وضع عضو مجلس الشورى الدكتور فهد حمود العنزي النقاط فوق الحروف حول أسباب تفشي السلع المغشوشة في الأسواق. وقال العنزي في شفافية مطلقة إن جشع بعض التجار وقلة الوعي لدى المستهلك من أسباب تفشي السلع المغشوشة، داعيا في نفس الوقت إلى تفعيل معطيات القطاع السياحي، وقال: «الفرصة مواتية لهيئة السياحة لجذب السائح السعودي في ظل الأوضاع الإقليمية وضيق الخيارات بالنسبة للسائح السعودي». وأفاد العنزي أن الاعتناء بالجوانب الخدمية ومراقبة الأسعار وتوفير احتياجات السياح مطلب مهم. وأبان أن مجلس الشورى ناقش مؤخرا خطة التنمية العاشرة التي ركزت على مفهوم التنمية الشاملة والمتوازنة وتحسين مستوى معيشة المواطن والارتقاء بنوعية حياته.. فإلى ما قاله العنزي: بالرغم مما تقدمه الدولة من دعم سخي للارتقاء بمستوى السياحة في بلادنا إلا أن ما نراه أقل من الطموح، من وجهة نظرك لماذا، وما الحلول؟ يجب أن نعترف في البداية بأن السياحة هي صناعة وهي تعتمد على عدة مقومات وأهمها بلا شك هو الجانب الخدمي. والجانب الخدمي هذا يتمثل بدوره بمنظومة متشعبة من الخدمات المباشرة والمساندة مثل خدمات النقل بأنواعه والخدمات على الطرق والسكن والإيواء السياحي والمناشط السياحية وهذه كلها خدمات تشرف عليها جهات عديدة وقد تفتقد بعضا من هذه الجهات تقديم هذه الخدمات وفق المفهوم السياحي. فالسياحة هي في النهاية صناعة تعتمد على عدة مقومات مترابطة فيما بينها وغياب عنصر ما قد يؤثر على بقية المقومات الأخرى. والهيئة العامة للسياحة والآثار مازالت تبذل جهودها الحثيثة من أجل الرقي بهذه الصناعة. وهي تحتاج إلى مزيد من الوقت من أجل الوصول إلى بنية متكاملة لهذه الصناعة بحيث تستطيع منافسة المناطق السياحية سواء على المستوى الإقليمي أو العالمي. وحسب ما صرح به سمو الرئيس العام لهيئة السياحة والآثار الأمير سلطان بن سلمان عندما زار المجلس أخيرا من أن المستهدف في المرحلة الأولى من خطة هيئة السياحة واستراتيجيتها هو السائح السعودي، أي أن مستوى النجاح يقاس بمدى القدرة على توجيه السائح السعودي داخليا وإغرائه بالسياحة الداخلية، ومن المعروف بأن السائح السعودي هو الأكثر إنفاقا وفقا لما بينته الدراسات العالمية الخاصة بصناعة السياحة. ولاشك أن الفرصة الحالية هي مؤاتية للعمل على تحقيق هذا الهدف لاسيما في ظل الظروف الإقليمية وضيق الخيارات بالنسبة للسائح السعودي وذلك بالنظر للأوضاع الأمنية المضطربة التي تعيشها بعض الدول على النطاق الإقليمي. ومن المعروف أن تلك الدول كانت تستقطب عددا لابأس به من السياح السعوديين.. لذلك لابد أن يتم توجيههم لاكتشاف المناطق السياحية بالمملكة واكتشاف ما تنعم به المملكة من أهم ميزة يحرص عليها السائح وهي الأمن والسياحة النظيفة. في ظل الجهود الكبيرة التي تبذلها المصلحة العامة للجمارك عبر (33) منفذا بريا وجويا وبحريا، إلا أن أسواقنا تكتظ بالمواد المغشوشة والمقلدة... ما المشكلة من وجهة نظرك؟ لاشك أن المصلحة العامة للجمارك هي جهة من ضمن عدة جهات منوط بها محاربة هذه الظاهرة فالمسؤولية تقع في المقام الأول على التاجر الذي يقبل أن يدخل مثل هذه السلع المغشوشة ليغش بها أبناء وطنه ثم يأتي بعد ذلك ضعف وعي المستهلك الذي يقبل على شراء هذه السلع رغم المخاطر التي تتمخض عنها سواء فيما يتعلق بالسلامة العامة مثل استخدام أفياش الكهرباء رديئة الصنع أو المخاطر الصحية التي تترتب على استهلاك السلع الغذائية المغشوشة أو حتى الدوائية أو مواد التجميل ولاشك أن انتشار محلات أبو ريالين أو ما تسمى حاليا بمحال التنزيلات تعطي مؤشرا خطيرا على مدى انتشار هذه السلع وإقبال الناس عليها. وفيما يخص مسؤولية الجهات الحكومية