اشتكى عدد من أهالي قرية (حيدان آل مونس) بمحافظة ظهران الجنوب، ضد أحد المواطنين، لإحداثه سدا من الأحجار الكبيرة على مسافة تصل إلى 40 مترا شمالي وادي للوضر، مما اعتبره الأهالي تعديا على مجرى السيل ينذر بعواقب وخيمة، ما لم يتم تدارك الأمر بشكل عاجل. لكن هذه الواقعة ليست الأولى على مستوى المناطق، ولن تكون الأخيرة على مستوى التعديات، رغم أنها تفتح ملفا معقدا في تفضيل المصلحة الخاصة على حساب المصلحة العامة، وتضع أرواح العشرات في مهب الريح لمكاسب شخصية. وإذا كان الأهالي في ظهران الجنوب يعيشون حاليا معاناة حقيقية في البناء في بطون الأودية، الأمر الذي يحول مجرى السيل باتجاه المنازل والقرى الآمنة، فإن عشرات من القرى في مناطق عدة لازالت تعاني من اللامبالاة والإهمال وعدم المتابعة والعقوبة المناسبة. في ظهران الجنوب تتضح مرارة الشكوى، حيث صعد أهالي قرية (حيدان آل مونس) من شكواهم ضد من سد مجرى السيل، وهو يعتبر اعتداء على الوادي وحرمته وضررا على المزارع المجارورة له من الجهة الجنوبية ومجرى السيل المؤدي إلى المزارع الخاصة بالمتضررين. وقال آل فرحان النائب إنهم تقدموا بشكوى إلى البلدية، ووقف رئيس البلدية بنفسه على الموقع، وخلال شخوصه حرر خطابا للمحافظة لإزالة المبنى، وذكر بالمحضر أن هناك ضررا على المزارع، وأن هناك عبارة قائمة في الموقع لربط شمال المحافظة بجنوبها ، وحيث إن بناء هذا السد على أساسات العبارة وعلى مجرى الطرف الصحي، وقد خاطبت البلدية المحافظة والشرطة بطلب إزالة الأحداث، وتغريم المتسبب عشرة آلاف ريال. ولا يختلف الأمر كثيرا في تهامة قحطان حيث يعيش أهالي عدة قرى مثل الفرشة وهجر وأودية مثل وادي شيبه وقرية سريان وقرية راحة ووادي حمه ووادي العطف ووادي اللحجة ووادي السبلة بتهامة سراة عبيدة، أسابيع من العزلة وقت هطول الأمطار والسيول حيث تعزلهم السيول وتقطع الطرق عنهم وعن منازلهم المبنية من جذوع النخيل وحطب الأشجار وبعضها من الطين والبعض من الأسمنت والبيوت الشعبية والقليل من البناء المسلح الحديث باختلاف مواقع وكثافة السكان. وتزداد معاناتهم بعد هطول الأمطار الغزيرة وجريان السيول التي تقطع الطرق عنهم وتعزلهم عن الناس متى ما جاء موسم الأمطار حتى أصبحت الإغاثة الجوية والجسر الجوي لتقديم المواد الغذائية والصحية لهم في مواقعهم هي المشهد الوحيد في المنطقة. ويتفق الكثيرون على أن البناء في بطون الأودية خطرا يهدد الجميع، لكن تغليب المصلحة الخاصة، يجب ألا يتقاعس أحد تجاهه، بل مواجهته بكل حزم لمنع المخاطر، خاصة أن تغيير مجاري السيول، بات يهدد أرواح الأهالي من ناحية، ويعزل القرى من ناحية أخرى، بما يعني أن الأحياء أيضا لا يستطيعون التنقل أو تلبية الاحتياجات الضرورية للمعيشة سواء التعليم أو الصحة. لكن على الصعيد الآخر يعترف بعض سكان الأودية أنهم يختنقون بسبب هذه السيول، لكنهم لا يعرفون موقعا غيره للسكن، مشيرين إلى أن السيول تقطع عنهم السبل للوصول إلى أي موقع، لكنهم لا يعرفون أين يسكنون. ويشرح يحيى زاهب القحطاني ومحمد موسى القحطاني أحد سكان هذه الأودية والمناطق المتضررة أن الأمطار ومواسمها أصبحت تشكل هاجسا ومخاوف للأهالي تجرف فيها البشر والمركبات والأغنام والمنازل بطريقة أصبحنا معها معزولين عن العالم، حتى تأتي الإغاثة بالطيران لصرف مؤن للسكان من المواد الغذائية الأساسية الأدوية الصحية والكشف والعلاج في مواقعنا في أودية تهامة قحطان مسقط رؤوسنا ومصدر رزقنا فنحن بدو نبحث عن الماء والكلأ لأغنامنا في هذه الأودية ونعيش على رعاية المواشي والأبقار والجمال ومنازلنا من القش والخشب أو المقتدر من الأسمنت والبيوت الشعبية. ويضف عليه محمد موسى بقوله إننا