يا حبيبتي.. الأرض المزروعة ألف مرة والمحصودة ألف مرة لابد أن تنبت من جديد. أنا لست أرضا بكرا تجرى عليها التجربة ثم يصدر القرار بأحقية زراعتها من عدم ذلك. أنا سيد إغراءات الشقاء من أجل الشقاء، عبأوا ذات يوم كيسا بالقلق، ثم اكتشفوا أن الكيس ليس إلا أنا!!. في حياتي وقفتان، الأولى تلك التي عرفت فيها نفسي، أما الثانية فهي التي عرفت فيها حياة الناس، وبين الوقفتين طريق طويل من التأمل وتقليب دفاتر الحسابات، مرة واحدة لم أخطىء في حساباتي، تلك هي اللحظة التي التقت فيها عيوننا في ميعادنا الأول، يوم أحببتك، واشتهيت أن أصرخ في الناس: أنا أحب، إذن أنا إنسان.. من ذلك اليوم، وأنا لا أخطىء، كل شيء يسيره قلبي بالتفاهم المتحضر مع عقلي، تصوري أن الاثنين قلبي وعقلي انسجما بعد طول نزاع يشبه نزاع طلبة مع أستاذ يكذب عليهم في درس التاريخ.. حقيقتي التي كانت غائبة، كانت قريبة مني، لكن حرس حدود التزوير منعوني من دخول الدهليز الذي تسكنه، فكتبت إلى رئيس الحرس استعطفه السماح لي بدخول الدهليز لأتقمص حقيقتي، كان رده مقتضبا ومهيمنا: إذا ثكلتك أمك سمحنا لك بالدخول.. تشفعت بكل الذين يجلبون لبيته الخرفان من سوق الغنم، كان رده المستديم على شفاعتهم: كتب لي وأعطيته جوابي، إذا واصلتم الإلحاح سوف أحرمكم نعمة جلب خرفاني من سوق غنم مدينتي.. كلهم بدلوا الأماكن التي أزرع نفسي فيها مثل طفل هندي زرع قلبه على أحد أرصفة بومباي يمارس هواية البكاء.. أتعرفين متى دخلت الدهليز المحروس وانتزعت حقيقتي من جوفه؟... في ذلك اليوم الذي نام فيه كل أفراد الحرس، وغافلتهم لأصل إلى مكان ميعادنا!!... واكتشفت بعد يأس أنني أرض تنبت وردا أحمر.. أرجوك يا حبيبتي لا تقلقي.. [email protected]