رحلة الألف ميل لأهالي قرية الثعالبة جنوبي جدة تبدأ بصرخة، وتنتهي بشكوى قد تتعثر لدى جهات الاختصاص، فشاحنات الصرف الصحي تزكم أنوفهم خلال تفريغها للمخلفات البشرية في المرمى الواقع خلف القرية، فيما تؤرق أحواش «السكراب» وحظائر الأغنام مضاجعهم ليل نهار. «عكاظ الأسبوعية» نفذت جولة ميدانية على القرية ورصدت حزمة من المشكلات التي يعاني منها سكان القرية أبرزها نقص وقلة الخدمات البلدية وكابوس الأحواش علاوة على روائح تجمعات مياه الصرف الصحي التي تنبعث من المصب الملاصق للقرية، والتقت مع عدد من الأهالي الذين أبدوا استياءهم من الوضع المتردي الذين يعيشون، حيث أوضح المواطن محمد الثعلبي أن أمانة محافظة جدة تتجاهل منذ مدة مطالبهم الخاصة بإعادة النظر في موقع مصب مياه الصرف الصحي المجاور لقريتهم والذي يهدد صحتهم وصحة أبنائهم. وأضاف الثعلبي، تسببت الروائح الكريهة للأهالي في أمراض مزمنة أبرزها الربو المنتشر بين أغلب الأطفال في القرية، مؤكدا خطورة المصب بجوار القرية ليس على المستوى البيئي، بل بات يهدد جميع السكان، مستغربا وجوده أصلاً في الموقع وعدم نقله لمكان آخر رغم تقدمهم بشكاوى عدة ذهبت جميعها أدراج الرياح على حد قوله. وأردف، مياه الصرف كانت السبب في هجرة عدد كبير من السكان، لخشيتهم على صحة أبنائهم بعد أن عجزوا في إيجاد حلول تنهي معاناتهم مع هذا الوباء الذي أنهك صدور أبنائهم، خاصة بعد ظهور طفح على أجساد الصغار، وهذا نتاج عشرة أعوام من مجاورة المصب. حظائر وأحواش ويبدو أن أهالي قرية الثعالبة موعودون مع الخطر الذي يهدد صحتهم، ولكن يأتي الخطر هذه المرة من بوابة أخرى لا تقل خطورة، فالمنطقة تعج بحظائر الأغنام والتي تنفث روائح ضارة بالصحة، وهنا ذكر المواطن محمد حضيض أن أصحاب الحظائر في حلقة الغنم الرسمية القريبة من القرية يقومون برمي الأغنام النافقة ومخلفات المواشي على قارعة الطريق وفي مدخل القرية، الأمر الذي يراكم من الخطر الذي يحدق بهم بحسب قوله، ويضيف، تقدمنا بشكوى لأكثر من مرة ولكن دون جدوى ونأمل من الجهات المعنية النظر في وضع هذه الحظائر وكذلك مكب الصرف الصحي. عمالة مجهولة وتستمر معاناة الثعالبة، وتختلف مصادر الخطر من موقع لآخر، وهنا يشكو المواطن علي راجف الثعلبي، من كثافة العمالة المجهولة العاملة في أحواش «السكراب» أو حديد الخردة التي تحاصر القرية من كافة الجهات وتفوق 10 أحواش، وبين راجف بأن هذه الأحواش تفتح أبوابها منذ الصباح الباكر ويبدأ معها توافد الشاحنات المحملة بشحنات الحديد الخردة من كافة الأنواع والأحجام، فيما يتوافد الباعة والمشترون للحديد بأعداد كبيرة الأمر الذي حول القرية إلى مرتع ومصدر إزعاج للسكان، ويضيف هناك أحواش تعمل بصفة رسمية بعد حصولها على تصريح من البلدية على حد القائمين عليها، متسائلا في الوقت نفسه عن المسؤول الذي سمح لهم بذلك. خط الموت وعلى جانب القرية ومداخلها يقع الطريق الدولي الرابط بين جدة - جازان ولهذا الطريق قصص أخرى من المأساة، التي تخيط تفاصيلها الشاحنات التي راح ضحيتها كثير ممن يرتاد الطريق المؤدي إلى القرية، وهنا يروي وصل الله الثعلبي أن خط الموت هذا الذي تسلكه الشاحنات المتجهة إلى جازان والعكس والذين يقصدون حلقة الأنعام يمرون بالقرية، وقال «قائدو الشاحنات يتسببون في الكثير من الحوادث المرورية، مطالباً بتحرك إدارة المرور بجدة ووزارة النقل السريع باستحداث المطبات الصناعية على الجزيرة الوسطية إلى جانب الاحتياطات الأخرى»، وختم بالقول «نخشى على أبنائنا الذين يقصدون هذا الطريق خلال ذهابهم أو عودتهم من المدارس». 3 مداخل وفي نفس السياق يروي محمد مطير أن الشاحنات باتت تسبب القلق لسكان قرية الثعالبة بحي الخمرة، وأضاف «تقاطر الشاحنات بهذا العدد وبتعدد وجهاتها أسهم في كثرة الحوادث، كما أن وجود ثلاثة مداخل على الخط تسبب ربكة للسائقين، حيث يقع في البداية مدخل حلقة الأنعام والمؤدية بدورها إلى سوق الصواريخ حيث يستغل هذا المدخل أصحاب الشاحنات لاختصار المسافة إلى جسر الميناء». وزاد، هذا المدخل يشكل المفصل الأول من الخطر الذي يتربص بمرتادي الطريق، مفيدا أن غياب الحواجز الخرسانية أمام المدخل هو السبب الرئيس في وقوع الحوادث المميتة، كما أن أغلب الشاحنات تقصد هذا الطريق للوصول إلى سوق الصواريخ بقصد تنزيل البضائع. تقاذف المسؤولية «عكاظ الأسبوعية» طرحت معاناة سكان قرية الثعالبة، على طاولة مدير عام إدارة المسالخ والنفع بأمانة محافظة جدة الدكتور ناصر الجار الله، الذي بين إبلاغ ملاك الحظائر وأصحاب الأحواش المخالفة بالإزالة، وقال «موضوع حظائر الأنعام وأحواش الخردة برمته أصبح لدى بلدية الجنوب»، إلا أن مدير بلدية الجنوب الفرعية المهندس سعيد القرني، أعاد الكرة مرة أخرة إلى ملعب إدارة أسواق النفع العام بالأمانة بما يختص بحظائر الأنعام، والبلدية مسؤولة عن أحواش السكراب، وقال «البلدية جهة رقابية فقط». وأضاف، «فيما يتعلق بطريق جدة - جازان الدولي قامت إدارة مرور جدة في وقت سابق بتنظيم كامل للطريق المذكور وذلك بوضع الحواجز الخرسانية أمام مدخل سوق الصواريخ المتقاطع مع الطريق الدولي والذي تكثر فيه الحوادث نظرا لاعتراض الشاحنات الخط والاتجاه لمدخل السوق، كما قامت إدارة المرور بعمل ملفات دوران رسمية وذلك لتنظيم خط الذهاب والعودة وذلك للتخفيف من الحوادث».