شهدت جلسة مجلس الشورى أمس برئاسة نائب الرئيس الدكتور محمد بن أمين الجفري، جدلا واسعا حول التعديلات المقترحة في نظام هيئة التحقيق والادعاء العام، خاصة ما يتعلق بمنح الصفة القضائية لعمل أعضاء الهيئة، وهو المقترح الذي رفضته لجنة الشؤون الإسلامية والقضائية، معللة بأن الصفة القضائية لا تمنح إلا لمن هم تحت ولاية السلطة القضائية، فيما عارضها غالبية أعضاء المجلس الذين تداخلوا في النقاش، مؤكدين أحقية أعضاء الهيئة لهذه الصفة. وفي شأن آخر دعا المجلس هيئة المدن الصناعية ومناطق التقنية إلى وضع خطة تحفيزية لتوجيه الاستثمار في المدن الصناعية الواعدة في غير مدن الرياضوجدة والدمام. وأوضح مساعد الرئيس الدكتور فهاد بن معتاد الحمد في تصريح عقب الجلسة، أن المجلس وبعد أن استمع لوجهة نظر لجنة الإسكان والمياه والخدمات العامة بشأن ملحوظات الأعضاء وآرائهم التي أبدوها تجاه التقرير السنوي لهيئة المدن الصناعية ومناطق التقنية (مدن) للعام المالي 1433/1434ه تلاها رئيس اللجنة محمد المطيري، طالب بمعالجة الصعوبات التي تواجه المشروعات المتعثرة ووضع ضوابط لمتابعة الأراضي التي تؤجرها الهيئة وسحب الأراضي التي لا يبدأ المستثمر في إنشاء المصنع عليها خلال المدة المحددة. كما طالب الهيئة بوضع خطة لتشجيع النساء على الاستثمار في المدن الصناعية ومناطق التقنية وإعداد برنامج تنفيذي لتسهيل إجراءات الاستثمار وتشجيع توظيف السعوديات. ووافق المجلس على توصية إضافية مقدمة من عضو المجلس الدكتور سعيد الشيخ على التقرير ونصها «على الهيئة تضمين تقاريرها المقبلة حجم الاستثمارات في المدن الصناعية ومساهمة هذه الصناعات في إجمالي الإنتاج الصناعي وإجمالي الناتج المحلي للمملكة وكذلك أعداد العاملين ونسبة السعودة». نظام هيئة التحقيق وأفاد د. الحمد بأن المجلس ناقش بعد ذلك تقرير لجنة الشؤون الإسلامية والقضائية بشأن تعديل بعض مواد نظام هيئة التحقيق والادعاء العام ولائحة أعضائها والعاملين فيها، تلاه نائب رئيس اللجنة الدكتور فالح الصغير، مشيرا إلى أن اللجنة أوصت في تقريرها بالموافقة على تعديل المادة الثانية والتي تختص بتشكيل الهيئة، والمادة الثالثة والتي تحدد اختصاصات الهيئة وفقاً للأنظمة وما تحدده اللائحة التنظيمية، وكذلك المادة الرابعة التي تنظم مجلس الهيئة واختصاصاته، فيما أوصت اللجنة بعدم الموافقة على منح الصفة القضائية لعمل أعضاء الهيئة في المادة الخامسة معللة بأن الصفة القضائية لا تمنح إلا لمن هم تحت ولاية السلطة القضائية. كما وافقت اللجنة على جدول معادلة وظائف أعضاء الهيئة بوظائف القضاة وفقا للمادة التاسعة من نظام الهيئة، ورأت أن يكون سن نهاية خدمة عضو الهيئة 70 عاماً مساواة لهم بالقضاة، حيث عدلت اللجنة المقترح من الحكومة الذي نص على (لمجلس الهيئة تمديد خدمة العضو عند بلوغه سن الستين لمدة سنة واحدة قابلة للتجديد لمدد أخرى مماثلة على ألا تتجاوز في مجموعها عشر سنوات)، حيث أكدت اللجنة أن التمديد لكل سنة يترتب عليه عدم الاستقرار الوظيفي لعضو الهيئة. وبعد طرح تقرير اللجنة وتوصياتها للمناقشة أجمع الأعضاء الذين داخلوا على التقرير على عدم اتفاقهم مع رأي اللجنة بخصوص المادتين الخامسة والثانية عشرة، وانتقدوا عدم موافقة اللجنة على منح أعضاء الهيئة الصفة القضائية، حيث قال أحد أعضاء الشورى إن عمل الهيئة من صميم الأعمال القضائية وليس عملا إداريا، فيما قال آخر «إن الصفة القضائية تتعلق بعمل عضو الهيئة وليس لشخصه، لذلك يجب تمييز وتحصين عمله عن العمل الإداري». ورأى أحد الأعضاء أن هناك تشابها في أعمال أعضاء الهيئة مع القضاة منه تعيينهم بأمر ملكي، فيما استدل آخر بالمادة الرابعة والأربعين من النظام الأساسي للحكم التي عدت الهيئة جزءاً من السلطة القضائية، ونبه إلى ضرورة دعم أعضاء الهيئة