذلك أن الفارق كبير بين السعي إلى «إضعاف» تنظيم داعش.. وبين القضاء عليه.. أيا كانت خطط التحالف ودرجة قوتها وتكامل عناصرها.. وبالتالي فإنه لا بد وأن تتفق إرادة هذه الدول على مبدأ القضاء التام.. وفي مدى زمني معين لا يطول كثيرا.. وإلا فإن الوقت لن يكون في صالح دول المنطقة.. كما أنه ليس في مصلحة الأمن والسلام والاستقرار في العالم.. لأن مصالح دوله الكثيرة في المنطقة ستكون عرضة للتدمير والتخريب.. فضلا عن أن خطط وبرامج هذا التنظيم ومن يقفون وراءه ستتواصل للوصول إلى عواصم الدول الكبرى في وقت من الأوقات لن يكون طويلا كما قال خادم الحرمين الشريفين. الاتفاق على هدف القضاء أولا وأخيرا والأمر هنا يتطلب قرارات حاسمة.. يوفرها تنسيق أبعد بين أكثر الدول اتفاقا على الهدف الرئيسي ألا وهو القضاء على التنظيم بل والقضاء على فرص توالد تنظيمات أخرى بديلة أو شبيهة له لأن دولا في الإقليم وفي خارجه بدأت العمل على بناء تحالف مضاد للتحالف العربي والغربي بمواجهة داعش.. وذلك لضمان استمرار حرب الاستنزاف لقوى دول المنطقة.. تحقيقا لأهداف حيوية واستراتيجية تتلاقى - في النهاية - مع فكرة رسم خارطة جديدة للمنطقة.. وهو التفكير الذي يجب التأكد الآن بأنه قد استبعد نهائيا ولم يؤجل لبعض الوقت.. وإلا فإنه لا مبرر أصلا للمواجهة مع داعش وغير داعش.. إذا لم يكن الهدف النهائي المتفق عليه هو: إخراج المنطقة من حالة التوتر والغليان الحالية.. تحقيقا للاستقرار الشامل الذي يحقق مصالح الجميع.. ويوجه كل الجهود إلى تعاون دولي وإيجابي مشترك يخدم مصالح الجميع.. ويعيد صياغة العلاقات بين الدول والشعوب على أسس جديدة وبناءة.. ويحول دون ظهور صراعات جديدة.. ستؤدي إلى حروب أهلية أكثر شراسة في المستقبل.. وإذا حدث هذا.. وكان عنصر الوقت محسوبا وبدقة.. وصولا إلى هدف واحد ونهائي هو.. تطهير المنطقة من الإرهاب بالكامل وإعادة ترتيب الأوضاع فيها بصورة جادة وجيدة وموضوعية وفق تفاهمات صادقة.. وأمينة.. تقوم على الاحترام المتبادل والرغبة المشتركة في الإصلاح.. والتوجه نحو التنمية والبناء وترسيخ العدالة ورعاية القيم الإنسانية.. إذا حدث هذا فإن المنطقة مرشحة للدخول في مرحلة غير مسبوقة من الأمان.. والانتفاع الجيد والإيجابي بمواردها.. وعدم تبديدها في الحروب والمواجهات والصراعات التي ستكون على حساب شعوبها واستحقاقاتها.. بداية التحذير السعودي من الإرهاب ومرة أخرى لو استمع العالم بإمعان إلى كلمة المملكة منذ بداية الأحداث في سوريا.. وبالذات منذ وجه خادم الحرمين الشريفين خطابه بتاريخ 7/8/1432ه الموافق 7/8/2011م إلى أشقائه في سوريا وقال فيه: «إن ما يحدث في سورية لا تقبل به المملكة فالحدث أكبر من أن تبرره الأسباب بل يمكن للقيادة السورية تفعيل إصلاحات شاملة وسريعة، فمستقبل سورية بين خيارين لا ثالث لهما: إما أن تختار بإرادتها الحكمة أو أن تنجرف إلى أعماق الفوضى والضياع - لا سمح الله - وتعلم سورية الشقيقة شعبا وحكومة أن المملكة معها في الماضي واليوم تقف تجاه مسؤوليتها التاريخية نحو أشقائها مطالبة بإيقاف آلة القتل وإراقة الدماء وتحكيم العقل قبل فوات الأوان وطرح وتفعيل إصلاحات لا تغلفها الوعود بل يحققها الواقع ليستشعرها إخوتنا المواطنون في سورية في حياتهم كرامة وعزة وكبرياء». أقول.. لو استمع العالم لهذا النداء المبكر لما حدث ما حدث.. ولما تطورت الأوضاع إلى ما نرى ونشهد الآن في سورياوالعراقولبنان وغيرها. حدث هذا لأن الملك عبدالله.. كان يقرأ الأحداث برؤية متجردة وبحرص شديد على ألا تنزلق الأمور إلى المنزلقات التي وصلت إليها.. بدليل تأكيده على أهمية العمل سريعا من قبل المجتمع الدولي لتفادي الوقوع في المزيد من الأخطاء.. لكن المجتمع الدولي كان بطيء