قرأت بعض وسائل الإعلام المحلية والأجنبية إحصائية وزارة العدل الأخيرة على طريقة الدكتورة فوزية الدريع!، حيث فهمت مصطلح (المعاشرة الزوجية) باتجاه واحد فقط، وهذا ما دفع الوزارة للإيضاح بأن دعاوى المعاشرة لا تعني إطلاقا تلك المتعلقة بالعلاقة الجنسية بين الزوجين، فسوء المعاشرة يشمل الضرب وعدم القيام بالواجبات الزوجية وهي كثيرة ولا تتوقف عند تلك التي توقفت عندها وسائل الإعلام، كانت وسائل الإعلام سامحها الله من خلال قراءتها الخاطفة للإحصائية تريد أن تقول بأن ثمة مشكلة مستعصية في غرف النوم ولكن حصحص الحق والحمد لله حيث قطع توضيح الوزارة الذي نشرته الوطن أمس الطريق أمام المشككين والمغرضين!. كان من الأفضل لو قرأت وسائل الإعلام الإحصائية بصورتها الحقيقية التي لا تحتاج إلى المزيد من الإثارة، فمعدلات الطلاق والدعاوى المترتبة عليه أمر يبعث على القلق، وأغلب ذلك بسبب سوء المعاشرة وعدم الاكتراث ب(العشرة)، فالعشير هو الصديق أو الرفيق الدائم أو الزوج، وإدارة هذه العلاقة المعقدة ذات التفاصيل الكثيرة تقع مسؤوليته على العشيرين، الحفاظ على استمرار الحياة الزوجية لا يمكن أن يتم وفقا لشروط طرف واحد، والتخلص منها لا يبيح التملص من الالتزامات الكبيرة المترتبة على هذا القرار. كانوا يقولون في ما مضى من الزمان: الزواج ليس لعبة، ولكنه اليوم يتحول للأسف الشديد إلى لعبة مؤذية، فالزوج سيئ المعشر في بداية الزواج لا يمكن أن يقدر العشرة بعد الطلاق والعكس صحيح بالنسبة للزوجة سيئة المعشر لذلك تشهد ساحات المحاكم قصصا مؤلمة لا تخلو من محاولات الإذلال والابتزاز للتنازل عن بعض الحقوق.. وبالطبع ستهون العشرة لأنها لم تكن موجودة من الأساس. ولهذا السبب بالذات (عدم التسريح بإحسان) أصبحنا نشاهد بطاقات دعوة لاحتفالات تقام بمناسبة الحصول على الطلاق! ، وهي ظاهرة غريبة فعلا حيث تضع المرأة اسمها كاملا دون حرج وتدعو الناس للاحتفال معها بتخلصها من فلان بن فلان الفلاني الذي لا شك أنه (طلع روحها) قبل أن يحقق لها حلمها بمفارقته!، أما بالنسبة للنساء المدعوات فإن حفل الطلاق سيكون أجمل من كل دعوات الزواج فحضور مثل هذا الحفل بمثابة العثور على منبع وطني للنميمة، حيث سيكون (الحش) سيد الموقف وسترقص المدعوات على أنغام أغنية راشد الماجد (عشيري)!. من بين الأشياء المثيرة في تلك الإحصائية أن دعاوى (الخلع) في تصاعد ملحوظ، وقد نشرت جريدة الحياة أمس تحقيقا حول المغالاة في قيمة المبلغ الذي ترده المرأة إلى زوجها المخلوع، حيث وجد الكثير من المخلوعين في هذا الأمر فرصة لابتزاز الزوجة حيث لا يكتقي برد المهر بل يضيف مبالغ أخرى تحت بند مصاريف بند الزواج أو تكاليف (العشرة)، وقد أكد خبراء شرعيون أن هذه المشكلة لا يمكن حلها لأن المبلغ يتم تحديده بالتراضي بين الطرفين، وهكذا بعد أن كانت هناك دعوات لتخفيض المهور وأخرى لتخفيض الديات أتوقع أن تظهر دعوات لخفض قيمة الخلع.. وكل ذلك بالطبع بسبب سوء المعاشرة!.