والحفاظ على كوادرها لانعكاس ذلك على سير العدالة. وتساءل آخر عن مساواة اللجنة أعضاء الهيئة بالقضاة في ما يخص سن التقاعد في حين ترفع عنهم الصفة القضائية، وأشار عدد من الأعضاء إلى أن أنظمة الدول المختلفة تكسب عمل عضو هيئة التحقيق والادعاء العام والنيابة الصفة القضائية. وفي ما يخص المادة الثانية عشرة المتعلقة بسن التقاعد لعضو الهيئة والذي حددته اللجنة ب 70 عاما مساواة لهم بالقضاة، طالب الأعضاء بالرجوع إلى النص المقترح من الحكومة أو عدم تعديل المادة والبقاء على النص المعمول به حالياً وهو سن الخامسة والستين. وأكد عدد من الأعضاء أن عمل عضو الهيئة يتناسب مع فئة عمرية محددة نظراً لما يتطلبه من جهد بدني وفكري قد لا يتناسب مع فئة عمرية أخرى. وبعد الاستماع إلى عدد من الملحوظات وافق المجلس على منح اللجنة مزيدا من الوقت لدراسة ما طرحه الأعضاء من آراء ومقترحات والعودة إليه في جلسة مقبلة. هيئة السوق المالية وأضاف الدكتور فهاد الحمد أن المجلس انتقل بعد ذلك لمناقشة تقرير لجنة الشؤون المالية بشأن التقرير السنوي لهيئة السوق المالية للعام المالي 1434/1435ه تلاه رئيس اللجنة الدكتور سعد مارق، حيث أوصت اللجنة بالموافقة على مطالبة الهيئة باتخاذ جميع الإجراءات الكفيلة بالتحكم في المخاطر التي قد تؤثر على استقرار السوق المالية وضمان عدم تكرار ما حدث في عام 1427ه (2006م)، كما طالبت اللجنة بإعادة النظر في أوضاع شركات الوساطة المالية وبما يؤدي إلى ضمان المنافسة العادلة واستمرار عمل تلك الشركات وعدم منافستها من قبل الشركات المملوكة للبنوك التجارية. وبعد طرح التقرير وتوصيتي اللجنة للمناقشة قدم أحد الأعضاء توصية إضافية ضمنها مداخلة تدعو لإجراء دراسة تقويمية من جهة محايدة لعمل الهيئة وأثر أنشطتها على السوق المالي وعلى الاقتصاد السعودي، وقال «إن مهام الهيئة واضحة ومحددة وقابلة للقياس، فهل قامت بها جميعها أو بعضها». فيما رأى عضو آخر أن التوصية الثانية للجنة تتعارض مع مبدأ المنافسة العادلة وستوجد المسوغات الاحتكارية لسوق الوساطة المالية، واعتبرها تدخلا في آليات السوق، مضيفا «إن من المناسب ترك الخيار للمتداول ليختار مقدم الخدمة الأفضل وبالعمولة المناسبة له». ولاحظ آخر عدم وجود فروع للهيئة على مستوى المناطق، داعيا الهيئة لإعادة دراسة وضع البنوك الأجنبية العاملة في المملكة والتي تستثمر أموالاً سعودية في صناديق خارجية لا تعود بالمنفعة على الاقتصاد السعودي. وطالب عضو آخر بأن تقوم الهيئة بدراسة تناقص الاكتتابات وأثره على سوق المال وعلى استيعاب الأموال التي يرغب المواطن في استثمارها، كما طالب بأن يتضمن تقرير الهيئة مؤشرات أداء نوعية قياسية للسوق المالي ومقارنته بالسوق العالمي. وانتقد عضو آخر توصية اللجنة الأولى، موضحا أنها تعالج حدثاً وقع قبل ثماني سنوات، وكان للمجلس وقفته في حينه، حيث درس الموضوع دراسة مستفيضة رفعت للمقام السامي. وحذر أحد الأعضاء من سرعة تنامي مؤشر السوق المالي خلال هذا العام رغم أن الهيئة اتخذت العديد من الإجراءات التي تحد من التلاعب بالسوق، حيث تقوم برصد المخالفات والإعلان عنها، مطالباً بالاستفادة من الخبرات السعودية التي تقدم رؤى مستقبلية للحد من تنامي مؤشر السوق المالي بلا مسوغات اقتصادية ومؤشرات نمو يمكن الاعتماد عليها. وبعد الاستماع إلى عدد من الملحوظات وافق المجلس على منح اللجنة مزيدا من الوقت لدراسة آراء الأعضاء ومقترحاتهم ومن ثم عرض وجهة نظرها عليه في جلسة مقبلة. تعاون دفاعي مع كوريا وكان المجلس قد استهل جدول أعماله بالموافقة على مشروع اتفاق بين وزارة الدفاع في المملكة ووزارة الدفاع الوطني بجمهورية الصين الشعبية للتعاون في مجال الدفاع، وذلك بعد أن استمع إلى تقرير من لجنة الشؤون الأمنية تلاه رئيس اللجنة الدكتور سعود السبيعي.