ما إن هطلت الأمطار مؤخرا على منطقة الباحة، حتى استدعى الأهالي وخاصة أبناء العقيق الذكريات الأليمة من العام الماضي، التي تعارفوا على تسميتها «المعصرات» عندما اجتاحت مياه الأمطار والسيول العديد من المواقع، لتقتل وتشرد المئات وتتلف الممتلكات. يعرف الأهالي أن هناك خطوات اتخذت بعد تلك المأساة، لكن يبقى الخوف مسيطرا عليهم خاصة في ظل التسريبات على أن الأمطار ربما كانت غزيرة لهذا العام مما روج موجة من الشائعات حول تكرار المأساة، الأمر الذي جعلهم يتساءلون هل تم الاستعداد جيدا لتدارك الموقف، ووضع الخطط الوقائية قبل فوات الأوان. وفي ظل فداحة العشر الأيام التي شهدتها المنطقة العام الماضي، والخسائر الكبيرة، يتوقف أحمد محمد الغامدي من أهالي العقيق، ليعبر صراحة عن الأمطار، مبينا أنها للأسف مثلت له رعبا، وقال: العام الماضي شاهدت أمطارا غزيرة لم أشاهدها في حياتي، ولأول مرة لم أخرج من المنزل بسبب شدة هطول الأمطار، حيث أصبحت الأودية خارج مسارها المعهود بشكل لم نعهده من قبل، وتسببت في خسائر فادحة في المزارع حتى المنازل الخرسانية. وأضاف نتمنى بالطبع استمرار أمطار الخير، لكننا نأمل ألا تشهد حالات غرق أو هدم، لذا فالسؤال الأبرز ماذا فعلنا لتفادي ذلك. ويسترجع عبدالله سفر ما تسببت فيه الأمطار في وادي اللحيان، الذي شهد فقدان عائلة مكونة من أربعة أشخاص، وقال: كان المشهد رهيبا جدا لا يمكن احد أن يتحمله حيث هب الجميع لنجدة العائلة، ولكن دون جدوى ليلقوا حتفهم جميعا في في منظر أبكى الأهالي، وكلنا أمل ألا تتكرر المأساة لكن لا ننكر أن الخوف يجتاحنا. وطالب فؤاد حمدان بخرش بتفعيل دور الدفاع المدني في تلك الحالات المطرية بتواجد عدد كاف من دوريات الأمن والسلامة حول مجاري السيول والتحذير من المجازفين والمستهترين مع تشديد العقوبة لمن يخالف أنظمة الدفاع المدني. ودعا محمد سعد مطلق بمتابعة سد محافظة العقيق، مشيرا إلى أن السد ممتلئ حاليا، بما يفوق العام الماضي، مما يعني أن أقل كمية جديدة من الأمطار يمكنها أن تحدث فيضانا وهو أمر يهدد المساكن والمزارع، ويجب الإسراع في فتحه لأن الأرض حاليا يمكنها أن تتحمل المزيد من المياه، لكن مع هطول الأمطار لا يمكنها ذلك. لكن الخبير في الطقس سلطان المعبدي، الذي كشف بأن هناك أمطارا غزيرة متوقعة على المنطقة، استبعد المخاوف لهذه الدرجة، مبينا أن حالة المعصرات 2013 كانت قوية وتعتبر من الحالات التاريخية والتي ستظل عالقة في أذهان من عاشوها حيث تحركت أودية ظلت سنوات لم تتحرك بهذه القوة وأعادت للأذهان الأعوام المطيرة التي مرت على الجزيرة العربية. وقال إنه بالنسبة لتوقعات أمطار هذا العام وحسب ما ترسمه دورات الرياح والخطوط المطرية وحسب منظومة هذا العام فإنه متوقع حالة قوية بإذن الله تعالى خلال هذا الشهر وقد أشرنا لها سابقا وبدأت المواقع تلمح لها، مضيفا: نعم هناك مؤشرات قوة بإذن الله تعالى ولكن لا أظن أن تصل لقوة المعصرات العام الماضي، أو حتى عدد أيامها حيث إن شكل خريطة القوة سيتركز والله أعلم على مرتفعات الحجاز من المدينة إلى الباحة ومثلث المدينةحائلالقصيم، مع وجود فرص لشرق هذه المناطق لتشمل أجزاء من نجد والشرقية ولكن تقل نسبة الهطول بالتدريج كلما اتجهت شرق مناطق الارتكاز إلى الشمالية الشرقية. وبين أن هناك فرصا شرق مرتفعات عسير إلى نجران والدواسر وأجزاء من الربع الخالي والسواحل قد تحظى بحزام سحابي من رابغ إلى جدة قد تتخلله بعض الأمطار الخفيفة إلى المتوسطة من سواحل جنوبجدة إلى جيزان ربما وضعها قد يكون أفضل من حيث التكونات المطرية خاصة شرق السواحل ولكن يظل الوضع على السواحل إجمالا حول المتوسط والله أعلم. من جانبه شدد ل«عكاظ» اللواء علي بن عبدالله السواط مدير الدفاع المدني بمنطقة الباحة على أهمية عدم التهاون في التعليمات والتحذيرات التي تطلقها مديرية الدفاع المدني بالمنطقة، وعدم المجازفة بالخروج أوقات التقلبات الجوية وعبور الأودية والتنزه في المواقع الخطرة ورفع مستوى الوعي الوقائي بالاطلاع على وسائل الإعلام المختلفة ومواقع التواصل الاجتماعي الخاصة بالدفاع المدني على (تويتر والانستغرام واليوتيوب والفيسبوك) والتي تعلن باستمرار عن حالة التقلبات الجوية التي تصدرها الرئاسة العامة للأرصاد وحماية البيئة. وأشار إلى أن الدفاع المدني مر بالعديد من الحوادث الميدانية خلال الفترة الماضية، واستطاع التعامل معها بفضل من الله ثم بدعم ولاة الأمر، والذين وفروا الكثير من الآليات التي تعين على فك الاحتجازات في حالة المخاطر لا سمح الله.