لا شك أن ذكرى البيعة التاسعة تستوجب شكر من أكرمنا بما نحن فيه، فمن نعمه جل وعلا علينا انتماؤنا لهذا الكيان العظيم. وانتسابنا إلى مملكة الإنسانية ومن منن المولى تبارك وتعالى أن بلغنا عهد قائد مؤمن يخاف الله فينا ويحنو علينا حنو الوالد الفخور بأبنائه، الذي اعتاد أن يبدأ خطابه كلما التقاهم : (أنا بخير طالما أنتم بخير) تلك الكلمات لها وقع في نفوس أبنائه فلا غرو أن يكون العشق متبادلا والولاء مستمدا من نبع حنان دفاق ومنسابا من فيض عطاء قائد نذر نفسه لتحقيق سعادة وتطلعات مواطنيه وتحسين حياتهم بفكره الرشيد ورأيه السديد ورؤيته الحكيمة التي ظل أيده الله يقرأ ملامح الحاضر من خلالها بالعين البصيرة بتحديد إيجابيات المسيرة لدعمها ورصد سلبياتها لاجتثاثها من جذورها مستشرفا لوازم بناء الغد الواعد الجميل منقبا عن كل ما يلبي احتياجات المواطن لمستقبل زاهر سعيد. وبهذا الفهم المؤسس المدروس، ركز أيده الله على القضايا التي تهم كل مواطن، فوجه الجهات المختصة لتوفير السكن المناسب لكل متطلع إلى سكن وهيأ الجو المعافى لانطلاق آليات مكافحة البطالة التي يرفضها عهده الرشيد وأنشأ الهيئة الوطنية لاستئصال بؤر الفساد البغيضة (الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد) هكذا تمضي سياسة البناء والنهضة والعطاء في خط متواز مع قوانين الإصلاح والتحديث فاتسمت سياسة العهد الرشيد المتوازنة بشموليتها وقدرتها على دعم وتعزيز مسيرة النهضة التي تشهدها البلاد في كافة الميادين، فقد تميزت الملامح الجادة الواضحة للسنوات التسع الماضية بالكم الهائل للمشروعات الاقتصادية والتنموية العملاقة في مختلف المجالات. علما بأن البنك الدولي قد صنف الاقتصاد السعودي في الترتيب الأول عربيا، كما تبوأت المملكة مكانتها المرموقة والمستحقة بين دول العالم المتقدم سياسيا واقتصاديا وخدميا، مما أهلها لتكون ضمن العشرين دولة الكبرى اقتصاديا في العالم، بعد تعزيز دور المملكة إقليميا وعالميا. فأصبح حضورها في المحافل الدولية أساسيا ووجودها أكثر عمقا وأهمية باعتبارها عنصر الدفع القوي للصوت الإسلامي والعربي في دوائر الحوار العالمي قاطبة. وهكذا يتضح أن لهذا العهد الميمون تأثير واضح وغير مسبوق، حيث أمر القائد المفدى بإنشاء 23 مدينة صناعية اقتصادية على سائر مناطق المملكة ومنها على سبيل المثال لا الحصر (مدينة الملك عبدالله الاقتصادية .. مركز الملك عبدالله المالي .. المدينة العلمية بالمدينةالمنورة) وفي مواقع أخرى غنية بكنوز أرضنا الطيبة، علما بأنه قد تقرر ربط كل تلك المواقع بشبكة سكك حديدية متطورة. كما فتح باب الحوار المفتوح مع المجتمع من خلال مركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني، الذي يناقش ويدرس أهم مشاكل المواطن لإيصالها لولاة الأمر لحلها. كما لا يقف على ذلك بل فتح باب حوار الأديان والتحاور مع الغير لتفهم عقيدتهم وتفهمهم عقيدتنا بطريقة حوارية وليس بطريقة تهجمية، ومن خلال ذلك قام بتأسيس مركز الملك عبدالله بن عبدالعزيز لحوار الأديان في النمسا. إن منجزات السنوات التسع الماضية أكبر من أن تسعها سطور، ولكن يمكننا أن نقرأ بإيجاز بعضها لاسيما الجوانب التي يتطلع لها المواطن باعتبارها من أكبر هواجسه واهتماماته. فأي سعادة للشعوب أهم من ضمان حق تعليم الأبناء وتزويدهم بسلاح العلم في كافة التخصصات التي تحتاجها البلاد، لذا فقد أقدم العهد الرشيد وأنشأ جامعات بلغ مجملها (32 جامعة وكلية ومعهدا) كما زاد عدد المبتعثين في برنامج خادم الحرمين الشريفين فبلغ عددهم 120.000 طالب وطالبة، وذلك لقناعة القائد الملهم بأن البلاد لا تبنى إلا بسواعد أبنائها، لذا فقد تم إنشاء أهم منار من منارات المعرفة والبحث العلمي، المتمثل في جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية شمال جدة. واهتم حادي الركب بالمرأة السعودية التي نالت ثقته أيده الله، فتم تعيين 30 امرأة عضوا في مجلس الشورى، وتحققت لها في هذا العهد الزاهر مكتسبات كانت حلما بعيد المنال. لم تكتف السنوات التسع المباركة بإعادة العافية إلى شرايين الاقتصاد الوطني فحسب بل امتدت أيادي العطاء للخدمات الصحية والنقل والمواصلات والصناعة والكهرباء والمياه والزراعة، فكلها إنجازات عظيمة تميزت بالشمولية والتكامل في بناء الوطن ليكون رقما يشار إليه بالبنان في خارطة العالم المتطلع للقمم والتفوق. وما زال الوطن العزيز يمضي واثق الخطى متجاوزا السقف المعتمد لإنجاز أهداف التنمية ورغم تلك الإنجازات الرائعة فقد ظل القائد يبذل الغالي والنفيس لخدمة الحرمين الشريفين اللذين شهدا توسعة غير مسبوقة في المطاف والمسعى وجسر الجمرات حرصا منه على سلامة ضيوف الرحمن. نسأل الله العلي القدير أن يحفظ قائد المسيرة الظافرة وسمو ولي عهده الأمين وسمو ولي ولي العهد وأن يمدهم بعونه وتوفيقه لمواصلة مشوار النهضة والرقي والتقدم.