صاحب الاقبال على برنامج الدعم السكني الذي اطلقته وزارة الاسكان الاسبوع الماضي حالة من التشكك والتساؤل ، الى جانب العقبات التي اكتنفت التسجيل في البرنامج. فرغم حملة الوزارة الاعلانية للتعريف بالبرناج، الا انها لم تتطرق لتساؤلات عدة، واهمها: كيف سيتم احتساب الاولوية للمتقدمين او للمعلنة اسماؤهم في صندوق التنمية العقاري، وماذا عن من تملك عقارا استثماريا لا يصلح للسكن، ولماذا الالزام بتعبئة الكثير من البيانات والتي يختصرها تسجيل رقم السجل المدني للمتقدمين، وكيف سيتم استقطاع الاقساط السكنية من المتقاعدين وذوي الدخل المحدود. ناهيك عن السؤال الاكثر الحاحا والذي تثور منه الشكوك حول جدوى برنامج الدعم السكني، الا وهو: ماهي الآلية المحددة لتنفيذ البرنامج وفق اطار زمني معلوم، ام ان البرنامج برمته سيذهب ادراج برنامج القرض والارض الذي رعته الوزارة قبل سنوات. في البدء أشار المطور العقاري المهندس عبدالمنعم مراد، ان برنامج الدعم السكني في طور جمع المعلومات عن المحتاجين للسكن، وقال: «كل برنامج يبدأ بجمع المعلومة الصحيحة هو جيد بلا شك وينبئ بالنجاح، بخلاف ما كان في السابق، حيث كان يقتصر على حصر عدد المتقدمين للصندوق العقاري دون حصر المحتاجين للسكن، وبخلاف ما كان ايضا في الامس القريب، حين اعلن عن برنامج ارض وقرض وهو البرنامج الذي استثنى المبتعثون للخارج، برغم حاجتهم للسكن اسوة بباقي الموطنين، بل انهم كانوا الاكثر حاجة للسكن وللشعور بالانتماء الوطني وهم يعيشون في الغربة». واضاف مراد: «ان ما شرعت في وزارة الاسكان من خلال برنامجها الدعم السكني مهم جدا لمعرفة الاحتياج الفعلي لطلبات السوق، والتي لن تتمكن الوزارة من الايفاء بها خلال الاربعة والعشرين شهرا القادمة». وقال: «كما ان الوزارة بحاجة الى المعلومة الصحيحة من قبل الموطن المتقدم لبرنامج الدعم السكني، فللمواطن الحق في الحصول على المعلومة الصحيحة من الوزارة، كتحديد مواقع الاسكان التي بدء العمل في تطويرها، ومتى سيتم توزيع الوحدات السكنية على المواطنين، والتعامل مع كافة التساؤلات التي تتبادر للمواطن بمنتهى الشفافية والوضوح». واضاف مراد «خادم الحرمين الشريفين دائما ما يؤكد على مسؤولي الدولة على تقديم كافة الخدمات للمواطنين، وسماع شكواهم، فمن المهم في هذا الوقت الذي ترعى فيه وزارة الاسكان مشروع الدعم السكني، ان تقدم للمواطن المعلومة الصحيحة عن هذا المشروع، وماهو الحيز الزمني الذي يمكن للمواطن فيه التملك». حالة ترقب نائب رئيس اللجنة العقارية في غرفة جدة عوض الدوسي قال من جانبه: «ان برنامج الدعم السكني تسبب في تشتيت اذهان المواطنين سواء من تقدم منهم على البرنامج ام لا، الى جانب اثار اهتمام تجار العقار، وجعلهم يترقبون ما سيسفر عن البرنامج وجهود وزارة الاسكان في حلحلة مشكلة الاسكان». واضاف: «اصبحت وزارة الاسكان المنافس الوحيد لتجار العقار، بل ان اطلاق برنامج الدعم السكني تسبب في ركود سوق العقار جزئيا، حيث قلت حركة الشراء في السوق، واصبح المواطنون والتجار على حد سواء ينتظرون وضوح الصورة التي ستظهر بها اسعار العقار مع بدء توزيع المنتجات والقروض العقارية على المواطنين». ونوه الدوسي الى أن جهود وزير الاسكان الدكتور شويش الضويحي اصطدمت في بادئ الامر بعدم وجود الاراضي لمشروعات الوزارة، الا انها تكللت في النهاية بالحصول على العديد من الاراضي الشاسعة وفي مختلف المناطق، ومنها مدينة جدة التي تم استعادة 280 مليون متر مربع من الاراضي البيضاء. وقال: «وزارة الاسكان تعمل وفق نظرة بعيدة المدى، واجد انها من سينافس تجار العقار وستعمل على تخفيض اسعار السوق العقارية، الا ان الوزارة بحاجة الى المعلومة الصحيحة من مختلف جهات الدولة، للعمل على ايصال السكن الى مستحقيه من