دعا الوزير رشيد درباس وزير الشؤون الاجتماعية، والمسؤول عن ملف النازحين السوريين في الحكومة اللبنانية في حوار مع «عكاظ» إلى إقامة مخيمات لجوء للنازحين السوريين بين نقطتي الحدود اللبنانية والسورية في المصنع وجديدة يابوس، مثمنا دور المملكة الفاعل في دعم اللاجئين السوريين. وأضاف: إن معدل النزوح السوري إلى لبنان يشكل ما يقارب ال 54 بالمئة من مجموع النازحين، أي أننا نتحمل أكثر من نصف الأزمة. فلبنان الأصغر مساحة والأفقر بين الدول التي تستقبل نازحين، لذلك إن كل المقاربات السابقة لم تعد تجدي نفعا للتصدي للأزمة. وحول جدوى الخطة الأمنية في طرابلس، رأى درباس أن الأمر دائما مرهون بإرادة الدولة، مؤكدا أن هيبة الدولة انتصرت في طرابلس، مشيرا إلى أن الكل في لبنان بات يدرك أن لعبة الدماء أصبحت خطيرة جدا.. فإلى تفاصيل الحوار: ما هي خطواتكم كحكومة لمواجهة أزمة اللاجئين السوريين المتفاقمة؟ حقيقة.. لم نرث عن الحكومة السابقة سياسة واضحة تجاه الملف السوري، لأن حل الأزمة آنذاك اعتمد على فرضية أن المسألة ستستغرق أشهرا ويعود بعدها السوريون إلى بلادهم، ولكن بعد ذلك أصبح وجود السوريين الهاربين من القتل عشوائيا ينظم فقط من حيث عدد الداخلين من قبل المفوضية السامية لشؤون اللاجئين بالتعاون مع الأمن العام اللبناني وتم توزيع المساعدات وفقا للمسجلين، إلا أن أزمة اللجوء تتمدد مع استمرار الأزمة في الخلايا اللبنانية حتى أدركنا أن سياسة التجاهل أصبحت تشكل خطرا، وهنا لا بد من الإشارة إلى أن معدل النزوح السوري إلى لبنان يشكل ما يقارب ال 54 بالمئة من مجموع النازحين السوريين، أي أننا نتحمل أكثر من نصف الأزمة. فلبنان الأصغر مساحة والأفقر بين الدول التي تستقبل نازحين، لذلك إن كل المقاربات السابقة لم تعد تجدي نفعا للتصدي للأزمة، وعلى الحكومة الحالية انتهاج سياسية واضحة تبدأ بتنظيم الدخول إلى لبنان مرورا بتدخلها وإشرافها على المساعدات الدولية وانتهاء بإيجاد أماكن استقبال. بالإضافة إلى اعتماد أسلوب الإصرار على المجتمع الدولي ليضغط من أجل إقامة مراكز استقبال في المناطق الفاصلة بين الحدودين من المصنع إلى جديدة يابوس كونها مناطق شاسعة وخالية، والضغط من أجل جعلها مناطق آمنة. لماذا يرفض المجتمع الدولي إقامة مثل هذه المراكز للاجئين؟. الحجج التي يعطيها المجتمع الدولي غير مقنعة، فهو يتذرع بالأمن، فهم يخشون أن تصيب القذائف السورية النازحين ولكنني أجيبهم أن المدفع السوري الذي يستطيع أن يصيب على بعد ثلاثة كيلومترات يستطيع استهداف كل لبنان، وإننا لا نملك سلاح دفاع جوي وبإمكان الطائرات السورية أن تدخل أراضينا.. ونحن نرى بأن هذه المراكز من شأنها أن تخفف الآثار السلبية التي يتحملها لبنان وحده وبالدرجة الأولى قبل أي دولة مجاورة، لذا سنقرع كل نواقيس الخطر أمام المجتمع الدولي والعربي والمنظمات الدولية والدول المانحة. وكذلك سندعو الحكومة اللبنانية إلى إنشاء مراكز استقبال لائقة على شكل مخيمات مصغرة تضم مساكن جاهزة خاصة أننا أمام دخول نازح في كل دقيقة. فكم سيكون العدد على مدى الأربع والعشرين ساعة؟