تعد من المهارات الأساسية التي ترتكز عليها النظم الحديثة فهي تسهم في صنع الفرد وتدعم ثقته بنفسه فهي من أهم المعايير التي تقاس بها المجتمعات تقدما أو تخلفا.. حيث تسهم في تكوين الشخصية المبدعة المبتكرة وتشكل الفكر الناقد من خلال استثارة قدرات المتعلم وإثراء خبراته وزيادة معلوماته المعرفية، فهي تعد قاعدة لكل علم وبابا يفتح للفرد ممتلكات الفكر والإبداع.. هي «القراءة» حيث خرجت من مفهومها التقليدي الذي أصبح لا يفي بحاجات العصر إلى القراءة الابتكارية التي تجعل من الكتاب مصدرا للتفكير والإبداع.. غير أن الدراسات أكدت أن هناك 100 مليون عامل عربي سيكونون عاطلين عن العمل في عام 2025م وذلك لأميتهم في حال استمر الأمر على ما هو عليه، مما سيؤثر ذلك على اقتصاد تلك البلدان بالسلب. والمتأمل لواقع المجتمعات العربية ومن يتابع الدراسات والتقارير التي أجريت في السنوات الأخيرة عن واقع القراءة وتأثيرها يدرك التراجع الذي تشهده القراءة في مجتمعاتنا، فضلا عن أن 50% من سكانها لا يقرؤون ولا يكتبون.. ويتضح أن من الأسباب الرئيسية لضعف القراءة في العالم العربي هو الوضع الاقتصادي العالمي المتدهور الذي لا يسمح بشراء الكتب وكذلك انتشار الأمية التي تبلغ أعلى مستوياتها في دول عربية فالناس في أغلب البلدان لا يجدون قوت يومهم لذلك فهم يعتبرون لقمة الخبز أهم من الحرف وصحن الطعام أهم من جملة مفيدة وسلة من المواد الغذائية أهم من مقالة أو عمود في صحيفة.. فالوطن العربي يعاني من قلة القراءة، وكشفت إحصائية أن كل مليون عربي يقرؤون 30 كتابا فقط، فيما كشفت آخر الدراسات أن قراءة الشخص الغربي تضاهي 140 مرة عن نظيره العربي، إذن فالمقارنة تكشف لنا أن وضع القراءة في العالم العربي مزرٍ للغاية، ونحن هنا نتحدث عن القراءة أيا كانت. وهذا مؤشر خطير على الإهمال الذي تناله القراءة في زماننا من أبناء أمة اقرأ التي هي أول كلمة خاطب بها جبريل سيدنا محمد، وفي المقابل نجد الاهتمام الكبير بالقراءة بشتى أنواعها في المجتمعات الغربية وتشجيع الفرد على اقتناء الكتب والمجلات المختلفة.. وهذا الاهتمام تجده عند الفرد الغربي في صور متعددة منها مثلا استغلاله لوقته في تصفح كتاب أو مجلة في كل الأماكن التي فيها انتظار بل وفي أوقات الراحة والاسترخاء.. فوجب على معلمي مدارسنا أن ينصحوا طلابنا بالقراءة، وأن يرشحوا لهم كتبا بعينها تواسي وتصاحب الطلاب خارج مدارسهم، فثقافة «الكتاب صديقي» منتشرة في الغرب فأين نحن منها ؟!. أما هذا الخمول والإهمال الذي يتصف به الكثير من الناس في العالم العربي تجاه القراءة يهدد الأمة، وينذر بحدوث عواقب خطيرة في المستقبل كفقدان الهوية وضياع الموروث التاريخي الأصيل وضمور الأمة عن إنتاج المعرفة والوصول إلى الدرسات العالية في التصنيع وإيجاد القامات العلمية الفاعلة في شتى المجالات، فلماذا نحن أمة لا تقرأ؟! ولماذا لا يكون عندنا هيئة للقراءة؟