ماذا يجري.. آباء يقتلون أبناءهم، وأمهات يغدرن بصغارهن بلا تردد. هل تحول الحب إلى كراهية وبغضاء لدرجة أن تحمل أم سكينا وتنحر فلذة كبدها وقد ضاع عقلها وتصلب وجدانها.. وأب يشهر سلاحه ويفرغ رصاصاته على رؤوس أبنائه. صحيح أن كل من تورطوا في جرائم كهذه يعانون من اضطرابات نفسية وعقلية أو وساوس قادتهم إلى ذلك، ومع ذلك فإن دراسة هذه الحالات وتقصي أسبابها ضرورة للوصول إلى نتيجة.. في ينبع أقدم أب في العقد الخامس من العمر على قتل ابنه الوحيد من بين أربع بنات، بتسديد طعنات نافذة الى جسد نجله ذي الخمسة عشر عاما في مدخل العمارة السكنية، حيث يقطن فيها ابنه مع والدته وأخواته، بعد حصول الأم على صك شرعي بإعالة أبنائها الخمسة عقب انفصالها عنه. في تبوك قتل أب ابنه البالغ من العمر 10 سنوات، بعد خلاف معه إذ طلب الأب من ابنه أن يحفظ آيات من القرآن الكريم ولعدم حفظه قام بتوبيخه وضربه بوصلة المسجل وربطه بالمكيف بواسطة سلك وعندما أحس أن ابنه توفي، لفه بقطعة قماش ووضعه في صندقة أغنام! الطفل اليتيم فيصل توفي في الرياض بعد تعرضه إلى إصابات بليغة من الرجل الذي تبناه، وهزت حادثة الرجل السوداني (46 سنة) مجتمع العاصمة عندما أقدم على قتل زوجته وثلاثة من أبنائه بنحرهم وتسديد عدد من الطعنات بآلة حادة قبل أن ينهي حياته بالانتحار، وحين حضر رجال الأمن وجدوا أنفسهم أمام خمس جثث تسبح في بركة من الدماء وآثار طعنة نحرية بعنق زوجته البالغة من العمر 44 عاما وأطفالها الثلاثة البالغة أعمارهم ما بين السبع سنين والسنتين. في جدة قتل رجل من بورما في الخمسين من عمره 4 من أبنائه وزوجته في حي الكيلو 14 ثم سلم نفسه للجهات الأمنية في جدة. أما في شرورة فقد قتل مواطن زوجته البالغة من العمر 26 عاما وأربعة أبناء ثلاثة أولاد تتراوح أعمارهم بين 5 و11 عاما، وطفلة تبلغ من العمر عامين. وجريمة مماثلة في الدمام لقي مواطن في العقد الرابع حتفه متأثرا بطلق ناري تعرض له من والده السبعيني واعترف الأب بجريمته.. هذه الوقائع وضعتها «عكاظ الأسبوعية» على طاولة خبراء وعلماء وقضاة لبحثها وتحليلها. لا يقتل والد بولده القاضي في محكمة الاستئناف في مكةالمكرمة الشيخ عبدالرحمن العجيري عزا حدوث الجرائم الغريبة الى الامراض النفسية والادمان وقلة الوازع الديني إذ لا يمكن أن يكون هناك أب سوي يقدم على قتل ابنه، مضيفا إن ثلثي القضايا الجنائية التي تنظر في محكمة الاستئناف في مكة بسبب المخدرات إما التعاطي أو الترويج، لافتا إلى أن هذا الأمر يعد غريبا على المجتمع مبينا أنه في الحديث «لا يقتل والد بولده» ويرى الإمام مالك بأن يقتل الأب في ولده إذا ذبحه ذبح الشاة، لافتا إلى أنه إذا اتضح بأن الأب قتل ابنه عدوانا وظلما ولم توجد شبهة تأديب فيقتل تعزيرا. هجمة إعلامية إلى ذلك قالت المستشارة الأسرية نوال الزهراني أنه في معرض الحديث عن كثير من الظواهر الاجتماعية بشكل عام والأسرية بشكل خاص لا نغفل سيطرة الإعلام في تشكيل كثير من المفاهيم الجديدة وتغيير بعض من القيم الاجتماعية والأخلاقية فما زال الإعلام له حظوة كبرى في التسلل اللامرئي للعقل بل وممارسة هيمنته، وأضافت إن الهجمة الإعلامية الغريبة تضخ كما هائلا من العنف بشتى أنواعه ويحمل دونما أي مسؤولية توجهات قتل الائتلاف والألفة ويحرض مشاعر العدوان. فإذا غاب الإعلام عن القيمة الحقيقية والرسالة الهادفة فإنه يثير حالة من الفوضى القيمية، وما شاع من قتل الآباء للأبناء أمر مأساوي سببه المشاكل النفسية والضغوطات الحياتية.