نحتاج إلى خدمات كثيرة هامة مثل العلاج والمدارس فالمراكز الصحية بعيدة عنا وكذلك المدارس وخاصة المرحلة الثانوية نعاني لإيصال أبنائنا إليها مما يجعل الكثير ربما يترك التعليم بسبب وعورة الطرق وبعدها وظروفهم المعيشية الصعبة.. حيث إن الطرق إلى معظم القرى والهجر والأودية وعرة ولا يتم صيانتها بصفة دورية ونحتاج إلى فتح طرق جديدة معبدة موصلة إلينا دون الحالية التي أكل عليها الزمن وشرب وقد عصفت بها سيول الأمطار وجرفتها وغيرت من معالمها بالكامل. وعندما يكون لدينا مريض ونحتاج إلى نقله لا يوجد مستشفى قريب إلا في مركز فرشة قحطان لمسافة الساعتين وأكثر، ومعظمهم يلقون حتفهم قبل وصولهم إلى المستشفيات وخاصة الحوامل والحالات الحرجة من المرضى، وما نحتاجه من مراجعات لضمان الاجتماعي أو للبنوك أو للأسواق العامة لجلب احتياجات المنزل من مواد أساسية نحتاج فيه إلى أكثر من ثلاث ساعات متواصلة عبر طرق وعرة وخطرة. وتزداد المعاناة أكثر عندما تهطل الأمطار وتجرف السيول كل ما تجده في طريقها من الطرق والأغنام والبشر ونصبح في عزلة حتى تغيثنا طائرات الأمن العام وفرق الدفاع المدني بالمؤن الغذائية والعلاجية. ومعظم المطالب تتمثل في فتح الطرق المتفرعة والموصلة إلى هذه المنازل عبر الجبال بدلا من الأودية التي تتحول إلى صخور وقت هطول الأمطار وجريان السيول مع متابعة دائمة للصيانة لها بصفة دائمة تضمن سلامة الطريق ومرتاديها حتى وقت مواسم الأمطار. ومتى أوجدت الطرق جاءت باقي الخدمات فنحن نطالب بالمدرسة والمستوصف ويشترط الطريق المعبد النافذ ويليه باقي الخدمات التي يحتاجها المواطن مثله مثل باقي المواطنين في قرى وهجر ومدن ومحافظات منطقة عسير. ونحن في تهامة قحطان حرمنا من مشاريع الطرق والمراكز الصحية والمدارس ومكاتب الخدمات الاجتماعية والضمان الاجتماعي والبنوك وكافة الدوائر الحكومية ونحتاج إلى هذه الخدمات وخاصة أن سكان هذه المناطق في ازدياد سنوي وتزداد بشكل ملحوظ. من جانبه شدد محافظ سراة عبيدة علي إبراهيم الفقيه أن الإدارات الحكومية كافة تبذل الجهد في فتح الطرق وإغاثة المتضررين من السيول والأمطار في تهامة قحطان، حيث يتم فتح الطرق المتعثرة والتي جرفتها السيول أمام المواطنين المتضررين ورفع تقرير كامل عن نتائج والأضرار التي وقعت لمعالجة وتم تكاثف جميع الجهات الحكومية ذات العلاقة في الإشراف والعمل المتواصل لأجل إصلاح الأضرار من الطرق في عدة مواقع في تهامة قحطان. ويشير مدير عام الشؤون الصحية بمنطقة عسير الدكتور إبراهيم الحفظي أن الخدمات الصحية لتهامة قحطان قد تغيرت عن السابق بشكل كبير وتم سد العجز وفتح عدد من المراكز الصحية لخدمة السكان حسب الأولويات وحسب الكثافة السكانية لكل قرية. وتم تقديم المساعدات الصحية والكشف على عدة حالات مرضية وصرف العلاج لهم في عدة قرى وهجر وأودية في تهامة قحطان من المتضررين من جراء الأمطار وتم السماع لعدة مطالب لمواطني هذه المواقع في تهامة قحطان وسيتم توفير وتقديم الخدمات الصحية لهؤلاء المواطنين ولو عن طريق الفرق الميدانية المتنقله وتقديم الرعاية الصحية واللقاح للأطفال والجرعات في أوقات الحملات والتطعيمات الدورية وهناك دراسات وزيارات ميدانية دورية تقوم بها الشؤون الصحية في المنطقة لرصد الاحتياج وتأمين اللازم والرفع بما هو يحتاج إلى موافقة الوزارة مثل استحداث المستشفيات ذات سعة 200 سرير حسب الأولويات والاحتياجات لكل محافظة، وهناك تحديات كبيرة تواجه الوزارة في استقدام الأطباء والاستشاريين والأخصائيين للعمل في مستشفيات المناطق النائية بسبب عدم وجود المدارس الأجنبية لأسرهم وكذلك عزوف الأطباء السعوديين عن العمل فيها رغم المحفزات الكبيرة التي تقدم لهم.