مابين القاعات الدراسية بالكلية التقنية بالأحساء ومحل بيع الإطارات يقضي يومه في الصباح طالبا للعلم وفي المساء باحثا عن الرزق والكسب الحلال، يُقبل على دروسه بجهد واجتهاد ويقابل زبائنه بابتسامة وسعة صدر. عيسى صالح الأحمد 26 عاما، اختار أن يعمل في وظيفة من النادر أن تجد شابا سعوديا في هذه المهنة فقد استحوذ عليها العمالة الوافدة، إلا أن هذا الشاب كسر القاعدة والروتين وتخطى حاجز العيب وعبارة (هذا العمل لا يناسبني). ويتحدث عيسى قائلا «كان الشعور بالمسؤولية وحب الاعتماد على الذات عندي من الصغر، ورغم أن والدي لم يجبرني على العمل ووفر لي ولإخواني كل ما نحتاجه إلا أني اُصر على العمل لكي يكون لدي دخل خاص بي، وبالفعل بدأت بالعمل في محل بيع وتغيير الإطارات منذ أن كُنت في المرحلة المتوسطة وعمري 15 سنة، فبعد أن انتهى دوام المدرسة وبدل أن أذهب إلى الملعب أو أن أقضي وقتي فيما لا ينفع كنت أحرص على الذهاب إلى المحل مع العمال أو مع أحد من المارة»، ويضيف «في البداية كنت أواجه صعوبات منها التوفيق بين الدراسة والعمل، المواصلات، التعامل مع العمال في المحل خاصة أني صغير في السن، وطبيعة العمل التي تحتاج إلى قوة وهمة وجسما قويا لكن بفضل الله والعزيمة والإرادة تخطيت كل هذه العقبات، والآن مضى لي في العمل أكثر من 10 سنوات والأمور تسير من حسن إلى الأحسن من جهة الدراسة وفي العمل، في الدراسة على وشك التخرج من الكلية التقنية تخصص حاسب آلي شبكات، وفي العمل الآن نائب مدير أحد الفروع بعد أن كنت عاملا صغيرا فيه». بابتسامة يتحدث الشاب عيسى عن المواقف المشجعة والداعمة له من الزبائن قائلا: أتذكر عندما بدأت في سن مبكرة العمل كنت اشاهد علامات التعجب والاستغراب على وجوده الزبائن، لكن للأمانة تلقيت من المواطنين الدعم والتشجيع والحوافز ورفع المعنويات وبعضهم كان يعطيني مبلغا ويقول هذا خاص بك». ويرجع عيسى سبب اختياره تخصص حاسب آلي شبكات في الكلية وهو بعيد عن طبيعة عمله إلى أنه يدرسه رغبة وفي نفس الوقت أن تكون دراسته في الصباح ذهنية لكي يدخر الجهد البدني في عمله الذي يبدأ من الساعة الرابعة عصرا وحتى العاشرة والنصف ليلا. ويحلم الشاب عيسى الأحمد أن يحصل بعد التخرج على وظيفة ذات دخل جيد في نفس التخصص وأن يُكون له مشروع في المهنة التي أحبها منذ الصغر ويفتح محلا خاصا به لبيع الإطارات، داعيا شباب الوطن بأن يُشمروا عن سواعدهم وأن يعملوا في كل مجال وأن يتغاضوا عن ثقافة العيب.