فالمسؤولية ليست هي على المنافذ الحدودية فحسب وإنما تبدأ من هيئة المواصفات والمقاييس بوضع المواصفات للسلع والمنتجات المسموح بدخولها ومنع السلع غير المطابقة من الدخول وكذلك وزارة التجارة وما ينبغي عليها عمله من حرص على تطبيق الأنظمة المتعلقة بتقليد العلامات التجارية أو مكافحة الغش التجاري وكذلك مصلحة الجمارك من حيث عدم سماحها بدخول السلع المقلدة. وهناك أيضا مسؤولية على هيئة الغذاء والدواء وكذلك هيئة المواصفات والمقاييس فيما يتعلق بتشجيع القطاع الخاص على إنشاء المختبرات اللازمة وذات الكفاءة العالية لفحص السلع المغشوشة، حيث إنه لدينا إشكالية في هذا المجال ولا يمكن حل هذه الإشكالية إلا عن طريق القطاع الخاص لأن المختبرات الحكومية لا تغطي هذا الكم الهائل من السلع التي يتطلب فحصها. ولذلك فإن تشجيع المختبرات هو حل مثالي وهو أيضا جانب استثماري مهم يغفل عنه التجار. هذا علاوة على أن مسألة الغش لا تتعلق فقط بالسلع المستوردة وإنما يمكن أن تنشأ مخالفات الغش بعد دخول السلع للمملكة حيث يتم استيراد سلع من دولة معينة وتكون مطابقة للمواصفات ثم بعد ذلك يتم تغيير علامة بلد المنشأ بالمملكة وهذا يحدث كثيرا في المصنوعات اليدوية كالملابس والسجاد وما إلى ذلك. كيف تنظرون في المجلس لمدى نمو الاقتصاد السعودي في السنوات الأخيرة والمستقبلية؟ المملكة ولله الحمد تعيش نموا اقتصاديا فريدا وعلى مختلف الأصعدة وهذا ناتج عن السياسة الحكيمة التي انتهجتها المملكة في تنويع قاعدة الاقتصاد الوطني وتطبيق خطط التنمية التي أخذت في اعتبارها المتغيرات الاقتصادية والتنبؤات غير المبالغ فيها لأهم سلعة تنتجها المملكة وهي النفط. ولا شك أن الإنفاق الحكومي على المشاريع الأساسية والتطوير والتحديث الذي تعيشه المملكة في مختلف المجالات جعلها محط أنظار الكثير من الدول. فالمملكة أنفقت بسخاء على مشاريع البنية الأساسية كالصحة والتعليم والإسكان والأمن. كما أن خطة التنمية العاشرة التي ناقشها المجلس أخيرا هي استمرار للرخاء والازدهار الذي تعيشه المملكة حيث ركزت على مفهوم التنمية الشاملة والمتوازنة وتحسين مستوى معيشة المواطن والارتقاء بنوعية حياته والرفع من مستوى دخله والمحافظة على استقرار الأسعار ومحاربة التضخم الذي يؤثر على معيشة المواطن حيث إن المواطن هو أداة وغاية عملية التنمية المستدامة ومن هذا المنطلق عنيت الخطة بتنمية قدراته المهارية والتعليمية والوظيفية. وعنيت الخطة كذلك بالتنمية المتوازنة بين المناطق والتطوير الهيكلي للاقتصاد السعودي ورفع القدرات التنافسية له. كيف ترون رحيل عدد من رجال الأعمال ورجال الصناعة إلى دول مجاورة للاستثمار فيها وكيف ترون المناخ الاستثماري في بلادنا؟ ربما كان هذا الأمر في السابق، ولكن يجب أن لا ننسى أن المملكة هي أكبر سوق استهلاكية في المنطقة وتعد أحد أهم الأسواق وأكثرها إغراء لرجال الأعمال ولاشك أن قطاع الإنشاءات يعد الآن هو الأكبر في المنطقة وذلك بعد أن تشبعت الدول المجاورة من المشاريع العقارية وتوجهت البوصلة الآن إلى المملكة. وكما نعرف فإن المملكة تنتهج حرية الاقتصاد وحرية انتقال رأس المال ولا يوجد حظر على رجال الأعمال فيما يتعلق بتوجيه استثماراتهم حيثما شاؤوا بل حتى خارج المملكة ولا يعني خروج رجال الأعمال إلى دول مجاورة أن ذلك يعد امرا سلبيا فقد يكون مرد ذلك إلى توافر فرص استثمارية معينة. ورجال الأعمال يبحثون عن الفرص في كل مكان وهذا لا يعني بالضرورة أن في ذلك فوات فرص على السوق المحلية، فالمملكة هي منطقة جاذبة للاستثمار ولديها اقتصاد قوي وفرص استثمارية ومقومات جاذبة تنفرد بها ولا يخشى عليها من المنافسة، فوجود الطاقة الرخيصة والتسهيلات الكبيرة