في ظل طرقات مرشوشة بالتعب وبعيدا عن أصداء أيام صاخبة، اتشحت مشنية الحارثي ومسفرة الغامدي بهدوء المهرة بالصنعة والمتقنات للحرفة وانطلقتا للعمل اليدوي لتأمين بعض احتياجات أسرتيهما. لم ينتقد فلذة الحياة في كسب ناتج عن كدح حلال، فكرتا في مشروع مختلف واستغلتا مكامن الحنين في صدور الأجيال المتعاقبة والبطون المتشهية (العيش) المعد بعناية الأمهات والجدات والمعبق بشذى الريحان والضرم والحلبة والسنوت المخلوط باللبن المضاف إلى طحين، ومن المنزل بدأت الخطوات الأولى لتشتهر التجربة ويتسامع المجتمع بسيدات يصنعن العيش الطري، وتتعاطف جمعية البر في بلجرشي بتأمين موقع والتنسيق مع الجهات والأفراد الراغبين في حجز صحاف العيش الطازجة والمصنوعة بأيد سعودية معتقة في مصنع الحياة الكبير، يقضين ساعتين إلى ثلاث في صناعة صحفة عيش واحدة، وتكلف الواحدة بين 100 - 150 ريالا ليبعنها لاحقا ب350 ريالا، 30 في المئة تذهب رسوما للجمعية مقابل المطبخ المختزل من مبنى جمعية بر بلجرشي، ويصنعن في الموسم الواحد بين 70 - 100 صحفة بحسب الطلب، فبعض الصحاف تطلب من قصور الأفراح والبعض لاحتفلات ومناسبات عامة والبعض لمنازل بعض الأسر المؤسرة. وبرغم عناء ومشقة حرارة المواقع المغلقة ولهيب نيران الموقد وسخونة بخار العيش، إلا أن لذة الكسب الحلال للسيدتين مشنية ومسفرة لا يوازيها لذة، وطالبن المسؤولين في منطقة الباحة بتوفير مواقع دائمة لهن بدون رسوم ليمكنهن الاستمرار في العمل وتوفير دخل يؤمن مستلزمات صغار يستهلكون ولا ينتجون. من جانبه، أوضح محافظ بلجرشي سفر سويد الغامدي، أن بلدية بلجرشي بصدد تجهيز وتهيئة 15 ركنا مخصصا لعروض الأسر المنتجة، مبديا استعداده التام للوقوف مع الأسر المنتجة وتذليل كافة الصعوبات والمعوقات والتنسيق مع رجال الأعمال والمقتدرين لتمويل برامج تدريب وتأهيل ورفع كفاءة طاقات الإنتاج وتشجيع الكوادر المنتجة على العمل من خلال مواقع تحفظ وتصون كرامة المرأة، مؤكدا أن سمو أمير منطقة الباحة يولي عناية كبيرة للأسر المنتجة ويقف شخصيا على كل ما ينجز من مشاريع تخص هذه الشريحة التي نعتز بها وبدورها.