المواطنين». واستدرك الدوسي قائلا: «كنت اتمنى لو قامت وزارة الاسكان بتطوير المنح السكنية، وتطبيق الرسوم على الاراضي البيضاء مقابل تقديم الخدمات الاساسية في تلك الاراضي، فان ذلك سيتسبب بوفرة كبيرة من الاراضي وبأسعار ستكون في متناول الجميع». واضاف: «كما ان موقع وزارة الاسكان في الشبكة العنكبوتية لم تتوفر فيه الاجابات على تساؤلات المواطنين بشأن بر نامج الدعم الاسكاني، لاسيما تساؤلات محدودي الدخل عن كيفية سدادهم لاقساط المساكن في حالة توزيعها». ونوه الدوسي الى أن مشروع الدعم السكني يفتقد المعلومة الواضحة لتساؤلات المواطنين.. خاصة وان هناك قرابة الستمائة ألف مواطن لا يزالون في قائمة انتظار الصندوق العقاري.. فماهي الآلية الواضحة تماما عن كيفية استيعاب هذا العدد الضخم في برنامج الدعم الاسكاني. ..وتفاؤل بدوره أكد الرئيس السابق للجنة المقاولين في غرفة جدة المهندس عبدالعزيز حنفي، على حالة التفاؤل التي سادت الاعلان عن بدء التسجيل في برنامج الدعم الاسكاني، وقال: «حالة التفاؤل السائدة عكسها الاقبال الكبير على التسجيل والذي قدر بنصف مليون مواطن تقريبا قاموا بالتسجيل في البرنامج منذ اليوم الاول، الا انني شخصيا لست متفائلا برغم هذه الهالة من التفاؤل، بسبب ما اعلنته وزراة الاسكان مؤخرا عن الانتهاء من بناء تسعة آلاف وحدة اسكان في احدى المناطق، وهو عدد قليل جدا من الوحدات لا يوازي ما رصد للوزارة من امكانات». واضاف حنفي: «ولذا يتطلب من وزارة الاسكان اسناد مهام التنفيد للوحدات السكنية الى القطاع الخاص، والبدء باجراءات صارمة وجريئة لإعطاء المستحقين للمسكن المناسب، بالاضافة الى استبيان آراء المواطنين حيال مشروع الدعم الاسكاني لسد أي ثغرات في احتياجات المواطنين للمساكن والتي تسعى الوزارة لتلبيتها». الواقع غير وبرغم حالة الترقب التي تسود السوق العقاري خوفا من انهيار سوق العقار، وجو التفاؤل السائد بامتلاك الواحدات السكنية من قبل المواطنين، اكد المستثمر العقاري المهندس احمد الفقيه، ان اسعار السوق العقارية لن تحد منها مشاريع وزارة الاسكان لكونها تخضع لقانون العرض والطلب والذي ترتهن له اسعار كافة السلع والخدمات، وقال: «مشروعات وزارة الاسكان لن تؤثر على اسعار العقارات، فالقانون التجاري (العرض والطلب) هو ما يحدد كافة الاسعار بما في ذلك الوحدات السكنية، وفي هذا السياق اعيد تصريح وزير الاسكان لصحيفة الحياة مؤخرا، ومفاده بأن الطلب على المساكن يبلغ مليون ومئة الف وحدة سكنية، وهو الامر الذي اكدته استطلاعات عدد من الشركات العقارية العاملة في السوق السعودية، ولمعالجة هذا العجز الواضح في مواجهة طلبات المواطنين من الوحدات السكنية، اختارت وزارة الاسكان الحل الاسهل -في نظري- الا وهو اللجوء الى التصريحات الاعلامية وبناء سور من الورود يحيط ببوابة وزارة الاسكان عند اطلاقها مشروع الدعم الاسكاني». واضاف الفقيه: «وزير الاسكان صرح في شهر شوال الماضي ان وزارته وقعت عقدا مدته 24 شهرا مع عدد من المقاولين لتطوير مجموعة من الاراضي في مدينة جدة، تتضمن البنى التحتية: شبكات الصرف والمياه والسيول الى جانب الارصفة والانارة، فاذا كانت الوزارة تحتاج مدة زمنية قوامها سنتان لتطوير اراضي بيضاء وتهيئتها للبناء، فكيف باستطاعتها تلبية طلبات المواطنين وخاصة من الوحدات السكنية في مدة اقبل من ذلك، فضلا عن ان الوزارة تناست عمدا بناء 500 ألف وحدة سكنية الذي اعلن عنه عند انشاء الوزارة، واستبدلته ببرنامج ارض وقرض، وفي اعتقادي اجد العذر لوزارة الاسكان فهي لا تعدو عن مظلة تشريعية تقوم بتحفيز سوق العقار والمطورين العقاريين نحو عملية البناء، كما هو الحال بالنسبة لهيئة سوق المال ودورها نحو سوق الاسهم، لكن الاشكال والالتباس التي وقعت فيه وزارة الاسكان هو قيامها