عندما تعطل تطبيق «الواتساب» الأحد الماضي لأكثر من ثلاث ساعات، توقفت سيول الصور والمقاطع الصوتية والفيديو، واختفت معها مصادر التسلية في الحياة اليومية. استغرب الجميع صمت هواتفهم غير المعتاد وظنوا الحياة قد توقفت خلف شاشاتهم! وقد تتوقع أن الكثيرين قد زاروا أهلهم وأصدقاءهم أو اتصلوا بهم هاتفيا ليطمئنوا أنهم مازالوا على قيد الحياة وأن هواتفهم مازالت على قيد الرنين. لكن الجموع توجهت إلى تويتر لكي تعبر عن ردة فعلها تجاه تعطل الواتساب من خلال هاشتاقات على شاكلة: «تعطل_الواتساب، توقف_الواتساب، الواتساب_معلق، وغيرها..). فراح البعض يعبر عن خيبة أمله بسبب تعطل أعماله ومشاريعه. وسخر البعض الآخر من مؤسس فيسبوك مارك زوكربيرج وشرائه الأخير للواتساب ب19 بليون دولار. فكتب أحدهم أن زوكربيرج أنفق ذلك المبلغ الخيالي في تطبيق لا يعمل، وطلب منه آخر ألا يشتري تويتر حتى لا يتعطل هو الآخر! ونادى الكثيرون بهجر التطبيق واستخدام تطبيقات بديلة مثل «لاين» و «تيليجرام». وجدير بالذكر أن تطبيق «لاين» قد حصد مليوني مستخدم خلال 24 ساعة من تعطل الواتساب. أما تطبيق «تيليجرام» فقد حصد خمسة ملايين مشترك جديد في اليوم التالي لتعطله. إن تعطل الواتساب لم يوقف حياة من يعيشون عليه، بل أعطاهم فرصة اكتشاف تطبيقات بديلة وإدراك أهمية عدم وضع ثقلهم الإلكتروني على جهة واحدة! والأهم من ذلك أنه ساعدهم على السخرية من استخدامهم الهوسي له، ومن ذلك التغريدة التي كثر تناقلها عن الشخص الذي تعرف على أهله بعد تعطل الواتساب وفوجئ بأنهم أناس طيبون! لقد اختُرعت تطبيقات الرسائل الفورية أساسا لتسهيل وتعزيز التواصل الاجتماعي. لكن إذا صار استخدامها لتبعيد القريب وتصعيب السهل بدلا من تقريب البعيد وتسهيل الصعب، فهذا يعني أنها مظهر من مظاهر الانسحاب الاجتماعي الذي يؤكد رفض أفراد المجتمع لمعطيات واقعهم! إذا لم نعترف أننا نرفض واقعنا، فإننا لن نتعرف على أسباب ذلك الرفض، وسنقع فريسة الهرب والقلق وعدم الرضا.