حققت زيارة الأمير سلمان بن عبدالعزيز ولي العهد لليابان أهدافها الاستراتيجية. فالبيان المشترك عكس عمق هذه الشراكة ليس فقط في جوانبها السياسية، بل النفطية والاقتصادية والاستثمارية فضلا عن تنمية الحوار الأمني والفكري. من الواضح أن ملف التعاون في مجال الطاقة بين البلدين كان حاضرا بقوة في المباحثات الرسمية، حيث أكد الجانبان على أهمية استقرار سوق النفط في الأسواق العالمية كما عبر الجانب الياباني عن تقديره لسياسة النفط المتوازنة التي تنتهجها المملكة كمصدر آمن يعتمد عليه في إمداد النفط إلى الأسواق العالمية عامة، والسوق اليابانية خاصة. وأكد الجانب السعودي التزامه الاستمرار بالإمداد المستقر من النفط إلى السوق اليابانية. إن تأكيد الجانبين على أهمية المزيد من التعاون الثنائي في مجال الطاقة الذي يشمل كفاءة الطاقة، وتبادل الخبرات في هذا المجال من خلال المشاورات السعودية اليابانية للطاقة، واستمرار التعاون في التخزين المشترك للبترول، والتعاون في مجالات الطاقة التقليدية، والطاقة البديلة والمتجددة، يعكس مدى انسجام البلدين حيال هذه القضايا الاستراتيجية الهامة وحرصمها على إعطائها دفعة قوية للأمام. ولم تغفل الزيارة التعاون بين القطاعات الخاصة في البلدين، حيث أكد البيان المشترك على ضرورة المزيد من التعاون في الاستثمار المتبادل والمفاوضات البناءة المستمرة حول تشجيع البيئة التجارية، وتنمية الاستثمار الصناعي، ونقل التقنية والبنية التحتية خاصة في مشاريع المترو في المملكة، والتعاون في مجال المياه، ومياه الصرف الصحي بين وزارة الاقتصاد والتجارة والصناعة اليابانية، ووزارة المياه والكهرباء في المملكة. إن لقاء سلمان بن عبدالعزيز مع رئيس الوزراء الياباني شينزو آبي لم يكن لقاء عاديا، ونجحت المباحثات التي أجراها ولي العهد مع آبي في إعطاء دفعة قوية للشراكة الاستراتيجية بين البلدين في جميع المجالات السياسية والاقتصادية والاستثمارية، بالإضافة إلى تنسيق المواقف حيال تطورات الأوضاع في منطقة الشرق الأوسط وبشكل خاص الأزمة السورية، والسبل الكفيلة لإنهاء مأساة الشعب السوري، فضلا عن النقاش المعمق حول مستجدات عملية السلام في الشرق الأوسط، والملف النووي الإيراني، والتطورات الإقليمية والدولية. ومن المؤكد أن المرحلة المقبلة ستشهد مزيدا من التنسيق بين الجانبين حول قضية السلام في الشرق الأوسط خاصة أن البيان المشترك أكد على أن البلدين ملتزمان بسلام عادل ودائم وشامل في الشرق الأوسط طبقا لمبادرة السلام العربية، وقرارات الأممالمتحدة ذات الصلة مشددين على الحاجة لتوحيد الجهود الدولية لدفع عملية السلام إلى الأمام تجاه حل الدولتين الهادف إلى قيام دولة فلسطينية ذات سيادة مستقلة وموحدة وقابلة للحياة. نجاح الزيارة من حيث تحقيق الأهداف، أكدته مصادر يابانية رفيعة في تصرحات ل«عكاظ» التي رأت أنها حققت نجاحا منقطع النظير، خصوصا أن المباحثات شملت جميع القيادات اليابانية، مؤكدة حرص اليابان على التشاور والتنسيق مع المملكة في القضايا ذات الاهتمام المشترك على الصعيدين الإقليمي والدولي لما فيه مصلحة البلدين، وتعزيز دورهما في الحفاظ على الأمن والسلم إقليميا ودوليا.