انتصرت نظرية «زمن الطيبين» رغم كون هناك فئة من المجتمع لم تعول على صحة هذه النظرية وبحسب آرائهم بأن لكل زمن إيجابياته وسلبياته، لكن الأجواء العامة للمجتمع العربي تحوي الكثير من القلق الوجودي فاليوم لم يعد الوالد الذي يحمل «بطيخة» في يده اليمنى وصحيفة في اليسرى وهو عائد من العمل أكبر همة تدريس الأبناء وتزويج البنات والانتهاء من بناء بيت «العيلة» بل هناك غصة تولج ليل نهار داخلنا أين سنكون في ظل مؤامرات وضغائن العنصرية والطائفية والمناطقية ونظرية المؤامرة والمصالح الإقليمية وأسئلة أصبحت قريبة للواقع في نشرات الأخبار، الطائفة السنية مستهدفة ومعرضة للآبدة والإحساس نفسه لدى أبناء الطائفة الشيعية ومعتنقي المسيحية، ويبدو أن الصورة أصبحت تتشكل على الشكل التالي سنعيش إن ذبحنا غيرنا وإن قتلنا مخالفينا، وأنا ومن بعدي الطوفان، إنه زمن نيرون الامبراطور الروماني، الامبراطور الذي قتل أمه اغربينيا وذبح معلميه وكل من حوله، نيرون الذي أحرق روما عندما راوده خياله في أن يعيد بناء روما فاحترقت روما لمدة أسبوع والتهمت النيران عشرة أحياء من جملة أنحاء المدينة الأربعة عشر وفي تلك الأثناء والبشر في موت ساخن نيرون جالسا في برج مرتفع يتسلى بمنظر الحريق وبيده آلة الطرب يغنى أشعار هوميروس. نحن اليوم في زمن نيرون وانتهى زمن الطيبين، انتهى زمن «صولتية النساء» الأميرة الهندية التي تبرعت بمال لبناء أول مدرسة في مكة مدرسة الصولتية عندما ناشدها العالم الهندي رحمة الله بن خليل الله لبناء مدرسة في بلاد المسلمين لمحو الجهل ونشر العلم والنور للمسلمين ولبت «صولتية النساء» النداء ولم تقل حينها بأننا لسنا من قومها وبأننا أغراب عنها بل تبرعت وبنت المدرسة للمسلمين وهدفها رفع المسلمين بالعلم أينما كان ومن كان وإلى اليوم نحن نفتخر بطلاب مدرسة الصولتية بمكة من نشروا العلم والعمل بعد تخرجهم من «الصولتية» إنهم رجال الماضي رجال الصولتية.