كم يسعد المرء وهو يجد أمام ناظريه مشاركة اجتماعية من علمائنا الأفاضل؛ أمثال صاحب الفضيلة معالي الشيخ عبدالله بن سليمان المنيع الذي أتحفنا بما كتبه في جريدة عكاظ بتاريخ 8 رجب 1435ه بعنوان (إيضاح فهم، وتصحيح نظر وتصويب مطالبة)، وكانت الإفادة المفيدة في رده على الأستاذ سعيد الوهابي (وهذا الرجل لا أعرفه) ولم أطلع على ما تعرض فيه للمقارنة بين صامطة وشقراء حول عدم فتح جامعة في الأولى بينما فتحت في الثانية حسب ما جاء في إيضاح الشيخ وما بينه فضيلته من نصوص بعدم التصريح بالاسم عن الأشياء من الأفضال التي أفاءها الله على العباد والبلاد، وأضيف هنا جواز التصريح في التحدث بالنعمة (وأما بنعمة ربك فحدث)، وما عدا ذلك، فيعتبر من الحسد (أم يحسدون الناس على ما أتاهم الله من فضله) نعوذ بالله من الحسد (ومن شر حاسد إذا حسد)، وهذا تنبيه وتوجيه يشكر عليه ويستحق الدعاء منا له والإفادة من علمه الذي آتاه الله فلم يكتمه عن الناس بجميع الوسائل المعروفة عن فضيلته. لكن الملاحظ أن الشيخ أبقاه الله ذهب لمقارنات عديدة، ومعلومات موسعة عن المساحات والمدن والأقاليم، ومسافات الطرق وعدد السكان بالنسبة لشقراء وما حولها ودورها المعروف في الماضي والحاضر. وهنا أرجو أن يسمح لي فضيلته ببعض الإيضاحات عن صامطة والجهات المحيطة بها، ولا شك أن معرفته أو ما يسمع عن هذا البلد تجعله إن شاء الله يوافقني على ما سأقول عنه: باختصار فبغض النظر عن فتح جامعة هنا أو هناك، فهي صروح علمية عظيمة متى قدر لها أن ترى النور وتلك الأمور في أولويات اهتمام الدولة أيدها الله. ويهمنا الإشارة أولا إلى دور منطقة جازان في مناصرة الدعوة منذ القدم المتمثل في ذهاب الكثير من أبنائها إلى الرياض؛ أمثال الشيخ يوسف عبدالقهار والشريف الكلاس صاحب قرية وعلان، وهما من محافظة صامطة، قبل حوالي ثمانين عاما وقابلا جلالة الملك عبدالعزيز رحمه الله وطلبا نشر الدعوة والتعليم، ومن قبلهما الكثير ممن ذهبوا إلى الرياض لطلب العلم أمثال أحمد الفلقي الذي تردد على الرياض ودرس على بعض مشايخها وعاد إلى المنطقة حاملا مؤلفات شيخ الإسلام محمد بن عبدالوهاب رحمه الله ككتاب التوحيد وغيره ونشرها بين الناس في المخلاف السليماني الممتد من حلي إلى حدود اليمن. وكان دور صامطة بالذات بعد هذه التحركات هو استقبال الشيخ عبدالله بن محمد القرعاوي الذي كان له الجهود المعروفة في الدعوة بعد بعثه من قبل الملك عبدالعزيز، بمشورة من ولي عهده آنذاك الملك سعود الذي خص صامطة بزيارة من زياراته التفقدية بعد البيعة، فسر سرورا عظيما بمعهدها العلمي وطلابه وبالأهالي واحتفائهم بمقدمه وبعلماء البلد وأساتذة المعهد السعوديين وغيرهم ووقوف الطلاب صفين متقابلين أثناء ترجله للدخول إلى المعهد وهم يرددون النشيد الذي أعده لهم الشيخ حافظ الحكمي رحمه الله. وللمعلومية، فإن ظروف ذلك الوقت المادية جعلت بناء المعهد سرادقات مستطيلة متقابلة من القش وأسقفها وجدرانها من الجريد وأعمدتها من جذوع الأثل والسدر الطويلة مغطاة بحشائش الثمام ومربطة بحبال المرخ والطفي. ومن تواضع جلالته تناوله طعام الإفطار على جلسة أرضية بسيطة في المعهد، أما الغداء فتناوله مع الجموع الغفيرة المحتفية في المخيم المعد لاستقباله المتمثل في قريه متكاملة بجميع تجهيزاتها. ومما يسجل لصامطة فتح ذراعيها للشيخ عبدالله بن محمد القرعاوي واحتواؤها للدعوة وإيجاد مدرسة رحبة هي المدرسة السلفية لاستقبال أهل الجهة وكل من يجيء إليها من الأقاليم المجاورة كعسير وقحطان وبلاد بالقرن، ومنها الشيخ محمد القرني عضو التمييز رحمه الله ومن بلاد اليمن ثم افتتاح المعهد العلمي بعد ذلك، فأنجبت علماء أجلاء كان لهم الآثر البارز في التعليم ونشر الدعوة، على رأسهم العالم الفاضل الشيخ حافظ أحمد الحكمي الذي تولى إدارة المعهد، والذي أدى دوره هو الآخر في تخريج ألآف الطلاب وأكملوا دراستهم العليا بكل اقتدار وتبوأوا مكانات مرموقة في القضاء ومحاكم التمييز والشورى وسائر المجالات، ومن أبناء هؤلاء وأولئك ممن هم زملاء لمعالي الشيخ عبدالله المنيع في هيئة كبار العلماء وغيرها كالدكتور أحمد سير المباركي والدكتور علي الحكمي. وإذا، فدور صامطة الكبير وماضيها المشرف الذي أبنا القليل منه وكثرة قراها الممتدة من جبل جحفان في الشرق إلى البحر الأحمر في الغرب وإحاطتها بثلاث محافظات هي المسارحة من الشمال والحرث من الشرق والطوال من الجنوب وكثرة من يتخرجون من الثانويات منها ومن قراها ومن المحافظات الثلاث المحيطة بها، وأهم من ذلك أن مساحة إقامة المشروع متوفرة في خبت الخارش، كما حصل لمشروع الإسكان، وسيكون لوجود صرح كبير يسمى جامعة صامطة أو أي اسم شهير مناسب فوائد جمة تثلج صدور الجميع، وأولهم معالي الشيخ الفاضل عبدالله المنيع الذي أزجي له الشكر على إتاحة الفرصة لنا للإدلاء بعجالة بسيطة قد لا يجد القارئ المتطلع إلى إيضاحات أكثر وشرح أوفى لموضوع مهم كهذا ما ينشده.