الحركة.. وقرارات بعض دوله كانت مرتبكة.. ويسيطر عليها التردد.. وتحكمها حسابات لا تعرف حقيقة الأوضاع في المنطقة.. بتعقيداتها المختلفة.. وبحجم الأطماع الهائلة التي تتعرض لها وبالطموحات التي تمارسها دولة مثل إيران فيها.. أما اليوم.. وقد أدرك الجميع أن الانتظار قد سمح بوجود تنظيمات خطيرة مثل داعش والنصرة خرجت جميعها من رحم تنظيم القاعدة وتلاقي الجميع مع أهداف وتوجيهات بعض التنظيمات والأحزاب الموجودة بالمنطقة مثل الإخوان المسلمين.. وحزب الله.. وبعض المنظمات التي تسمي نفسها بالجهادية.. في أكثر من منطقة ومكان.. وموقع.. فإن الخيار الوحيد أمام المجتمع الدولي هو العمل وبقوة وبسرعة كافية لاقتلاع هذه التنظيمات والحركات من جذورها.. وليس بالطبطبة عليها.. أو بالمهادنة لها.. أو التغاضي عن الأطراف التي تقف وراءها.. وتغذيها بالقوة والحيوية والضرب بقوة وفي الاتجاهات المرسومة لها.. والحقيقة أن الرئيس الأمريكي «باراك أوباما» في خطابه الأخير للكشف عن استراتيجية المواجهة للإرهاب.. قد توصل إلى نفس النتائج التي توصلنا إليها منذ سنوات طويلة وحذرنا من الوصول إليها قبل استفحالها.. ووصولها إلى مرحلة تدمير الأوطان.. وإقامة دولة هلامية على أنقاضها.. فقد قال في حديثه مساء الأربعاء الماضي: «إن داعش تمثل تهديدا لشعبي العراقوسوريا والشرق الأوسط عموما بما فيهم مواطنون وموظفون أمريكيون ومنشآت أمريكية، وإذا ظلوا من غير كابح فإن هؤلاء الإرهابيين يمكن أن يشكلوا تهديدا أكبر يتخطى المنطقة بما في ذلك الولاياتالمتحدة» وهذا هو نفس ما قاله الملك عبدالله لدى مقابلته عددا من السفراء في جدة مساء يوم الجمعة 3/11/1435ه الموافق 29/8/2014م كما سبقت الإشارة.. عندما حذر الجميع وقال إن الإرهاب سيصل إلى أوروبا بعد شهر واحد وإلى أمريكا بعد ذلك بشهر آخر.. والآن.. وقد بدأت المواجهة لهذا الخطر بحق.. فإن العالم كله ينتظر التحرك بجدية على المسارات التالية: كيفية التعامل مع روسياوإيران والصين أولا: المسار السياسي.. (1) عدم الاكتفاء بإقصاء إيران وغيرها من الدول المعروفة بخلق هذه التنظيمات الإرهابية لتحقيق أجنداتها في المنطقة.. وإنما بالعمل معا واتخاذ تدابير وإجراءات وعقوبات قوية ورادعة ومؤثرة أيضا.. (2) التحرك باتجاه روسيا والصين وسائر الدول التي يثبت أنها ضالعة في دعم هذه التنظيمات أو مستفيدة منها للتوصل معها إلى تفاهمات وتوافقات من شأنها ضمان توقف سياساتها الداعمة لها.. ورفع اليد عنها بأدلة قاطعة وكافية.. (3) استبعاد أي دولة من التحالف.. يُشك في أن لها مصلحة في دعم هذه التنظيمات، أو تطبق سياسات لا تقود إلى استقرار المنطقة ولا هم لها إلا هز الاستقرار فيها كما قال سمو الأمير سعود الفيصل في مؤتمر جدة المنعقد بتاريخ 16/11/1435ه الموافق 12/9/2014م. (4) الضغط بقوة على كل من روسياوإيران والصين لرفع اليد عن النظام السوري القائم.. وضمان خروج حزب الله من سوريا.. وإيقاف كل شكل من أشكال الدعم العسكري والمادي واللوجستي لهذا النظام وضمان تنفيذ مقررات جنيف/1 وجنيف/2 والشروع في مرحلة انتقالية تكفل العدالة وحقوق الشعب السوري في أن يدير شؤونه بنفسه بصرف النظر عن مسرحية الانتخابات الأخيرة التي تمت في ظل ظروف غير طبيعية وبعيدا عن الإرادة الحقيقية للشعب السوري نفسه. (5) توفير الدعم الكافي للسلطة الجديدة في العراق لمساعدته على إعادة اللحمة بين مكوناته المختلفة ومنع كل سبب يمكن أن يتهدد وحدة أراضيه في الوقت الراهن والمستقبل لضمان عودة الاستقرار في كافة أرجائه وتوجيه جميع طاقاته لضرب قوى الإرهاب فيه وتهديد سلامته ووحدة أراضيه. وضمان تنسيق مواقف جميع الدول تجاهه وبما يخدم نفس الأهداف. ضربات موجعة وليست تجميلية ثانيا: المسار العسكري والأمني (1) الاتفاق