تنطلق السبت المقبل أعمال أول منتدى سعودي للأسر المنتجة، الذي تنظمه الغرفة التجارية الصناعية في جدة، برعاية خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز، تحت شعار: استشراف دور الأسر المنتجة وتكامل الشراكات». ويستهدف المنتدى الذي يستمر على مدى يومين ويضم 5 جلسات عمل، محاصرة الفقر والبطالة وتنمية كوادر الأسر المنتجة وإدماج إسهاماتها في الاقتصاد الوطني في إطار منظومة مؤسساتية متكاملة وتمكينها من مواجهة التحديات للوصول بمنتجاتها إلى مستوى التنافسية العالمية. وتحمل رعاية خادم الحرمين الشريفين للمنتدى الذي يقام للمرة الأولى تحت لواء مجلس جدة للمسؤولية الاجتماعية، المنبثق عن غرفة جدة بحضور أكثر من ألف شخصية سعودية وعربية وعالمية من المهتمين بالعمل الاجتماعي والخيري والاقتصادي، دلالات اجتماعية واقتصادية مهمة، فهي تؤكد على إدراكه الواسع والعميق للدور الواسع والمتعاظم الذي يضطلع به القطاع الخاص في التنمية الوطنية، باعتباره شريكا رئيسا في تحقيق التنمية وتعزيز الازدهار وإطلاق المبادرات لمواجهة التحديات الاقتصادية المحيطة. ولاشك أن منتدى مثل هذا، يمثل خطوة مهمة لتكريس مفهوم المشاركة الاجتماعية ويسهم في زيادة الوعي بمفهوم العمل الاجتماعي والخيري ومفهوم الشراكة بين القطاع العام والخاص، وتحديد وتقييم أولويات المجتمع واحتياجاته المطلوبة. الاعتماد على الذات وفيما تتواصل التحضيرات لتنظيم المنتدى جالت «عكاظ» على عدد من المواقع التي تحتضن مشاريع للأسر المنتجة منها «باب رزق جميل» وعدد من المصانع التي وظفت سيدات بالتعاون مع الغرفة التجارية والجمعيات وصندوق الموارد البشرية والقطاع الخاص. ونجح عدد من السيدات في إيجاد أنفسهن والتقدم خطوة نحو الاعتماد على الذات والهرولة للتحول إلى إنسان منتج غير اتكالي، كما نجحت مجموعة من السيدات من مختلف الشرائح في استثمار أفكارهن ومواهبهن الفنية في صور مبتكرة، جسدن من خلالها إبداعاتهن في تنفيذ مجموعة من المهارات، بعضها في فنون الحاسب الآلي من صيانة وخلافه مرورا بالفن التشكيلي وأعمال الزينة والكورشيه والتطريز والخياطة وتصميم الأزياء، من خلال مشاريع خاصة للتحول إلى أسر منتجة. هؤلاء النسوة المكافحات تجاهلن انتظار التوظيف بالشهادات الدراسية والمؤهلات، واعلن العزم والوقوف في وجه البطالة والفراغ والانطلاق في تحمل المسؤولية، خصوصا أن التخصصات والشهادات لم تعد تمثل في ميزان موهبتهن قيمة، فشمرن عن السواعد وصنعن إبداعات ذات قيمة وجمال. التصميم والمثابرة فاطمة العلبي أرملة في الخامسة والأربعين، لم يكن يشغلها هم في حياتها سوى توفير لقمة العيش لايتامها الخمسة بعد وفاة زوجها منذ 15 عاما، وظلت تنتقل كبائعة في الأسواق، تسعى إلى كسب رزقها بالحلال. ورغم الظروف المادية الصعبة التي عاشتها، لكنها بقيت صامدة، وكل يوم يكبر طموحها لتصبح صاحبة معرض تبيع فيه ما تريد وما تصمم، وبالصبر والتصميم والمثابرة انطلقت إلى باب رزق جميل، لتجد فرصة العمر تلوح في الأفق، وأكملت الإجراءات اللازمة وحصلت على قرض، وبدأت مشروعها المتمثل في بيع الملابس النسائية وتنجح في إعالة أسرتها وتعليم ابنائها حتى أوصلتهم المرحلة الجامعية وتخرج أكبرهم في تخصص برمجة الحاسب الآلي. من نقطة الصفر أما جميلة مصطفى، فقررت اقتحام مجال الكمبيوتر والاستثمار في مجال بيع واصلاح وصيانة الأجهزة وتحميل البرامج وبيع مستلزمات الكمبيوتر، ورغم أنها بدأت من نقطة الصفر، لكنها وصلت اليوم إلى مرحلة الاعتماد على الذات وتنمية المهارة واقتحام سوق الكمبيوتر. من جانبها أقنعت عبير أسرتها في الحصول على قرض للتحول إلى أسرة منتجة واستئجار موقع لتصميم كوشة الأفراح للعرسان، وباتت اليوم مشهورة في قصور الأفراح، بعدما نجحت في تصدير إبداعها وفنها إلى مهام تدر عليها لقمة العيش والكسب بعرق الجبين. وثمة عشرات الحالات المشابهة لسيدات وجدن أنفسهن في مواجهة المسؤولية والبحث عن عمل شريف بعيدا عن طوابير الجمعيات الخيرية أو الضمان الاجتماعي، وكن شعلة من الإصرار في كسب لقمة العيش وتوفير الحياة الكريمة لهن ولأسرهن من خلال برامج تتناسب معهن وتلبي رغباتهن وتحول طموحهن إلى إرادة تنكسر عليها مصاعب الحياة. صاحبات موهبة إلى ذلك قالت أم محمد التي تعمل في مصنع للعطور النسائية: نحن صاحبات موهبة وإرادة وعزيمة وأهداف سامية، أردنا تحقيق النجاح والمساهمة في إعالة أسرنا بشكل فعال، بما وهبنا الله من جهد وطاقة، وها نحن نضع بصمة في مجتمعنا وقدوة في العمل والاستثمار وخلق الفرص، فحرصنا على العمل بما أنعم الله علينا من موهبة وصنعة تكفينا السؤال، ونكون بذلك أفرادا فعالين ومنتجين في المجتمع وقادرين على التحول. أما أمل فعبرت عن تفاؤلها بنجاح المشروع الذي بدأته، والذي يتمثل في بيع العطارة والمعمول الفاخر المصنوع منزليا والذي بات له مردود طيب. وفي مكان ليس ببعيد تعمل فاطمة وسحر في المصنوعات الفنية، مثل: الخزف والتريكو والتطريز وتصميم الأزياء وفساتين السهرة والعرائس وطقوم المنازل من مفارش مرسومة ومطرزة ومطبوعة واكسسوارات مصنوعة بدقة وجمال، إضافة إلى بعض الحلويات النادرة وأبازير الطبخ واللوحات الفنية البديعة. وتقول سحر إنها تدرس في الجامعة، فيما تتفرغ والدتها إلى مشروع الخياطة في مشروع باب رزق جميل. وأخيرا أكدت أمل التي تعمل مشغلة خط إنتاج في مصنع عطور نسائي، أنها وجدت نفسها في هذه المهنة وسعيدة بالانخراط في مصنع عطورات ومستحضرات تجميل، الذي منحها فرصة الإبداع وأكسبها الخبرة والمزيد من الثقة وستواصل العمل لإثبات قدرتها على الإنتاج.