تعتبر شخصية المهاتما غاندي (2 أكتوبر 1869 - 30 يناير 1948) ملهمة لنهضة الهند الحديثة. فهو بانيها روحيا ومعنويا. قاد التغيير الثقافي عبر تحويل نفسه إلى قدوة وهنا الفرق، لم يكن مثقفا يسوط الناس بالكلام وضرورة التغيير وهو لم يستطع تغيير نفسه، ولذلك فهو من أنصار تغيير الذات، ومن عباراته: «كن أنت التغيير الذي تريده للعالم». كانت هذه الوصفة والتركيبة مناسبة للهند وآتت أكلها مبكرا. بمشاهدة فيلم Gandhi المنتج عام 1982 نرى قصته كما هي، ذلك أن الإنتاج الذي تفوق به الفليم كان بسبب كونه إنتاجا عالميا بين شركات هندية وبريطانية وأمريكية، وعرض لأول مرة في 30 نوفمبر 1982 وحاز الفيلم على ثماني جوائز أوسكار. وبطله الفنان الكبير بن كينغسلي. في سيرته الشخصية يتحدث عن تأثره الثقافي من خلال أعداد من الكتب، وسيرته المشهورة «قصة تجاربي مع الحقيقة» فيها حياته ودراسته في لندن وعمله بجنوب أفريقيا وقراءته للإنجيل والديانات. تأثر بشكل كبير في بلورة فلسفته ومواقفه السياسية بمؤلفات كما يذكر ومنها: «نشيد الطوباوي» وهي عبارة عن ملحمة شعرية هندوسية كتبت في القرن الثالث قبل الميلاد. إضافة إلى «موعظة الجبل» في الإنجيل، وكتاب «حتى الرجل الأخير» للفيلسوف الإنجليزي جون راسكن الذي مجد فيه الروح الجماعية والعمل بكافة أشكاله، وكتاب الأديب الروسي تولستوي «الخلاص في أنفسكم» الذي زاده قناعة بمحاربة المبشرين المسيحيين، وأخيرا كتاب الشاعر الأميركي هنري ديفد ثورو «العصيان المدني». تأثر كثيرا بالتعاليم الروحية، ذات البعد الزاهد، أو القوة الروحية، أو استخدام الطاقة الوجودية الحدسية، وبخاصة بالبراهمانية تلك الممارسة اليومية والدائمة التي تهدف إلى جعل الإنسان يتحكم بكل أهوائه وحواسه. بواسطة الزهد والتنسك وعن طريق الطعام، واللباس، والصيام، والطهارة، والصلاة، والخشوع والتزام الصمت يوم الاثنين من كل أسبوع، وعبر هذه الممارسة يتوصل الإنسان إلى تحرير ذاته قبل أن يستحق تحرير الآخرين. في الهند أتجول وأرى أثر غاندي ذلك الذي قاد التسامح واللاعنف وبحث بصدق عن الحقيقة.