للصناعات وخاصة في مجال الطاقة والغذاء ووجود هيئات نموذجية كالهيئة الملكية للجبيل وينبع ونماذج اقتصادية فريدة وعملاقة كأرامكو وسابك وكذلك بحكم توافر العمالة الرخيصة والمدربة وبحكم تواجد الحرمين الشريفين وجاذبية الاستثمار العقاري في هاتين البقعتين المقدستين يجعل المملكة منطقة جاذبة للاستثمار ويجعلها حلما جميلا لكل مستثمر. كما أنه وبعد إنشاء الهيئة العامة للاستثمار وهيئتي المدن الصناعية والمدن الاقتصادية ومناطق التقنية وكذلك تحديث الكثير من الأنظمة أدى إلى تعزيز موقع المملكة التنافسي في جذب الاستثمارات على اختلاف مجالاتها. التضخم والبطالة مازالا يمثلان هاجسا ومشكلة حقيقية في مجتمعنا.. ماذا نحتاج لتجاوز ذلك؟ التضخم مشكلة لم تنج منها أي دولة فقد أصبح التضخم ملازما لأي اقتصاد. وبالنسبة للتضخم فإن المملكة ليست بمنأى عنه ولكن بمعدل أقل بالمقارنة مع دول المنطقة. وهناك حلول اتخذتها المملكة في هذا الجانب وبإشراف مباشر من خادم الحرمين الشريفين يحفظه الله وقد أصدر مجلس الوزراء وبتوجيهات من خادم الحرمين الشريفين عدة قرارات في هذا الشأن للحد من ارتفاع الأسعار وكبح جماحها. ومن هذه الجهود كذلك ما تقوم به وزارة الاقتصاد والتخطيط من مراقبة مؤشر التضخم وتقديم الحلول المناسبة في هذا الشأن يشاركها في هذا الهم مؤسسة النقد وهي الجهة المسؤولة عن رسم السياسات النقدية التي تعنى بمكافحة التضخم. وقد عنيت خطتا التنمية التاسعة والعاشرة بمكافحة التضخم كما أن المجلس يهتم كثيرا بمكافحة التضخم وقد أصدر عدة توصيات في هذا الشأن منها مطالبته بتفعيل قرارات مكافحة التضخم والعمل على إيجاد الوسائل الكفيلة بالتخفيف من تأثير ارتفاع أسعار السلع والمواد الغذائية وكبح نسبة معدل التضخم العام مع ربط علاوة غلاء المعيشة بمستويات الرواتب ومعدل التضخم. وبالنسبة للبطالة فالمجلس يراقب هذه الإشكالية ويعمل على إيجاد الحلول لها من خلال دوره الرقابي والتشريعي ولا شك أن وزارة العمل تقوم بجهود كبيرة في هذا المجال من خلال استراتيجية توظيف السعوديين والخطط المتعلقة بها وما تم اعتماده من برامج فعالة مثل برنامج نطاقات وبرامج توطين الوظائف وهي جهود مثمرة ويدرك أهميتها المجلس ويدعمها. حدثنا عن اهتمام المجلس بالقطاع الخاص عند دراسة تقارير الجهات الحكومية ؟ في البداية أؤكد أن المجلس لا يعنى بالرقابة إلا على التقارير الحكومية، ولكن المجلس يهتم بالقطاع الخاص وذلك عند دراسة تقارير الجهات الحكومية المعنية بالقطاع الخاص مثل تقارير وزارة العمل وتقارير وزارة التجارة وتقارير الهيئة الملكية للجبيل وينبع أو هيئة المدن الصناعية أو المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية وما إلى ذلك. والمجلس يبدي ملحوظاته ويصدر توصياته بخصوص هذه التقارير ويمارس دوره الرقابي من خلالها ولاشك أنه سيكون معنيا بأداء هذه الجهات ومتابعتها من حيث قيامها بالدور المأمول تجاه هذا القطاع الحيوي والمهم. ولا شك أن العنصر البشري الوطني يقع ضمن أولويات اهتمام مجلس الشورى هذا بالإضافة إلى الدور التشريعي الذي يقوم به المجلس من خلال اقتراح ودراسة مشاريع الأنظمة التي تعنى بتحسين هذا القطاع وتحسين بيئة العمل فيه. فقد درس المجلس على سبيل المثال مشروع نظام الشركات وأجرى كذلك تعديلات على نظام العمل وتعديلات كذلك على نظام الضمان الصحي التعاوني بل ودرس حتى اللوائح المتعلقة بالعمالة المنزلية، وسبق أن درس نظام مكافحة الاتجار بالبشر. والمجلس داعم رئيسي لسياسات إحلال العمالة الوطنية محل العمالة غير السعودية والرفع من كفاءة العمالة الوطنية بل ويدرس حاليا مقترحا خاصا بمكافحة البطالة ومشروع نظام خاص بالتوطين وما إلى ذلك.