أوضحت محاضرة نظمتها غرفة المدينة أن المملكة هي الأولى عربيا في قدرتها على مكافحة غسل الأموال، والعاشرة عالميا من بين أكثر دول العالم تقدما في أساليب المكافحة، وسن التشريعات التي تكبح جماح توسعها وانتشارها. جاء ذلك في المحاضرة التي تحدث فيها طلعت زكي حافظ الأمين العام للجنة الإعلامية للتوعية المصرفية في المصارف السعودية، مبينا أن التوعية هي رأس الرمح في التصدي لهذه الظاهرة الآفة، وأن المواطن هو خط الدفاع الأول للكشف عن هذه الممارسة الخطرة التي تضر بالأمن الاقتصادي، مستشهدا في ذلك بمقولة صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبد العزيز، رحمه الله ، أن المواطن هو رجل الأمن والمدافع الأول عن الوطن. وبين طلعت حافظ أن لجريمة غسل الأموال حالات كثيرة وصور ومداخل وثغرات متعددة يمكن التسلل عبرها لمواعين المال المختلفة، مؤكدا أن ليست المؤسسات الكبيرة والبنوك وحدها المعنية بهذه الظاهرة، وإنما الأفراد كذلك، يمكن أن يكونوا أداة مثالية من حيث يدرون أولا يدرون لتوسيع دائرة الجريمة في إشارة لظاهرة الترميش التي نشر عنها مؤخرا في الصحف. وقال: إن الوقت بات ملائما لإنشاء وحدة لمكافحة غسل الأموال في وزارة التجارة وأن الغرف التجارية عليها مسؤولية كبرى في مكافحة غسل الأموال، بوصفها جهات معنية بأمر القطاع الخاص، ومجتمع المال والأعمال، وأنه من الضرورة بمكان أن تقوم الغرف بوضع آليات لمتابعة هذه الظاهرة وسط قطاع المال والأعمال ومن المهم أن تسعى لبناء كيان يحاكي الإنذار المبكر لكل حركة مشبوهة والإبلاغ عنها لمتابعتها من قبل الجهات المختصة، والتحقق منها بسرية تامة كحالة اشتباه حتى يتثبت الأمر . وأشار طلعت إلى الصور المتعددة لغسل الأموال والجرائم ذات الصلة بها، مثل: تجارة المخدرات، والسرقة من المال العام والخاص، وتجارة الأسلحة، والتهرب الضريبي أو الجمركي، والغش التجاري، وتزييف المنتجات، والقرصنة، والتستر التجاري، والقمار وما إلى ذلك من صور متعددة. وقال: إن العالم شهد عام 2012 نحو 450 مليون عملية احتيال كل 14 ثانية، وأن الجرائم الإلكترونية تكلف العالم أكثر من 400 مليار دولار سنويا، كما أن الخسائر الأولية لجرائم الاحتيال عبر الإنترنت تقدر 31.2 مليار دولار أمريكي، وشدد على أن توسيع دوائر المعرفة بأدوات وحيل ومداخل غسل الأموال هو المهم في هذه المرحلة ولابد من تنمية الشعور بمخاطر هذه الظاهرة، والالتزام بتطبيق التعليمات الصادرة من الأجهزة الإشرافية المتعلقة بمكافحة غسل الأموال . شهدت العديد من المداخلات والأسئلة، حيث استوضح على بن حسن عواري أمين عام الغرفة عن دور الغرف وعما إذا كان دورها مقتصرا على نشر التوعية بمخاطر غسل الأموال أم أن عليها أن تذهب أبعد من ذلك، فأوضح المحاضر أن بسط المعرفة بمخاطر الظاهرة هو المطلوب الأول في هذه المرحلة، ثم التوجه لبناء آلية ومنظومة تساعد على الرقابة والإنذار المبكر، فيما علق صالح النجار رئيس لجنة المسؤولية الاجتماعية في الغرفة على أهمية المحاضرة، مشيرا إلى ضرورة تحسين مستوى المعيشة بشكل عام لدى المواطنين لسد ثغرة الإغراء وخاصة في فئة شباب الأعمال لأنهم أكثر عرضة للإغواء للكسب السريع، وهو يرى أن هذه ثغرة ونافذة كبيرة لدخول الأموال المشبوهة، ولا بد من تسهيل إجراءات التمويل، وإيجاد مصادر كثيرة وحاضنات لتوجيه شباب الأعمال وتوعيتهم ضد هذه الظاهرة، حيث أكد المحاضر على هذه الملاحظة وقال: إن الجهود مبذولة في أكثر من صعيد لتوفير فرص العمل والسعودة، وتحسين الأجور، ووجود العديد من جهات التمويل كل هذه الجهود سوف تسهم في رفع مستوى الوعي في جميع فئات المجتمع خاصة الشباب، الأمر الذي يساعد في مكافحة غسل الأموال .فيما استوضح المهندس كمال القبلي رئيس لجنة المكاتب الهندسية عن كيفية الفصل بين الترميش والبيع الآجل ، وهو ما يقوم به المرمشون، ولكنه ينطوي على الكثير من الحيل لجر المزيد من الضحايا لسرقة أموالهم، وبين أن كل تحرك غير شفاف تصحبه ضبابية في المعلومات، هو مدخل للغش الذي يؤدي في نهاية المطاف إلى الأموال المشبوهة؛ وذلك هو الغموض الذي يلف عمليات الترميش.