في الوقت الذي يتعرض فيه قطاع غزة لقصف همجي بربري من القوات الإسرائيلية، يستمر الصمت الدولي على المجازر التي ترتكب في القطاع، خاصة بعد إقرار المجلس الوزاري الإسرائيلي المصغر للشؤون الأمنية بدء عملية عسكرية كبيرة على غزة، راح ضحيتها حتى الآن تسعة شهداء فلسطينيين من خلال قيام الطيران الحربي الإسرائيلي بشن سلسلة من الغارات على غزة التي تعتبر الأعنف منذ 2012. ومن الواضح أن إسرائيل المتعطشة دائما لسفك دماء الفلسطينيين تتمادى وستوسع عملياتها التصعيدية ضد سكان غزة في هذا الشهر الكريم، ضاربة بعرض الحائط كل قرارات الشرعية الدولية ومستمرة في عنجهيتها وصلفها المجنون، لفرض أمر الحل العسكري القمعي على الشعب الفلسطيني الذي يواجه أسوأ احتلال وأعتى آلة حرب في التاريخ، الأمر الذي ينذر بحرب جديدة على القطاع بعد أن استنفذت محاولات التهدئة بين الطرفين الإسرائيلي والفلسطيني. وإطلاق حملة عسكرية قاسية قادمة باتجاه غزة، من المؤكد أن إسرائيل ستستخدم فيها أحدث أنواع السلاح التدميري ضد الشعب الفسلطيني المغلوب على أمره، والذي سينتج عن اشتعال انتفاضة في الضفة وغزة ستكون لها عواقب وخيمة ضد إسرائيل، بيد أن المحلل العسكري الإسرائيلي لصحيفة «هآرتس»، عاموس هارئيل، يعتقد أن نتنياهو لن يغامر بحرب جديدة على القطاع، وعدد هارئيل أسبابا لامتناع نتنياهو عن تصعيد العدوان الإسرائيلي ضد غزة، أحدها أنه لا يتعين على نتنياهو الدخول في حرب هذه المرة لأنه سيدخل المنافسة في الانتخابات المقبلة بعد شهرين، ويخشى إذا خسر الحرب أن يخسر الانتخابات، وسبب ثاني يجعل نتنياهو يمتنع عن تصعيد العدوان هو تخوفه من أن تحطيم حماس سيؤدي إلى حدوث فوضى على غرار الصومال أو العراق. ومن المؤكد أن التصعيد الإسرائيلي الخطير على غزة ما هو إلا انتقام من واقعة اختفاء ثلاثة مستوطنين الأسبوع الماضي لم يعرف بعد رسميا من هو المسؤول عن مقتلهم خاصة أن سيناريو اختفاء المستوطنين ومن ثم قتلهم قد يكون من إعداد الاستخبارات الإسرائيلية؛ بهدف استمرار القتل وتخريب المصالحة الوطنية الفلسطينية، والإجهاض على حكومة الوفاق الوطني الفلسطيني، التي تم التوصل إليها مؤخرا في غزة، وإحداث حالة من التباعد والجفوة والقطيعة والعمل على توسيع الخلاف بين حركتي فتح وحماس؛ سعيا منها لإضعاف المفاوض الفلسطيني. إسرائيل الدموية والتي تخطف دولة بشعبها منذ أكثر من ستين عاما تفتح النار على الشعب الفلسطيني بأكمله في حالة جرح إسرائيلي واحد، أما عندما تختطف شعبا وتحتل أرضه وسط صمت دولي وصل إلى حد التواطؤ وترتكب الفظائع بحق المدنيين الفلسطينيين فإنه جائز في عقيدتها المتسلطة والهمجية.. المطلوب من التيارات والفصائل الفلسطينية التعامل مع الموقف بحنكة وحكمة أمام هذا الاختبار الصعب لكي يتمكنوا من الصمود أمام المؤامرات والحملات العسكرية الإسرائيلية التي تستهدف وحدتهم الوطنية.