اعتنت المملكة منذ نشأتها على يد المغفور له الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن - طيب الله ثراه - على توفير كل ما يحتاجه الحجاج والمعتمرون وقاصدو بيت الله الحرام من الماء وجميع الخدمات التي تمكنهم من أداء نسكهم بكل يسر وسهولة، ومن بين هذه الخدمات توفير الماء العذب لسالكي طريق جدةمكةالمكرمة القديم، فقد أمر الملك عبدالعزيز بتوفير عدة آبار للمياه تكون على طرفي الطريق لينهل منها كل محتاج وتتزود القوافل بالمياه. واليوم من يسلك طريق مكةالمكرمة - جدة القديم تدهشه تلك الآبار العتيقة وتنهال عليه أسئلة كثيرة عن هذه الأسبلة والتي تعتبر أحد أبرز معالم حداء التاريخية وضاحية الشميسي غرب مكةالمكرمة، إلا أن الرمال الزاحفة على طريق جدة - مكةالمكرمة القديم أخفت واحدا من أقدم أسبلة الملك عبدالعزيز الأثرية التي قام المؤسس ببنائها لتوفير المياه لقاصدي البيت الحرام، فيما السبيل الأثري المفقود واحد من ثلاثة أسبلة لاتزال تقاوم العوامل الطبيعية من زحف الرمال وجريان السيول كونها تقع في قلب وادي الشميسي فضلا عن عبث المارة الذين شوهوها ببعض الكتابات والتذكارات. الدكتور عادل بن محمد نور غباشي الآثاري المعروف والذي كان قد أعد بحثا علميا عن أسبلة الملك عبدالعزيز طالب بتدخل الجهات المعنية لاحتواء الموقف وتكوين لجنة للبحث عن السبيل المفقود وحماية بقية المواقع بالتسوير وترميم المتصدع منها، وقال الدكتور غباشي إن من أهم الأسباب التي دفعت الملك عبد العزيز لبناء أسبلة المياه عدم كفاية الأسبلة السابقة وزيادة العمران في مكةوجدة ، وأبان أن السبيل المفقود يقع ملاصقا لبئر أم القرون من الجهة الغربية وتحديدا غرب أعلام حدود مكة بنحو 1 كم في طريق متعرج وهي بئر كانت معروفة لدى البادية والرعاة. وتصميم السبيل كان عبارة عن حوض مستطيل الشكل له فتحات لسقيا من الجهة الغربية والجنوبية ويغطيه قبو موتور ويبلغ طوله 2 متر و60 سم وعرضه متر و55 سم وأبان أن السبيل يتميز بوجود نقش تأسيسي لعمارته، وكشف الدكتور غباشي أن بناء الأسبلة كان بمواد محلية على نمط المنشآت السابقة لعصر الملك كما أن اللوحات التأسيسية نفذت بأسلوب الصب في القالب، وهي طريقة تتناسب مع الإمكانيات المادية المتوفرة في فترة الإنشاء مطالبا منذ أكثر من 12 عاما بترميم المواقع لتردي أوضاعها، موصيا بحمايتها التاريخية والأثرية كونها تعتبر وثائق مهمة عن أعمال الملك عبدالعزيز في سبيل راحة الحجاج. وزاد الدكتور غباشي: لقد عثر على ثلاثة أسبلة بنيت في مواقع متفرقة على الطريق المذكور، وصمم كل منها على أساس مؤرخ بعام 1331ه/1942م، وجاء تصميم الأسبلة سهلا في بنائه، ومتناسبا مع إمكانات البيئة من حيث المناخ والمواد الخام المتوافرة في المنطقة، ومتفقا مع أسلوب تصميم الأسبلة العثمانية على الطريق بين مكةالمكرمةوجدة، مما يشير إلى احتمال بنائها على يد معماريين سبق لهم العمل في العصر العثماني، وهذه الأسبلة: بئر أم القرون، وحداء، وبئر المقتلة، وكان الدافع لإنشاء الأسبلة عامل الدين والمسؤولية، وعدم كفاية الأسبلة السابقة للوفاء بحاجة المارة من المياه، ثم اتساع نطاق العمران لمكةالمكرمةوجدة. فأما سبيل بئر أم القرون فيقع غرب أعلام حدود حرم مكة الغربية بنحو 12.2 كلم، ويبعد عن الطريق المعبد كيلومترا واحدا تقريبا، ولم يكن في هذا الموقع سبيل ماء إلى عام 1318ه حسبما ورد في وصف إبراهيم رفعت للموقع في العام المذكور، ويقدر عمق البئر بنحو عشرة أمتار ويبلغ طول السبيل من الخارج 2.60 متر ومن المحتمل أن يكون ارتفاع فتحات السقيا عن مستوى الأرض مترا واحدا. أما سبيل حداء فيبعد عن أعلام حدود حرم مكة الغربية نحو تسعة كيلومترات ويبعد عن الطريق المعبد حوالي 75 مترا، وكانت حداء معروفة لعابري الطريق بين مكةالمكرمةوجدة في العصر العثماني، ويبلغ طول السبيل من الخارج نحو مترين وأما سبيل بئر المقتلة فيقع شرق أعلام حدود حرم مكة الغربية بنحو عشرة كيلومترات، ويبعد عن الطريق المعبد نحو 40 مترا، وطول السبيل 52 مترا.