قدم ابن خلدون تصورا متكاملا لمراحل تطور الدول من قيامها حتى موتها فتمر الدولة بخمسة أطوار، تبدأ بطور القيام والنشأة مرورا بما يسميه طور الاستبداد والاستئثار بالسلطة ثم طور الفراغ والدعة لتحصيل الثمرات إلى أن تصل الدولة بمراحل الشيخوخة في طور الخنوع والمسالمة والتقليد للسابقين وتنتهي الدول بالموت والفناء وقد استكمل المؤرخ البريطاني الكبير ارنولد توينبي تصور ابن خلدون في قضية انهيار الحضارات «نظرية التحدي والاستجابة» وكتب عنها عبارته الشهيرة «الحضارات لا تموت قتلا، وإنما تموت انتحارا». وتتطور الأحداث اللبنانية في العقود الأخيرة تنبئ بأن لبنان يتجه إلى الانتحار والموت فبعد سلسلة من الأزمات السياسية المتتالية آخرها الفراغ في رئاسة الجمهورية والاتفاق على حكومة تضم فريقي (8 و14) آذار ثم التمديد لمجلس النواب بسبب تعذر الانتخابات التشريعية ويصل لبنان إلى خطر: ماذا لو انشق وتفكك الجيش نتيجة الإحساس بالضعف والهزيمة جراء اختطاف الجنود اللبنانيين في عرسال من جماعات داعش وذبح الواحد تلو الآخر أمام أعين الكل، ماذا لو أيقن أفراد الجيش بأن لا قيمة لهم ولا لدمائهم وعلى الرغم من التبرع الذي يقدمه حزب الله للدفاع عن الأمم والشعب السوري الذي يجعله يتمركز في حدود نحلة حرف بعوص وعقبة جبعة التابعة ليونين بالإضافة إلى ضليل عزران امتدادا إلى اللبوة، النبي عثمان، العين، الفاكهة، رأس بعلبك، فالقاع وهي نقاط عديدة يحمي فيها ظهره في منطقة عرسال وهي سلسلة الجبال الشرقية التي تشترك مع سوريا بخط حدودي طوله 50 كم، متناسيا الدفاع عن وطنه لبنان فأين الحزب من ترك حماية لبنان من انتشار الجماعات الإرهابية في عرسال وهو الخبير في حرب الشوارع والتضاريس الجبلية الصعبة والمتصدر بجيشه الذي لا يقهر في مقاومة المقاومة السوريا ضد نظام بشار الأسد. حزب الله والنظام السوري اطلقوا الرصاصة التي من الممكن أن تضع لبنان في نهاية مؤلمة بعد وضع الجيش وأهالي عرسال في محنة تلو الأخرى فأهالي المختطفين من الجيش لن يصمدوا أكثر برؤية أبنائهم يذبحون بهذا الشكل الدرامي بسبب تبعات تدخل الحزب في سوريا.