يقال «تكلم لأراك»، بمعنى أن لغتك ستدل السامع على الآلية التي يعمل بها عقلك، إن أسقطنا هذه المقولة على مؤسسات الحكومة، يصبح منصب «المتحدث الرسمي» مهما جدا، لمعرفة آلية عمل المؤسسة وكيف تعمل أنظمتها، وكيف تفكر؟ من هذا المنظور «تكلم لأراك»، وبعد أن ألقت شرطة القريات القبض على شاب عشريني في «مستشفى القريات العام»، قام بضرب ممرضة تعمل في قسم «العناية المركزة» لأسباب لم تتضح بعد. صرح «تكلم» الناطق الإعلامي بصحة القريات «بدر المدهرش» لإحدى الصحف ليوضح ملابسات الحادث «بأن الممرضة كانت تؤدي عملها بالمستشفى، وقد تعرضت للضرب من قبل مراجع دون أسباب تستدعي ذلك أثناء قيامها بواجبها في خدمة المرضى». من هذه اللغة الجميلة للناطق الإعلامي «المدهرش»، يتضح أن هناك مبررات للضرب بالعقال، أو كما قال هو «دون أسباب تستدعي ذلك»، فهل تتلطف وتتكرم «صحة القريات» بالكشف عن الدواعي المؤدية لاستعمال العقال، أو لائحة متى يحق للمراجع استخدام «العقال»، ومتى لا يحق له؛ لتتضح الصورة لسكان مدينة «القريات» حتى لا يسألوا قانونيا؟ بعيدا عن السؤال «الدعابة» الذي أنا على يقين أن رد «صحة القريات» سيكون إما سوء فهم من ناقل التصريح «إن لم يكن هناك تسجيل»، أو زلة لسان غير مقصودة من الناطق الإعلامي «إن سجل المراسل التصريح»، هناك مشكلة في العلاقة بين الموظف والمراجعين، ليس في الصحة فقط، بل في أغلب القطاعات الحكومية. وغالبية المراجعين يشتكون من طريقة تعامل الموظف معهم، إلى أن تشكلت صورة نمطية عن الموظف بأنه يتعامل مع المراجعين وكأنهم متسولون «عليهم أن يحمدوا ربهم»؛ لأن الموظف يخدمهم. قد لا تكون الصورة النمطية دقيقة أو هي ظالمة لبعض الموظفين، وأن بعض المراجعين يتحملون المسؤولية، ولكن المؤسسات لا تستطيع التحكم بسلوك المراجعين، أو ليس هذا مطلوبا منها، بقدر ما هو مطلوب منها التحكم بسلوك وطريقة تعامل موظفيها. وهنا تبرز فكرة إعادة النظر في «قسم الشكاوى» الموجود بكل فروع الوزارات، فعادة موظفو هذا القسم مرجعهم الأول «مدير» الفرع الذي سيقيم أداءهم للعلاوات، وهذا ما يجعل «قسم الشكاوى» بلا قيمة، فهل تفكر الوزارات بأن تجعل هذ القسم مرجعه مكتب الوزير، فيستطيع هذا القسم القيام بمهامه دون خوف من سلطة مدير الفرع، فتتغير الصورة النمطية؟