مع بداية كل عام دراسي جديد أجد نفسي وغيري من المهتمين محاطين بالكثير من التساؤلات والتفاؤل في ذات الوقت لتحقيق تطورات نوعية في التعليم، مترقبين الجديد مما تخبئه لنا وزارة التربية، ومدى جاهزيتها لاستقبال هذا العام؟ وهل سيكون هذا العام أفضل من سابقيه؟ وماذا عن المدارس هل أصبحت جاهزة للدراسة في أوضاعها الصحية والبيئية؟ وقدرتها الاستيعابية وحالتها الراهنة؟ نتساءل أيضا هل ستتكرر الكثافة الطلابية وازدحام الفصول الدراسية؟ وهل تم توفير المناهج الدراسية وكفاية المعلمين؟ متطلعين أن نرى أثر الميزانية الكبيرة التي حظي بها التعليم في برامج إبداعية تؤسس لثروة حقيقة في هذا الوطن. إن نجاح التعليم وبلوغه رسالته مرتبط بشركاء العملية التعليمية وهم من يعملون وفق منظمة متناسقة لبناء هذا المستقبل ليكون عاما دراسيا حافلا بالعطاء المؤمول والإنجاز المنشود. وهنا أبعث برسائل بسيطة وتذكير لكافة أعضاء المنظومة التعليمية، فالطلاب والطالبات وهم يتوجهون إلى مقاعدهم في بيوت العلم أحثهم على التميز والإبداع وبذل المزيد من الجد والاجتهاد لتحقيق التفوق والنجاح لتكونوا مصدر فخر لبلادكم وقيادتكم ولن يتحقق ذلك إلا بانضباطهم وجديتهم في الحضور وعدم الانشغال أو الانصراف عن ذلك الهدف والحضور بكل الحواس إلى الحصص الدراسية. فالبدايات تسفر عن النهايات، ومن لم تكن له بداية محرقة لن تكون له نهاية مشرقة، فأظهروا الحماس والاهتمام بدروسكم وتحصيلكم منذ بداية العام. أبنائي وبناتي لقد شهدنا خلال الأعوام الأخيرة الماضية سلوكيات دخيلة على مجتمعنا لم نكن نعهدها من قبل فلم يعد الطالب يقدر معلمه، وبات البعض يتطاول على معلمه ويعتدي عليه، وهذا معناه أننا أمة لا تقدر العلم ولا تحترم المعرفة ولا تقدس الرسالة التي يؤديها هذا المعلم. ينبغي عليكم احترامهم وتقديرهم كإحترام آباءكم وأمهاتكم، بل أشد من ذلك، فقد سئل الإسكندر: لم تكرم معلمك فوق كرامة أبيك، فقال: إن أبي سبب حياتي الفانية ومعلمي سبب حياتي الباقية. وما أجمل ما قاله أحمد شوقي: قم للمعلم وفه التبجيلا كاد المعلم أن يكون رسولا أعلمت أشرف أو أجل من الذي يبني وينشئ أنفسا وعقولا والرسالة الثانية أوجهها لمعاشر المعلمين والمعلمات فأنتم حجر الزاوية والرهان الحقيقي لإنجاح العملية التربوية والتعليمية برمتها وها هو الوطن يضع أبناءه بين أيديكم من جديد فأحسنوا تربيتهم وتعليمهم، وعليكم أنتم يعول الوطن في بناء شخصية أجياله وثقتهم بأنفسهم. نتوقع منكم الانضباط في أعمالكم، والاستعداد الجيد والتحضير المسبق والرفق واللين في تعاملكم، متحلين بالصبر والحكمة مع طلابكم. ينبغي عليكم غرس حب العلم والولاء والانتماء وحب الوطن في نفوس الطلاب بما يضمن أمن هذا الوطن ووحدته واستقراره ومستقبله، وأن تشجعوا المواهب والقدرات الفردية من خلال الأنشطة الثقافية والاجتماعية والرياضية في مدارسكم. وكذلك أذكركم بأنكم تبنون شخصية ستقود التنمية في هذا الوطن المعطاء، فتنمية قدرات الطلاب على التفكير الإبداعي والأخذ بأيدي المبدعين واجب عليكم وأمانة يمليها عليكم ضميركم ودينكم فقد اخترتم أشرف مهنة وعليكم واجب الإخلاص والتفاني فيها. أما المدرسة فهي مصنع الرجال والبيت الثاني للأبناء ففيها تغرس القيم، وتنبت المبادئ، وتكبر الآمال، وتعلو الهمم، ولن يكون ذلك إلا بالاعتناء بالتحصيل العلمي وفق الأساليب والآليات العصرية، والأجهزة التقنية والمعامل التطبيقية الحديثة، وأن يجعلوا منها بيئة جاذبة حتى لا يملها الطلاب وينفرون منها وتجعلهم يشعرون بالانتماء الحقيقي لمدارسهم، شغوفين بالبقاء فيها متشوقين في كل وقت إليها. فالطالب يقضي جوهر وقته فيها. وللمدرسة دورها المهم في عملية التهيئة ليس فقط بالتجهيزات المادية؛ ولكن من خلال الاستقبال الحافز بالترحيب والتعارف وممارسة الأنشطة الترفيهية والعروض الهادفة المحببة للطلاب بالمدرسة. إن دور الأسرة رئيسي في بناء الأبناء وتربيتهم وتعليمهم وإنجاح العام الدراسي الجديد فلا يقتصر دورها على توفير المستلزمات المدرسية والقرطاسية وهو ما نشاهده هذه الأيام من تزاحم على أبواب المكتبات والمحال التجارية بل يتعدى ذلك إلى القيام بأدوار فاعلة تتمثل بتوفير الجو الأسري الأمن وتهيئة الأجواء من الناحية النفسية والاجتماعية لأبنائها، ومتابعتهم دراسيا وتربويا بشكل مستمر ومتابعة دروسهم من أجل الوصول إلى نتائج مثمرة، ناهيك عن تنمية سلوكياتهم الإيجابية في احترام المعلمين والمعلمات والمدرسة وغرس كل المعاني السامية كالإيثار والتسامح والتعاون والصدق والتضحية والوسطية. لعل من المشوق أن يجد طلابنا في هذا العام جديدا في مسيرة التطوير نحو مجتمع المعرفة كما يظهر من اهتمام وزارة التربية والتعليم بتجويد العملية التربوية والتعليمية بهدف مواكبة التغيرات والتطورات العالمية المبنية على أعلى معايير الجودة وتحقيق أهداف سياسة التعليم، وأن نرى جهود الوزارة واضحة وجلية في مدارس صالحة لتعليم أجيالنا فضلا عن أمور أخرى تتعلق بالمعلم والطالب والمنهج وغيرها من الأمور التي تصب في مصلحة العملية التربوية والتعليمة، وإيجاد بيئة حاضنة للتعليم، وبما يواكب تطلعات القيادة الرشيدة في النهوض بالعملية التعليمية وتحسين وتجويد التعليم في هذا البلد المبارك.