، يجب أن ننظر إلى وضع لبنان كم بإمكانه أن يستوعب نازحين. هل تعتقد أن الحكومة السابقة أخطأت بعدم موافقتها على إنشاء مخيم للاجئين السوريين أسوة بمخيمات تركيا والأردن، ولماذا اعترض حزب الله على إنشائها آنذاك؟. لن أدخل بمسألة إن كان هناك اعتراض أم لا. نحن اليوم كحكومة مسؤولة علينا مسؤولية تنظيم ملف النزوح، وأقول للمتخوفين من قضية توطين جديدة قد تطرح في لبنان، إن هذا الطرح وهذه المخاوف غير صحيحة وليست في مكانها، فالسوري لن يفضل لبنان بمساحته الضيقة واقتصاده الضعيف حاليا على بلده الذي سيعاد إعماره، أضف إلى ذلك المغريات أمام السوري بحيث سيتحول بلده إلى ورشة عمل وربما ينزح اللبنانيون إلى سوريا للمشاركة في هذه الورشة. ما هو تقييمك لمساهمة المملكة في هذه القضية؟. نحن نثمن دور المملكة ونحمد الله أن هناك دولة شقيقة تتحسس المسؤولية الكبيرة التي تقع على عاتق لبنان وبمجرد أن تتبلور رؤية لبنان السياسية باتجاه ملف النازحين سيكون هناك تعاون بين الدولتين الشقيقتين.. ولكل الأشقاء العرب والخليجيين، أقول، نحن شركاء في محنة قومية ونحن من يتحمل العبء الأكبر وبناء عليه نحن نغيث إخوتنا السوريين.. إن المشكلة في موضوع النزوح ليست في ما يقدمه الإخوة العرب المشكلة هي أن الحكومة اللبنانية لم تتخذ حتى اليوم موقفا. وقد اجتمعت في الأيام الماضية بمدير الحملة الشعبية السعودية لإغاثة السوريين في لبنان السيد وليد الجلال وقدم لي ملفا كاملا عن مساهمات الحملة منذ بدء الأزمة وقد أدهشني الجهد المبذول في كل المناطق اللبنانية لإغاثة النازحين والسخاء في إغاثتهم، ونحن نعول على مثل هذه المساعدات. من موقعك كقانوني بالدرجة الأولى، هناك ممارسات عنصرية ضد النازحين السوريين من قبل بعض البلديات وتصاريح السياسيين. كمسؤول رئيسي بمعالجة ملف النازحين هل سيكون لكم موقف في هذا الإطار؟. نحن لا نرضى أن نكون عنصريين، ولكن المجتمع اللبناني يتحمل أكثر من قدرته على التحمل، وإن رفع صوته بوجه أحد، فهو صوت الألم وليس بالضرورة مذمة. وأنا أوجه لوما لأمين عام الائتلاف السوري المعارض بدر الجاموس الذي وجه إلى الحكومة اللبنانية رسالة مفادها أنها تمارس سياسة عنصرية ضد النازحين، وأقول إنني اعتبرت تصريحه موجها لي شخصيا كوني مسؤولا عن الملف بشكل مباشر. ننتقل إلى الملف اللبناني الداخلي.. هناك من يصف الخطة الأمنية في طرابلس بالمسرحية وهناك من ينتقدها؟. عندما تزال كل المتاريس وتصدر مذكرات توقيف بكل المتورطين والمخلين بأمن المدينة والمداهمات التي مازالت مستمرة، هل كل ما يجري هو مشهد من مسرحية. أعتقد أن المشككين في الخطة الأمنية لا يريدون خيرا بالمدينة ويريدون العودة بها إلى ما كانت عليه خلال خمس سنوات مضت. نقول للبنانيين إن زمن صناديق البريد المتبادلة قد انتهى وانتهى معها ما كان يسمى وهما بخطوط التماس ومحاور القتال. هل تعتقد أن هذه الخطة نجحت وكافية؟. هذه الخطة ليست كافية لاستتباب الأمن ولا بد من إطلاق الجولة الواحدة والعشرين وهي عبارة عن ورشة اقتصادية تعيد إلى طرابلس رونقها وحيويتها لجهة التجارة والصناعة وتفعيل المعرض والمرفأ وبقية المرافق الأخرى. أما فيما يتعلق بنجاحها، فالأمر دائما مرهون بإرادة الدولة، وكان واضحا أن هيبة الدولة انتصرت في طرابلس، فالدولة هي من تغيب هيبتها، وهي من تفرضها وهذه الهيبة كانت بحاجة إلى قرار سياسي فرضته الحكومة الحالية الأمر الذي كان غائبا في عهد الحكومة السابقة. عدا أن اللاعبين باتوا يدركون أن لعبة الدماء أصبحت خطيرة جدا. كيف تقيمون الاستحقاق الرئاسي المقبل؟. نتأمل أن يصار إلى انتخاب رئيس جديد في الموعد الدستوري، لأن اللعب في المواعيد الدستورية هو كاللعب بقوانين الطبيعة التي حين يختل نظامها تنسحب آثارها على البيئة والحياة برمتها، وذلك ما يعني أن أي خلل يصيب الموعد الدستوري لانتخاب رئيس، سيترك تداعياته على البيئة السياسية في لبنان..