برنار ليفي وجون ماكين.. أينما ظهرا حلت الكارثة وسال الدم. ظهرا في ليبيا وما زالت ليبيا تعاني من العنف والفوضى.. وظهرا في القاهرة وما زالت مصر تعاني الفوضى والإرهاب.. ظهر ليفي في شمال سورية وما زالت سورية تعاني الكارثة العظمى.. وكان ماكين ظهر في العراق الذي ما زال يتضرج في دمائه، وعندما ظهر الاثنان في أوكرانيا كانت تلك شرارة سفك الدماء في تلك البلاد الخضراء الساحرة. ليس هدف ماكين وليفي تحرير الشعوب وإزالة نظم قمعية، بل تدمير القائم، وإحداث فراغ سياسي فوضوي، وتحطيم الجيوش العربية، وتفكيك الدول هو هدفهم في العالم العربي، وإثارة الفتنة بين الشعب الواحد مذهبيا وعرقيا وسياسيا. أما في أوكرانيا فإضافة إلى إثارة الفتنة القومية بين الأقلية الروسية والأغلبية الأكرانية يريدون طعن روسيا في خاصرتها المطلة على البحر الأسود، وكانت أوروبا مترددة منذ البدء في استيعاب أوكرانيا ضمن دائرة الاتحاد الأوروبي لأن تكلفة انضمامها باهظة جدا. فالأزمة الاقتصادية الأوروبية نتجت ضمن أسباب أخرى عن انضمام دول أوروبا الشرقية إلى الاتحاد بفاتورة باهظة من الدعم المالي والاقتصادي لتحسين البنى التحتية، ونقل الاقتصاد الشيوعي إلى الرأسمالي، وتعتبر أوكرانيا أكبر دولة أوروبية شرقية، من حيث عدد السكان وهي ستكلف الغرب مئات المليارات في حالة ضمها إلى الاتحاد الأوروبي. لكن وضع أوكرانيا يختلف عن أية دولة شرقية أخرى بالنسبة لروسيا. فالعلاقات الموروثة بين روسياوأوكرانيا أكبر من أن تنفصم بسرعة، فهناك أقلية روسية تفوق ثلث السكان في أوكرانيا، وهناك أراض في القرم وهبها الشيوعيون إلى أوكرانيا، وهناك علاقات اقتصادية متشابكة منها خط الغاز الروسي، وهناك أيضا قواعد بحرية روسية في البحر الأسود. هذا التعقيد في العلاقات لا يسمح لأوكرانيا بالفكاك بسهولة من مخالب الدب الروسي، ولا يسمح للغرب بالمضي بعيدا في سياسة هضم أوكرانيا بسهولة. فرياح الحرب الباردة تهب مجددا على شرقي أوروبا، طالما أن الأمن الروسي بات في خطر، ولذلك لا عجب أن تكثف روسيا دعمها للنظام في سورية، وتوثق علاقاتها مع النظام العراقي، وستحاول تحييد دول الخليج عبر البوابتين المصرية والإيرانية. وقد يظهر في أوكرانيا تنظيم جاحش ضد الأقلية الروسية، وتنظيم فاحش ضد الأقلية المسلمة ويعلن نكاح الجهاد الأرثوذكسي، ويفرض عليهم الجزية مثلما فعل تنظيم داعش مع المسيحيين في الرقة السورية. عموما دعونا نشهد اغتراب ما يسمى بالربيع أو غروبه، من حيث أتى كثورة برتغالية في أوكرانيا قبل سنوات، فقد أصاب أمتنا منه ما لم يحلم به الد الأعداء.