لم يكن الهدف من موقع تويتر أن يكون ميدانا للتنابز والتنافي، بل اسمه أقرب ما يكون إلى الشعر؛ ذلك أن التغريد هو صوت الطيور البريئة التي تفتتح بها الصباحات، وتزدان بها الحدائق، وتسعد بها نوافذ البيوت، وحين تضع الطيور أعشاشها على مرافئ الأكواخ ومخابئ العوالي من البنيان تشعر المدن بالأمان. بيد أن الذي حدث هو عكس ذلك تماما، إذ تحول هذا الموقع إلى أكبر ميدان للضرب والحرب والتهييج على الأشخاص، والتحريض على القتل والكراهية والإرهاب. لك أن تتصفح (الهاشتاقات) النشطة، سترى أنها كلها تقريبا خارج سياق التغريد الجميل، بل أقرب ما تكون إلى أصوات الغربان، وترى طيف مخالب النسور وهي تريد نهش الجثث. على الرغم من أن الغيبة والبهتان وذكر الآخرين بسوء من كبائر الذنوب، غير أن هذه الكبيرة من الممكن أن ترتكب من أجل إنسانٍ ارتكب موضوعا هو خلافي بين كونه مباحا أو حراما، فمثلا حين يبيح أحد الدعاة سماع الموسيقى يضرب هذا الداعية من خلال ارتكاب أفظع الكبائر كالبهتان والغيبة والكذب، تخيل أخي القارئ وضع الأولويات الدينية التي تدار في مثل هذه المواقع؟! نشرت جريدة «الشرق الأوسط» قبل أيام عن تحول تويتر إلى ميدانٍ لخطاب الكراهية، وجاء في التقرير المميز: أعلنت شركة تويتر في بيان لها يوم الأربعاء الماضي أنها تسعى إلى تغيير سياسات المضايقات بعد أن أرسل اثنان من المستخدمين مجموعة من الرسائل المسيئة إلى زيلدا ويليامز ابنة الممثل الكوميدي الراحل روبين ويليامز، حيث دفعت الممثلة التي تبلغ من العمر 25 عاما إلى حذف الكثير من حساباتها على مواقع التواصل الاجتماعي، ومن بينها حسابها على تويتر. ولكن تأتي تجربة ويليامز كمثال بسيط على الإساءات التي يتعرض لها كثير من مستخدمي تويتر، أمثال بوزنر منذ أعوام. البعض حين يفتح حسابا في تويتر يظن أن من واجبه قول رأيه في كل مسألة ونازلة، بدءا من انتحار ممثلٍ وليس انتهاء بالمشكلات السياسية والدينية. أما عن الحسابات الداعشية الهدامة فللأسف أن إدارة تويتر لم تضع حدا لها، ثم بعد ذلك يقول لك لقد كتبت «تغريدة» إنها ليست تغريدة، بل رصاصة، بل قنبلة!