على توجيه ضربات ساحقة للتنظيم مع تفادي إلحاق الأضرار بالمدنيين في المناطق التي استولى عليها تنظيم داعش في العراق. (2) الشروع فورا في ضرب جميع التنظيمات الإرهابية في سوريا بما في ذلك حزب الله.. وأي مكونات أخرى يستخدمها النظام لدعم سلطته سواء كانت إيرانية أو غير إيرانية بما في ذلك معسكرات التدريب. (3) استهداف قوة النظام السوري الموجهة للمدن وقتل الأبرياء سواء من السكان الأبرياء أو قوات المعارضة السورية المعتدلة وإيقاف نزيف الدم هناك.. تمهيدا لإعادة الأوضاع في سوريا إلى الوضع الطبيعي الذي يسمح بقيام نظام وطني تقرره إرادة الشعب بعد تمكين المشردين من العودة إلى مدنهم وقراهم ومشاركتهم في قرارات تحديد مصير بلادهم في المستقبل. (4) توحيد قنوات ومصادر الدعم العسكري واللوجستي التي تصب في تطهير العراقوسوريا من الإرهاب بمزيد من التنسيق بين كافة الدول المشاركة في التحالف.. بعد صهر جهود مؤتمر جدة ومؤتمر باريس الذي يعقد يوم غد الاثنين في بوتقة الاستراتيجية الموحدة للعمل المشترك الذي يخدم أهداف التحالف ويؤمن السلامة للدولة العراقية. (5) التوسع عند الضرورة في استخدام المجالات الجوية لتحقيق نفس الأهداف بعيدا عن أي استخدامات أخرى وضمان مشاركة تركيا في هذه المهام الاستراتيجية بوضوح تام. (6) إغلاق كافة المنافذ التي تستخدم لتمرير القدرات العسكرية للإرهابيين فورا. (7) تدريب وتأهيل القوات المسلحة والأمنية في العراقوسوريا لضمان استتباب الأمن فيهما وتمكينهما من التصدي للإرهاب وتحمل مسؤولية ضمانة أوطانهم بالكامل.. مساران اقتصادي وإنساني لنجاح التحالف ثالثا: المسار الاقتصادي: (1) قيام التحالف بجهد مواز لجمع التبرعات التي تعين على إعادة بناء ما دمرته أعمال الإرهاب في العراق (أولا) ثم في سوريا في مرحلة لاحقة.. (2) دعم الدول المتضررة بنزوح الشعبين السوري والعراقي من مناطق الصراع.. إلى كل من الأردن.. أو لبنان.. أو إلى مناطق أخرى من العراقوسوريا.. لمساعدة هذه الدول على الاستمرار في أداء مهامها الإنسانية على أكمل وجه ومنع تداعي اقتصاداتها أو تعرضها للمديونيات في المستقبل. (3) مساعدة دول الإقليم على المضي في خططها وبرامجها التنموية بتوسيع دوائر الشراكة الأمنية معها في هذا الاتجاه تعزيزا للاستقرار فيها. (4) العمل على منع تدفق الأموال إلى التنظيم بشتى الطرق وعبر كل المصادر والقنوات. رابعا: المسار الإنساني (1) توفير مسارات آمنة لوصول الدعم الإنساني إلى مستحقيه في المناطق المتضررة أو في مخيمات اللاجئين والمشردين والمتضررين من الأوضاع السائدة في العراقوسوريا، وذلك بالتأكيد على قرارات الأممالمتحدة في هذا الشأن. وبالمشاركة الفاعلة في إيصال الغذاء والدواء ونقل المصابين وتأمين علاجهم في كافة دول التحالف وفقا لآليات واضحة وسريعة. (2) دعم مساعدة الأسر المنكوبة ومساعدتها على إعادة بناء حياتها وتضميد جراحاتها وتعويضها بشتى الطرق والإمكانيات حتى تستأنف حياتها من جديد وتتغلب على آثار الحروب التي عانت منها. (3) الاتفاق على إيجاد صندوق لهذا الغرض تساهم فيه كل دولة بنصيب.. وتحدد فيه آلية التعويضات.. أو تأمين الاحتياجات الطبية أو الغذائية مع ضمان عدم تسرب تلك المعونات إلى أطراف غير مستحقة.. أو إلى أي من التنظيمات الإرهابية أيضا. جدول زمني لإنهاء داعش لكن الأهم من كل هذا هو: أن تتفق دول التحالف على وضع جدول زمني لإنهاء وجود هذه الحالة التي تعيشها المنطقة لا يتجاوز سنة واحدة من تاريخه.. منعا لأي تداعيات أخرى قد تكون أشد وأعنف لا يستبعد أن تلجأ إليها الدول المتضررة من تصفية الإرهاب بالمنطقة. وإذا لم يحدث هذا.. وإن كان تحقيقه أمرا ليس هينا.. فإن كل ما فعله أو سيفعله التحالف يظل محل سؤال كبير: وماذا بعد (؟!!).