بدور المقاول والمطور، في محاولة منها لايصال خدمة السكن للمواطن». وأشار الفقيه الى ان اسعار السوق العقارية ستراوح مكانها، مؤكدا ان وزارة الاسكان ما تنتهي من تطوير الاراضي السكنية خلال السنتين القادمتين، ستقوم بعدها بإعطاء المواطن القرض العقاري البالغ «500» ألف ريال، وهو امر لن يسهم في خفض اسعار العقارات، بل ربما زيادتها. وقال: «لو ضربنا مثلا بمشروعات وزارة الاسكان في محافظة جدة والمتمثلة في مشروعي المطار القديم وجنوب شرق المحافظة، ستجد ان المشروع وفق ما اعلن 15 الف مواطن، وهو معني اقراضهم بنحو 7.5 مليار ريال في وقت متزامن، وهو ما سيوجه السيولة الى سوق الاسكان، ومن ثم سيزيد من اسعار مواد البناء، واجرة العمالة، وهو مثال يؤكد الى ماستذهب اليه الاسعار مستقبلا، وعلى التحدي الذي ستواجهه وزارة الاسكان في الفترة القادمة». والمح الفقيه الى أن مخصصات وزارة الاسكان والبالغة 250 مليار ريال غير كافية لمشروعات الاسكان على مستوى المملكة، منوها الى ان وزير الاسكان المصري في تصريح له لصحيفة الشرق الاوسط بتاريخ 2/3/2014 ، قدر كلفة بناء مليون وحدة سكنية بمبلغ 90 مليار دولار في مصر، والتي تتوفر بها العمالة والمواد الاولية الرخيصة قياسا بالسوق السعودية. مضيفا «وقياسا على ذلك.. وبعملية حسابية بسيطة ستجد ان بناء 500 الف وحدة سكنية في مختلف محافظات المملكة سيكلف ما قيمته 2 تريليون ريال.. ولكي تخرج وزارة الاسكان من هذا المأزق عليها اسناد امر البناء والتطوير للقطاع الخاص وفق آلية منظمة، يستفيد منها المواطن وتشرف عليها الوزارة، وهو امر معمول به في كثير من الدول المتقدمة، لاسيما بريطانيا». وشدد الفقيه على اهمية اعطاء الفرصة للقطاع الخاص في حل مشكلة الاسكان، وعلى ضرورة اعطاء وزارة الاسكان المعلومة الصحيحة للمواطنين مع انطلاقة مشروع الدعم السكني، وقال: «هناك تضارب واضح في بعض تصريحات وزارة الاسكان، فمثلا وزير الاسكان قد صرح مؤخرا في برنامج الثامنة بقناة ام بي سي، ان الوزارة ستقوم بتطوير 5 ملايين متر مربع في مدينة الرياض خلال ستة اشهر، وهي معلومة يدرك معظم المطورين العقاريين انها غير صحيحة، ينفيها تصريح الوزير نفسه الذي قال في وقت سابق انه وقع على عقود تطوير لبعض الاراضي في مدينة جدة، تتم خلال 24 شهرا!!». آراء المواطنين وفي استطلاع لآراء بعض المواطنين، لمست «عكاظ» حالة من عدم الاكتراث والاهتمام لما سيسفر عنه مشروع الدعم السكني، برغم تسجيل البعض في البرنامج. وقال مازن الشريف: «حقيقة حتى الان لم اقم بالتسجيل في برنامج الدعم السكني، فلدي انطباع ان مشكلة الاسكان اكبر بكثير من حلول البرنامج المطروحة، لكنني ومع ذلك سأقوم بالتسجيل في البرنامج لاحقا، لاسيما وان والدي من اوائل من قاموا بالتسجيل». ويشير محمد محسن بانقيضة الى قيامه بالتسجيل مبكرا في برنامج الدعم السكني، لكنه لا يعول الكثير على البرنامج، وقال: «في السابق قمت بالتسجيل في برنامج ارض وقرض، وهاأنذا اقوم بالتسجيل في برنامج الدعم السكني، ولا ادري هل سأعطى الارض.. ام القرض.. ام الارض والقرض.. ام وحدة سكنية، ام سيطول الانتظار، لكن الأمل في الله». ويتساءل ابراهيم منديلي، عن الجدوى التي سيجنيها اذا تملك وحدة سكنية خارج النطاق العمراني، او تبعد كثيرا عن مقر عمله في مدينة جدة، وقال: «لدي تساؤلات كثيرة عن برنامج الدعم السكني، لكنني اجد ان اهمها هل سيراعي البرنامج ظروف المواطن والتي منها القرب من العمل والمدارس.. والخدمات الاساسية». ويؤكد احمد الشريف، الى ان برنامج الدعم السكني لا يحظى باهتمامه، مشيرا الى انه يسكن مع والده، وقال: «اريد اولا وظيفة تتلاءم مع مؤهلاتي، ارتكز عليها بعد توفيق الله في بناء أسرة، وبعد ذلك .. سأنظر الى ما سيسفر عنه برنامج الدعم السكني».