حاسة السمع من الحواس التي أنعم الله بها على عباده ، وهذه الحاسة تبدأ في التكون من الشهر الثالث في عمر الجنين ، وهذه الحاسة قد تكون متطورة بشكل افضل لدى الكثير من الكائنات الاخرى الا ان ما يميز هذه الحاسة عند البشر هو التواصل اللغوي وفهم الكلام بالاضافة الى الميزة النوعية وهي سماع وتمييز النغمات لذا فمن المهم جدا الكشف المبكر عن هذه الحاسة حتى يمكن تقليل مضاعفات اختلالاتها ومشاكلها الاجتماعية اللاحقة حال حدوثها. والمقصود بذلك ان ضعف السمع ذاته يمكن علاجه في معظم الحالات لكن المضاعفات الاجتماعية المصاحبة من الصعب جدا تداركها كلما تأخر الاكتشاف ومن ثم العلاج. فما هي اسباب ضعف السمع ؟ هناك اسباب عديدة منها ما يكون نتيجة عدم تكون الجهاز السمعي بشكل كامل منذ الولادة وهو ما يؤدي الى صمم حسي عصبي او صمم توصيلي او صمم مختلط اثناء النمو وبالتالي ينشأ ضعف سمعي يؤدي الى تأخر بالنطق والكلام وبالتالي الى تاخر في النمو العقلي والذهني وتخلف مجتمعي. وفي بعض الحالات يكون الجهاز السمعي مكتملا ولكن تحدث مشاكل اثناء الولادة او تتعرض الحامل لبعض الأمراض او مضاعفاتها مثل داء السكري او تسمم الحمل او التهابات فيروسية يصاب بها جنينها ايضا فينتج عن ذلك القضاء على الخلايا الحسية بالاذن الداخلية ومن ثم تدمير حاسة السمع. وهناك اسباب تتعلق بحدوث مشاكل بالولادة تتسبب في ولادة الطفل مبتسرا اي مولودا قبل الميعاد الطبيعي المنتظر للولادة او في المقابل ايضا تتأخر الولادة عن الميعاد المتوقع مما يؤثر في كلا الحالين وبشكل مباشر على الحاسة السمعية. ومن اكثر المشاكل التي تحدث للاطفال حديثي الولادة هو مرض اليرقان او الصفراء الناتج عن تكسر الصفائح الدموية مما يتسبب في ضعف وصول الاكسيجين للمخ وبالتالي للجهاز السمعي مما يؤثر بشكل كامل على السمع وبالتالي النطق والكلام . ونظرا لان الطفل هو النعمة التي انعم الله بها علينا وبما أن مشكلة السمع مشكلة كبرى ومزمنة وتتعاظم بتقدم عمر الطفل ؛ لذا فمن الضروري ان يتبادر لدى الاذهان مبدأ فحص الاطفال حديثي الولادة سمعيا منذ لحظة ولادتهم للتأكد من سلامة حاسة السمع وبالتالي التدخل السريع في حال وجود ضعف للسمع وذلك لمنع تفاقم المشكلة عضويا ونفسيا. ومن الاخبار المفرحة والمبشرة أنه أصبح بالامكان الآن أيضاً قياس سمع الأجنة في بطون امهاتهم أثناء الفحص الدوري للمرأة الحامل بالسونار فأصبح من الممكن التعرف وبشكل جيد عما اذا كان الجنين يستجيب سمعيا أم لا ويدرك هذا المردود الكبير أولئك الامهات اللاتي أنجبن أطفالا ضعاف السمع منذ الولادة وتم تشخيصهم مبكرا والتعامل مع حالاتهم وتحسنت قدراتهم السمعية بسبب التشخيص المبكر والتدخل في الوقت المناسب. ومن الفئات التي يجب ان ينتبهن جيدا الى أهمية الفحص المبكر للسمع لدى الأجنة وحديثي الولادة اولئك اللاتي أنجبن في السابق طفلا يعاني من ضعف السمع منذ الولادة أو أولئك الحوامل اللاتي يعانين من مرض السكري أو ارتفاع ضغط الدم أو يعانين من تسمم الحمل حاليا أو سابقا حيث سيساعد هذا الفحص على زرع الطمأنينة في نفوسهن إذا تم تشخيص حالة الطفل عند ولادته وبالتالي سيتم التدخل سريعا سواء بالسماعات الطبية أو بعملية زرع القوقعة قبل بلوغ الطفل ستة أشهر من عمره اذا لزم الامر. د. محمود شاهين استشاري أمراض السمع والاتزان بمستشفى الأطباء المتحدون