الدعم السعودي للبنان هدفه الأساسي هو خدمة الإنسان وتقديم المساعدة لمستحقيها في كل المناطق، ولهذا اتجهت الحملة الشعبية إلى البيئات المحتاجة للعلاج والغذاء والكساء واتسعت خدماتها لتشمل طلاب العلم في الحقول المختلفة. وفي الأزمات كانت الحملة الشعبية من أوائل المبادرين بجهودها وخدماتها إلى حيث الإنسان المحتاج. واليوم توجد الحملة بصورة بارزة في مأساة سكان منطقة عرسال، حيث الجرحى والمرضى والجوعى، فالإرهاب وشبيحة نظام الأسد دفعا الآلاف إلى حمل حقائبهم والقليل من الأمتعة هربا من الميليشيات الطائفية القادمة من بلاد ما بين النهرين أو القادمة من لبنان. ثم كانت محطتهم الأخيرة مع الإرهاب والقهر على يد المجموعات المسلحة من داعش وأخواتها، تقتحم مخيمات نزوحهم في عرسال لتتحول هذه المخيمات بفعل القصف والتقاتل والاشتباك إلى حلقة جديدة من الألم والموت. شاهر السوري الأربعيني القادم من قارة، يروي ل«عكاظ» درب الآلام فيقول: «دخل جيش النظام السوري إلى قارة بصفقة الكل يعرفها في حينه، فهربنا كما هرب الجميع، فلا أحد يثق بهذا النظام وتعهداته، ونحن هربنا من مدينة إلى أخرى والطائرات الحربية تلاحقنا وعصابات حزب الله تقنصنا حتى وصلنا إلى عرسال، تلقفتنا أيدي الخير وعلى رأسها الحملة الشعبية السعودية، فقدمت لنا كل معونة نحتاجها من غذاء ومواد طبية وبخاصة أننا قدمنا خلال فصل الشتاء حيث كانت الحرارة تحت الصفر، ولولا هذه الأمتعة المقدمة بتوجيهات من خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبد العزيز -حفظه الله، لكانت عائلتي قضت من البرد وصقيع هذه الأراضي المقفرة. اليوم نحن مجددا تحت النار ومجددا نعتمد بعد الله على نجدة إخواننا في المملكة بخاصة بعدما سمعنا خطاب الملك عبدالله الذي أكد فيه وقوفه ضد الإرهاب ومساندته للأشقاء في حربهم عليه. فنحن ضحية الإرهاب أولا وأخيرا، إرهاب النظام وإرهاب التكفيريين الذين صنعهم هذا النظام». مدير الحملة الشعبية السعودية في لبنان وليد الجلال وفي تصريح خاص ب«عكاظ» قال: «دائما مدينة عرسال هي من أولويات عملنا في الحملة الشعبية السعودية، أول مرة عند بداية النزوح حيث كان الملح بالنسبة للنازحين هو الكسوة الشتوية، بخاصة أن منطقة عرسال وكما هو معروف عنها منطقة جبلية بردها قارس في الشتاء والثلوج تغطي المنازل والطرقات لعدة أشهر في السنة، فكانت الحملة سباقة في تأمين الثياب للنازحين وبخاصة الأطفال والنساء القادرة على تأمين الدفء والراحة في هذه الظروف الصعبة. واليوم بعد الذي حصل في عرسال فنحن نشعر أن عرسال بأهلها والنازحين فيها هم أولوية بالنسبة لنا في تقديم المساعدة، فقد بدأنا باستعدادات كاملة ونقوم بتجهيز الحصص الغذائية المطلوبة وكل ما يحتاجه الناس هناك، وتقديرنا أنه في الأيام القليلة المقبلة (لا تتجاوز العشرة أيام) ستكون هذه المساعدات قد وصلت إلى من يحتاجها». وختم الجلال ل«عكاظ»: «إن الحملة الشعبية السعودية وبتوجيه من القيادة الحكيمة كانت وما زالت حريصة على مد يد العون لكل من يحتاجها من إخواننا السوريين واللبنانيين والفلسطينيين وسنبقى على هذا العهد». مسؤول اتحاد الجمعيات الإغاثية والتنموية في لبنان مصطفى عبيد قال ل«عكاظ»، «المملكة وقفت إلى جانب الشعب السوري منذ بداية هذه المأساة، وكل سوري يدرك تماما أن خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، كان الأب الراعي لنا في مأساتنا في كل مخيمات النزوح التي عملت فيها، سواء في تركيا أو في لبنان. لقد كانت المملكة قيادة وشعبا دائما إلى جانبنا في هذه المأساة الكبيرة، وأقولها بكل صراحة، هناك المئات بل الآلاف من الجرحى الذين كنا ننقلهم من سوريا إلى لبنان من أطفال ونساء وشيوخ، لولا الله ثم المعونة الكريمة من المملكة وقيادتها لما كان هذا العلاج قد تأمن لهم وما كان بإمكانهم أن يستمروا في هذه الحياة. واليوم وبعد المأساة الكبرى التي حصلت في عرسال، هناك أزمة كبيرة تواجهنا، أزمة أعداد كبيرة من الجرحى والقتلى وقد تجاوز عددهم الثمانين شخصا، والكثير منهم إصاباتهم صعبة وحرجة، كما أن هناك عائلات لم يعد لها خيم تأويها، والحمد لله نقول إن هناك الكثير من الإخوة في المؤسسات الإغاثية وعلى رأسها الحملة الشعبية السعودية قد أبدوا حرصهم على مساعدة النازحين في عرسال فور عودة الهدوء والأمان إليها وتمكن قوافل المساعدات من الوصول إلى المحتاجين. إن المملكة قيادة وشعبا زرعت في قلوبنا محبة ووفاء، فيما زرع الآخرون حقدا وإرهابا وكراهية، والتاريخ لن يظلم أحدا بل سينصف الجميع.