نسمع هذه الأيام بين الفينة والأخرى احتمال تطبيق ما يمكن تسميته تدوير المرشدين الطلابيين بين المدارس ومعنى ذلك ببساطة أن يفرض على كل مرشد طلابي أمضى في مدرسته ست سنوات فأكثر أن يتم نقله إلى أي مدرسة أخرى سواء كان راغبا أو مرغما مقتنعا أو غير مقتنع فرحا أم حزينا المهم أنه «ينقل من مدرسته وخلاص» فلا استثناء في ذلك لأحد، وهذا الأمر أثار في نفسي العديد من التساؤلات التي هي مستقاة من داخل أروقة الميدان التربوي نفسه ومن رجاله الذين هم في المدارس يعيشون الوضع على حقيقته ومطلعون على خفاياه بالإضافة لأولياء الأمور وأبنائهم الذين هم في الحقيقة معنيون بشكل مباشر كأكثر الفئات تعاملا مع المرشد الطلابي، وكان التساؤل الأول لماذا تدوير المرشدين الطلابيين؟ أما التساؤل الثاني لماذا هذا القرار لا يصدر من الوزارة لجميع المرشدين في المملكة؟ ولعلي أبدأ بالإيجابيات التي منها تغيير بيئة تربوية لمرشدي الطلاب ونقل وتبادل خبرات مختلفة. بينما السلبيات هي أن المرشد الطلابي لن يكون في حالة نفسية جيدة ما سينعكس سلبا على طلابه الجدد لأن فاقد الشيء لا يعطيه فضلا عن تأثر طلابه في مدرسته السابقة، كذلك المرشد الطلابي يعتبر دينمو المدرسة وهمزة الوصل بين كل من له علاقة بالطالب من معلمين وإداريين وأولياء أمور فضلا عن أن المرشد الطلابي في مدرسته قد أوجد له قاعدة بيانات تزخر بالمعلومات الهامة التي بعضها سري قد لا يطلع عليه حتى مدير المدرسة والتي تمس أمور الطلاب الصحية والنفسية والاجتماعية والاقتصادية والتربوية وهذه كلها لم يعرفها المرشد الطلابي في مدرسته في أيام معدودة بل هو جهد جبار مضن أمضاه خلال سنوات وجودة في مدرسته ثم يأتي مثل هذا القرار لينسف كل تلك الجهود ومعها قاعدة البيانات التي تعب عليها ليبدأ من جديد بإحداث ذلك في مدرسة جديدة أخرى وما إن ينشئ قاعدة بيانات جديدة في مدرسته الجديدة إلا وتجده قد استعد للرحيل إلى مرحلة التدوير الجديدة وهكذا تهدر الجهود والطاقات وتختزل في ما نسميه التدوير الذي ضرره -لا سيما على الطلاب- أكثر من نفعه. كذلك هناك نقطة هامة وهي أن الكثير من المرشدين توجد في مدارسهم فصول دمج لطلاب التربية الخاصة وهؤلاء المرشدون تلقوا دورات تدريبية مكثفة وحضروا لقاءات واجتماعات حتى باتوا مؤهلين تأهيلا كبيرا للتعامل مع هذه الفئة الغالية المحتاجة لأناس متخصصين أو على الأقل متدربين وذوي خبرة فهل بالسهل التفريط في هؤلاء واستبدالهم بكادر جديد يحتاجون إلى تأهيل وتدريب من الصفر؟