يمثل حي وادي النمل بمحافظة الطائف، نقطة سوداء في خارطة التنمية والتطور التي تشهدها مدينة الورد، وتحولت بموجبها إلى ورشة عمل تطويرية خاصة بعد موافقة خادم الحرمين الشريفين (حفظه الله) على مشروع المخطط التطويري للطائف الذي يهدف إلى إعداد استراتيجية لتنمية المحافظة. فالحي يشكو من عشوائية ونقص في الخدمات ومنازله الداخلية في معظمها من «الصنادق» الخشبية والأعشاش وتحتضن أعدادا كبيرة من العمالة المخالفة، وبما يتفق مع الخطط الخمسية للمملكة والاستراتيجية العمرانية الوطنية والمخطط الإقليمي والاستراتيجية العشرية لمنطقة مكةالمكرمة. سليمان وجنوده ويعود سبب تلك التسمية (وادي النمل) وفقا لكتب التاريخ وكذلك المؤرخين، أن النبي سليمان عليه السلام مر بجيشه المكون من الجن والإنس، فيما تظلله الطيور بأجنحتها من الحر، قال الله تعالى: (حتى إذا أتوا على وادي النمل قالت نملة يا أيها النمل ادخلوا مساكنكم لا يحطمنكم سليمان وجنوده وهم لا يشعرون).. الآية، فأمرت وحذرت واعتذرت عن سليمان وجنوده بعدم الشعور.. وقد ذكر وهب بن منبه أن النبي سليمان مر وهو على البساط بواد بالطائف وهو وادي النمل وأن هذه النملة كان اسمها جرسا وكانت من قبيلة يقال لها بنو الشيصبان. رواية مختلفة إلا أن المؤرخ المعروف عيسى القصير وفي حديث ل«عكاظ الأسبوعية» لا يؤكد تلك الروايات، مشيرا إلى أن وادي النمل الذي مر عليه النبي سليمان في الشام وليس في الطائف كما يشاع، ويضيف «أغلب الروايات من كبار السن بالمحافظة تشير إلى أن وادي النمل سمي بذلك نظرا لكثرة النمل في الحي»، ويضيف القصير «حي وادي النمل من الأحياء القديمة جدا بالمحافظة، فمنذ عام 1392 وهو عشوائي»، مشيرا إلى أنه شهد بعض التحسينات من أمانة الطائف كالإنارة والترصيف، وسفلتة الشوارع وغيرها، إلا أن الأجزاء الداخلية لازالت تعاني العشوائية من «الصنادق» الخشبية والأعشاش، خاصة أن توزيع الأرض في الحي كان يتم في الزمن البعيد بطريقة (وضع اليد) ومن ثم يتم بيعها بثمن بخس، ما أسهم في زيادة رقعة العشوائيات، وهذا الأمر ربما يكون أحد أسباب تأخر تطوير الحي، مشيرا إلى وجود أحياء جميلة ومتطورة لا تبعد سوى بضعة أمتار عن وادي النمل. لكن جولة «عكاظ الأسبوعية» كشفت وجود عدد من المواطنين المستقرين في منازلهم، منذ زمن، ويعاني بعضهم من مشكلات تملك الصكوك لمنازلهم، وهنا ذكر المواطن معيض الثبيتي أنه لا يعرف سكنا في الطائف غير هذا الحي ويعيش حياة طبيعية ولكننا نشكو الوجود الكثيف للعمالة الوافدة داخل الحي، وقال «نشأنا على هكذا، وتعودنا على ذلك الوضع». من جهته، أوضح المواطن أحمد الزهراني، أن معظم المنازل هنا بحجج ووثائق شرعية تثبت تملكهم للمنازل، ولكن القلق لازال يطارد كثيرا منا، مطالبا الجهات المعنية بالبت في هذه القضية، في حين تناول خالد الحارثي نقص الخدمات في الحي، وقال «لا ننكر أن الوضع اختلف كثيرا عن السابق بعد الإنارة والترصيف، وسفلتة كثير من الشوارع، وبالرغم من ذلك مازلنا بحاجة إلى الكثير من الخدمات، والتنظيم كما وعدت الأمانة»، مؤكدا أن إشكالية الصرف الصحي لازالت مشكلة تؤرق السكان. مشعوذون وسذج وعودا لتلك الرواية التاريخية الشهيرة التي تذكر قصة النبي سليمان مع وادي النمل، والتي كانت سببا في تسمية ذلك الوادي بالنمل.. فالمشعوذون كعادتهم.. استغلوا تلك القيمة (في الرواية) التاريخية والدينية وانتشروا في ذلك الحي ليروجوا بضاعتهم البائرة على بعض السذج الذين للأسف انقادوا خلف تلك الخرافات.. بعد أن تحول الحي مرتعا لمخالفي نظام الإقامة، وشهد في السنوات الماضية مخالفات عدة أبرزها صناعة وترويج الخمور، وساعد على ذلك المنازل الشعبية المتداخلة، ونقص الخدمات والعشوائية. تطوير العشوائيات إلى ذلك، ذكر مدير العلاقات العامة بأمانة الطائف إسماعيل إبراهيم أن الأمانة ماضية في تنفيذ مشروع تطوير الأحياء العشوائية وبدعم من القيادة ومتابعة دؤوبة من إمارة منطقة مكةالمكرمة، التي وضعت الحل النهائي الناجح للعشوائيات بالمنطقة، مؤكدا أن الأمانة انتهت من دراسة متكاملة لظاهرة المناطق العشوائية بالطائف، ومنها وادي النمل.. أسباب نشأتها، نموها وتحديد موقعها على المخطط الإقليمي للمحافظة، مشيرا إلى أن مشروع تطوير الأحياء الذي يشمل 15 حيا داخل الطائف ومنها بالطبع وادي النمل، يمثل ما نسبته 11 في المائة تقريبا من إجمالي مساحة الكتلة العمرانية للطائف والتي تتجاوز 500 كيلومتر مربع تقريبا.