قدّر الأمين العام للجنة الإعلام والتوعية المصرفية بالمصارف السعودية طلعت حافظ عدد قضايا الاشتباه بعمليات غسل الأموال في المملكة بنحو 550 قضية خلال أربعة أعوام. وقال حافظ في حديث إلى «الحياة» على هامش محاضرة له عن غسل الأموال نظمتها الغرفة التجارية الصناعية في المدينةالمنورة مساء أول من أمس: «نحن في السعودية لا نعيش ظاهرة غسل الأموال، بل تأتي السعودية في المركز الأول عربياً في مجال مكافحة غسل الأموال بحسب تقويمَي مجموعة العمل المالي (فاتف) في الفترة من 2003 إلى 2010، غير أن التقرير الثاني للمجموعة قدّر حجم القضايا التي اشتبه فيها بأنها عمليات غسل أموال في المملكة ب550 قضية في الفترة من 2004 إلى 2008، ما يعني أن وضع الاقتصاد السعودي جيد ومطمئن إذا ما ربط حجم عمليات الاشتباه بغسل الأموال بحجم الاقتصاد السعودي كأكبر الاقتصادات العربية». وأكد أن جهود المملكة الحثيثة في مجال مكافحة غسل الأموال جعلتها تتبوأ المركز العاشر عالمياً من بين أكثر دول العالم تقدماً في أساليب المكافحة وسن التشريعات التي تكبح جماح توسعها وانتشارها. وفي محاضرته «غسل الأموال وسبل الوقاية»، ذكر حافظ أن جريمة غسل الأموال في صورها المتعددة باتت تؤرق عدداً من الاقتصادات في العالم، مبيناً أن حجم الأموال المغسولة يقدر ب 300 بليون دولار سنوياً، وتشكل بحسب تقديرات البنك الدولي ما بين 2.5 و5 في المئة من حجم إجمالي الناتج المحلي العالمي. وتابع: «خبراء الجريمة المنظمة في آسيا يقولون إن ما بين 300 و400 بليون دولار من الأموال القذرة يتم تبييضها سنوياً، وهناك عملية احتيال مالي تتم كل 14 ثانية حول العالم، غير أن الأمر المؤلم أن ما لم يتم ضبطه من عمليات غسل الأموال يفوق بكثير ما ضبط، وتعد تجارة المخدرات أبرز نشاطات غسل الأموال». وحول دور وزارة التجارة والغرف التجارية في مكافحة جريمة غسل الأموال، قال حافظ: «آن الأوان لإنشاء وحدة بوزارة التجارة لمكافحة غسل الأموال، إلى جانب أن الغرف التجارية عليها مسؤولية كبرى في مكافحة غسل الأموال بوصفها جهات معنية بأمر القطاع الخاص ومجتمع المال والأعمال». وتابع: «كما أنه من الضروري أن تضع الغرف التجارية آليات لمتابعة هذه الظاهرة وسط قطاع المال والأعمال، وأن تسعى لبناء أنظمة إنذار باكر لكل حركة مشبوهة والإبلاغ عنها، لمتابعتها من الجهات المختصة والتحقق منها بسرية تامة كحالة اشتباه حتى يتثبت الأمر». وأشار إلى الصور المتعددة لغسل الأموال والجرائم ذات الصلة بها، مثل تجارة المخدرات، والسرقة من المال العام والخاص، وتجارة الأسلحة، والتهرب الضريبي أو الجمركي، والغش التجاري، وتزييف المنتجات، والقرصنة، والتستر التجاري، والقمار. وبيّن أن أبرز القطاعات التي ربما تنشأ عنها شبهة عمليات غسل أموال هي المساهمات العقارية وتجارة الذهب والمجوهرات والسيارات الفخمة والأوقاف والصناديق الاستثمارية والمحاماة وقطاع المحاسبين القانونيين. وفي مداخلة لأحد الحضور تساءل عن مهرجانات «مزاين الإبل» التي تباع فيها الناقة بأرقام فلكية إذا ما كانت عمليات غسل أموال، فرد حافظ: «مزاين الإبل أو تجارة البهائم ربما تحدث فيها عمليات غسل أموال، غير أنني لست حكماً في هذا الموضوع، فالجهات الأمنية تتابع عمليات البيع في هذه المهرجانات ومدى مخالفتها، وليس بالضرورة أن يعني بيعها بأرقام خيالية وجود غسل أموال فيها، فهناك لاعب عالمي بيع بعشرات الملايين من الدولارات، وهذا لا يعني بالضرورة أن قيمة عقده الكبيرة عبارة عن عملية غسل أموال». فيما تساءل رئيس لجنة المكاتب الهندسية في غرفة تجارة المدينة المهندس كمال القبلي في مداخلة له عن كيفية الفصل بين قضية «الترميش» التي انتشرت أخيراً والبيع الآجل المباح شرعاً على رغم تطابقهما في طريقة البيع، فأوضح حافظ أن «الترميش ظاهرة حلال في شكلها الظاهر وهو البيع بأجل، ولكنه ينطوي على الكثير من الحيل لجر المزيد من الضحايا لسرقة أموالهم». ونوّه إلى أن كل تحرك غير شفاف تصحبه ضبابية في المعلومات والمصادر هو مدخل للغش الذي يؤدي في نهاية المطاف إلى الأموال المشبوهة، وذلك هو الغموض الذي يلف عمليات «الترميش» التي تقوم على شراء السلع بغير أسعارها الحقيقية وبيعها أيضاً.