لا أقصد رمضان شخصا، حتى لا يساء فهم عنوان مقالي، وإنما أقصد الشهر الفضيل، الذي أهل علينا ببركاته ورحماته وفيوضاته وخيراته. لقد ساوى المولى عز وجل بين الرجال والنساء في هذا الشهر الكريم، فهؤلاء يصومون ويقومون، وهؤلاء يصمن ويقمن، مساواة في العبادات، ومساوات في الجزاء والثواب، ومساوات - أيضا - في العقاب، حتى وإن كان للنساء رخصة لإفطارهن لعدة أيام من الشهر، فعليهن القضاء. لكننا - معشر الرجال - لا نرضى بهذه المساواة، أو لا نسعى إلى تطبيقها في حياتنا مع نسائنا في بيوتنا خلال هذا الشهر، فمعظمنا يقضي وقته في العمل – ومن نسائنا من يعملن كذلك – ثم يعرج قبل الصيام وبعد القيام إلى أصدقائه وأحبائه ليروح عن نفسه، ويقضي وقتا طيبا – حسب اعتقاده – مع الأحبة، لكننا معشر الرجال لا نفكر على الإطلاق فى حال نسائنا خلال هذا الشهر. قد تكون الزوجة موظفة، وهي مطالبة بعد عودتها من العمل بإعداد ما يلزم للإفطار، وليت الأمر يقتصر على تحضير إفطار الزوجة وزوجها وأولادهما، وإنما هناك رجال سامحهم الله يتلذذون بطلبات أنواع وأصناف جميع المأكولات على المائدة حتى وإن لم تؤكل فما عليها إلا التنفيذ إرضاء لرغبات زوجها وكبريائه. ماذا تفعل الزوجة – أعانها الله – تجاه هذه المسؤوليات؟! سواء كانت موظفة أو ربة بيت وسواء كان معها من يساعدها من عاملات أم لا أحد معها؟ هل يمكن لها أن تواجه متطلبات الزوج ودعواته المتكررة وفي نفس الوقت تؤدي حق رمضان عليها من صيام وقيام وقراءة قرآن؟! وفي إطار النشوة الذكورية، يرى الكثيرون أن المرأة إنما خلفت لخدمتهم، وأن عملها في بيتها هو في حد ذاته عبادة. تلك أنانية ذكورية وبغض النظر عن العلاقة الزوجية بين الرجل وزوجته فإننا مطالبون بالرحمة والمودة في هذه العلاقة من جانب، وبزيادة جرعة الرحمة في رمضان، ونساؤنا أحق بتلك الرحمة، من جانب آخر. يا معشر الرجال وأنا منهم، أعطوا فرصة للنساء كي يعشن الجو الروحاني الرمضاني ودعوهن يقتربن من الخالق، ويمارسن واجباتهن والفروض المطلوبة منهن، بل والنوافل التي هي في نهايتها تؤدي إلى تحسين أخلاقيات المرأة، فيطيب عيشنا وتسعد أحوالنا. فلا أقل من كلمة طيبة، يعبر بها المرء عن امتنانه وشكره، لأنها بالفعل قد ضحت من أجل زوجها، ضحت بجهدها ووقتها وعافيتها.